تتابعت السنين تطويها سنين وشعوب العرب يردحون تحت وطأة حكوماتهم التي من يوم أبصرت أجيال النور إلى أن غزا الشيب رؤوسها وهم لا يعرفون إلا اسماً واحداً "يحكمهم"، في الوقت الذي عاصر شعب أميركا من مجاييلي شعوب العرب 6 رؤساء -على أقل تقدير- حكموهم، وظلت أميركا هي صاحبة الصولة والجولة على الكرة الأرضية.. ولم يتوجس شعبها من ترشيح زعيم جديد في كل انتخابات لألا يكون "جائعاً" يصعد إلى السلطة ليأكل الأخضر واليابس، ولم يتم التحايل على الدستور والتلاعب به منذ وضع في عهد مؤسسها (جورج واشنطن)، ولم تلتف حكومات أميركا المتعاقبة على مطالب شعبها، بل حكومات قليلة هي خطاباتها، عظيمة إنجازاتها، حتى صارت القوة العظمى المتحكمة في شعوب العالم!! وحين خرج الشباب العربي من حالة الاكتئاب السياسي بعدم إمكانية التغيير –بفضل تونس طبعاً- تهاوت كراسي السلطة من زأراتهم المدوية التي ظلت مكبوتة لأعوااااااام.. زأرات زلزلت عروش زعماء ظنوا أنهم سيموتون وهم على مراتب السلطة والعز، وسيسطر التاريخ إنجازاتهم من بعدهم.. لكنها الأقدار شاءت إلا أن تختم لهم بالسوء، ملصقة بهم قذارات سيخطها التاريخ بدم أحمر عصي على المحو. ولعل أشنعها ستكون خاتمة (ملك الحقارة والحقد) معمر القذافي.. أراد أن يموت ملكاً عزيزاً، إلا أن ملاحم الحرية هناك في ليبيا لم تمكنه من هذا الشرف.. قاتل هستيري تشرّب حب السلطة والعظمة حتى النخاع، ولا يتخيل نفسه من دون شعب يحكمه بالقمع والذل والاستعباد. وهؤلاء يا فخامة الرئيس نماذج "طرية" لم يسعف التاريخ الوقت بعد ليرويها، فما زالت في طور "التحميض".. زعماء ظلوا يسردون بطولاتهم وإنجازاتهم بعنجهية واستعلاء أمام شعوبهم الغاضبة والتواقة لإسقاطهم، وهم متمسكون بكرسي زائل لن يكون في آخرتهم إلا حسرة وندامة لعظم المسؤولية الملقاة عليهم.. لكنها عزيمة الشعب وإرادته.. سقطوا.. وانقلبت بطولاتهم التي كانوا يظنونها إلى عثرات وزلات عظيمة لا تغتفر. وفي هذا المقام يا فخامة الرئيس، أنبهك إلى أن وقت الحكمة حان ولم يفتك بعد.. فما زال في الوقت متسع ليسطر التاريخ عنك أفضل من سابقيك، فاغتنم إرادة شعبك ومطالبه السلمية في الاستجابة لها، ولا تكابر فتكون الواقعة مدوية، ولا تقامر فينتهي بك المآل إلى ما لم تكن ترجوه، ولا تستخف بشباب شعبك فيستخفون بك ومن بعدهم أجيال.. ولا تستمع لسفهاء القوم فيوردوك المهالك، فهم شر من استشرت. موجة التغيير لن يوقفها أحد.. وطوفان الشعب المتعطش إلى غد أفضل عتيد.. قطّعْ كل أوراقك وسر مع التيار، واستجب لما دعيت إليه راضياً غير مجبر، وإلا فلن يرحمك التاريخ.. ولتكن لك في من سبقوك عظة.