اكتب هذه الرسالة إلى الأخ الرئيس ونحن على أعتاب مرحلة فاصلة في تأريخ اليمن الحديث، كان الأخ الرئيس جزء من هذا التاريخ إن لم يكن جله في ظل حكمه – ما قبل 22 مايو و ما بعده – وكانت له نجاحات كما رافقت مسيرته الكثير من الإخفاقات ، ومرت البلاد في ظل حكمه بالكثير من المحن وتجاوزت جزء منها وترسب بل توطن منها الكثير مولدة في طريقها الشقاء و التراجع للدور اليمني المحلي والإقليمي والدولي، وإن ما تمر به المنطقة العربية لسنا بمنأى عنه وان مؤشرات سيل العرم القادم من تونس يجتاح المنطقة بلا استثناء، وهنا كان لابد من كلمة تقال، حباً وخوفا على اليمن الحبيب، ورسالة إلى حاكمها، قبل فوات الأوان، فحينها لن يجدي انك رب أبلك وللشعب رب يحميه، قالها بن علي ومن بعده مبارك، فتاهت الإبل إن لم تكن هلكت وهلك معها تأريخ وانجازات عشرات السنين بحلوها ومرها.. بثرائها المشروع واللامشروع، بقهرها وظلمها، بتعاليها فوق أنات الشعوب المقهورة والمتسولة خيرات بلدها وضرائبها من أيدي جلاديها وناهبي ثرواتها. رسالة إليك... لتلافي وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن تدق ساعة الرحيل والتي تقرع أجراسها في عدن مرورا بالضالع وتعز وانتهاء بميدان السبعين لا ميدان التحرير....! ( الذي يحتله ثلة من المهرجين والبلطجية..). أقدر أن لك من الفهم والإدراك الكثير، كيف لا وأنت صاحب المقولة المشهورة (على الناس أن يحلقوا قبل أن يحلق لهم). ما حدث لبن علي ومبارك بكل تأكيد لا يحب أي مواطن يمني – أو على الأقل العقلاء منا - أن يتكرر نفس السيناريو، والخوف أن كل مشهد يأتي أسوأ من سابقه ...!! كما إنا لا نريد بالطبع أن نسمع عتاب الأولاد وتحميل البعض كارثة الذي سيجري، على غرار علاء وجمال مبارك.....!! إن كان في الدرس عظة وعبرة ...!! الأخ الرئيس.. دخلت التاريخ من أوسعه، وبالطبع لا نريدك أن تخرج من سردابه، كالسابقين المخلوعين، كيف لا، ولازالت لديك الفرصة لحفظ ماء الوجه، وتدارك ما يمكن تداركه ، فكثير نحن اللذين لا نريد خبر عاجل على قناة الجزيرة ولسان حال ماجد عبد الهادي وهو يقول ( اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ) ....!!! الأخ الرئيس.. العمر لحظات وفرص، والعاقل من فطن للحظته . واغتنم فرصته.. شعبك اليوم .. حتى هذه اللحظة لازال شعبك خرج للشارع وفي جعبته القليل لك وفي أحايين كثيرة الكثير عليك.! آلة الزمن تغيرت منذ وضعتها على طاولة الرئاسة منذ 35 عاما. فشمال الشمال طلق بيت الزوجية منذ8 سنوات وهو في طريقه إلى صنعاء وأكناف النهدين....!! وجزء من شعبك في جنوب الجنوب خلع ربقة الطاعة ورفع علم دون علم 22 مايو ، ورفض الرجوع إلى مربع الأصفار الذي غيب شعبا بأكمله بذريعة الانفصال والحراك. وجزء من شعبك ... يقطن شارع الستين وآخر يحتل ميدان التحرير بالهراوات والسكاكين متوجة بصور شخصكم الكريم، يضج بالصياح والهتاف لك بدوام عرشك صباحا فإذا جاء الغداء علا السباب واللعان، وفرشت صورك للأكل عليها، وفجأة تعلو الأصوات أين القات؟! وإلا نادينا بسقوط النظام ..!! رغم أن حماة البلطجة يبذلون ما بوسعهم لإشباع رغبة ثلة من المهرجين والمتملقين – الذين أساؤا إلى شخصكم الكريم أكثر من مجرد حمل صورة وهتاف- وإن كانوا وزراء، ووكلاء وزارات أو حتى مدراء كبار، فالكل في التحرير متسول العطاء، مدفوع الرغبة لحماية مصالح زعزعتها هتافات الغلابا، والمحرومين ، والشباب الذي وجد نفسه في مصاف المتقاعدين والعجزة مبكرا . وجزء من شعبك ... كره حياة الفقر والجوع والمستقبل المجهول فلا فرص عمل ولا حياة كريمة، ولا حدود مفتوحة ليهاجر ولو علقوا على أشواك دول الجوار أو حتى يحرقوا وسط كانتونات الجوار خير لهم من وطن ودعوه وودعوا ثرواته من منذ 30 عاما، فلا وطن لمن لا وطن له. وعليه قرروا وفي لحظة تأريخية رفع شعار إرحل ..!!! وشعار: "الشعب يريد اسقاط النظام". وخرجوا بعشرات الآلاف في شوارع ما يسمونه ( كان لنا هنا وطن، وحان استعادته من ناهبيه ومصاصي دمائه). وزحفهم لن تقف أمامه الدبابات فما بدأ بكلمة ارحل .. في الغالب ينتهي بالرحيل وربما بالاقتلاع والطرد...!! وجزء أخير من شعبك غلب روح التعقل والخوف من المجهول ، وخاصم المغامرات الغير محسوبة العواقب، كان ولا يزال سندا لك ولشرعية حكمك، وسدا منيعا لكل ثوابت اليمن بجمهوريتها، ووحدتها، وديمقراطيتها، وتعدديتها، معللا بقوله ( يا ويلتاه أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي ..) ولكن يبدو أن السوءة اكبر من أن تستر، وقطار الرحيل أسرع من أن يستدرك. حاول هذا الجزء من شعبك وهم كثر أن يكون بوصلة التقاء، وطوق نجاة لك,و لشعبهم فأسرعوا بطلب تنحي الأسرة الكريمة وحاشيتها من مفاصل الجيش، وإعلان حوار يخدمك قبل أن يخدمهم، ويحفظ للناس ماء وجههم من الحجز في اقرب طائرة للرحيل، وطلب عبر الانتربول الدولي وتجميد الأرصدة التي جمعت طوال عقود من عمر هذا الشعب . وما مبارك ، وبن علي عنا ببعيد . أخي الرئيس.... ما أظنك تعدم الحيلة ولو لمرة واحدة في حياتك كن مع نفسك لان الزمن اليوم ليس زمن الحكام ، دعك من حاشية السؤ التي تطبل اليوم وتهتف وغدا تنهب وتلعن وتمزق الصور التي طالما تسولت من ورائها دماء ملايين اليمنيين، وأراضيهم وثرواتهم، أرجو أن يرى النور قبل غروب شمس لا رجعة فيه.