شاهدنا وسمعنا وقرأنا عن الكثير من الزعماء احمد غراب الذين ضحوا بشعوبهم من أجل كراسيهم فلم يحافظوا على كراسيهم ولم يتجملوا لشعوبهم ومسحوا كل نقطة مضيئة في تاريخهم. باستطاعة الزعيم -أي زعيم- أن يغضب لنفسه ولحكمه ولكرسيه و يشعر بجرح في كبريائه حين يطلب منه الرحيل عن كرسي الحكم فيحول بلده إلى مرمى للنيران وساحة للدماء والحرب الأهلية والتدخلات الأجنبية والانقسامات كما حصل في ليبيا وغيرها، لكن ماذا ستكون المحصلة؟
لن ينسى له الشعب أنه كان يستطيع أن يعصم الدماء وأن ينقذ البلد لكنه لم يفعل وأصر على الاستماتة على كرسيه والتضحية بكل شيء.
لكن الزعيم والقائد الحقيقي هو الذي يبادر لنقل السلطة سلميا ويجنب بلده وشعبه إراقة الدماء أو إثارة الحروب والفتن ويحفظ بلده من الهدم والتخريب وإشاعة الخوف وتدمير المؤسسات والمكاتب ونهب البنوك والمحلات، فهو بذلك يكسب رضا ربه ويحظى باحترام شعبه ويكتب لحكمه خاتمة مضيئة.
إنه شعور وطني يحتاج إلى إرادة قوية تذوب فيها كل إغراءات السلطة ونفوذها أمام المصلحة العامة للشعب والوطن.
إن الأمور تقاس بخواتيمها وأيا تكن الأعمال التي يقوم بها هذا الزعيم أو ذاك طوال فترة حكمه فإن حرصه على عدم فلتان البلاد ودخولها في حالة عدم استقرار وسعيه لنقل السلطة سلميا هو إنجاز لايضاهيه إنجاز حتى لو كان له مؤيدون ويستطيع الحفاظ أكثر على كرسيه فكونه يختار التخلي عن كرسيه لصرف شبح الحروب والانقسامات عن بلده فذلك مبعث احترام وتصرف نبيل لايقوم به إلا رجل شجاع محب لوطنه.
أن تضحي بكرسي من أجل الشعب فذلك عمل رائع لله ثم للتاريخ ثم للشعب.
لننظر دائما إلى الله ولنتذكر قول المهاتما غاندي: "الله بالنسبة لي هو الحق والمحبة، وهو الآداب والأخلاق، وهو الجرأة التي لا تعرف الخوف، وهو مصدر النور والحياة، ومع ذلك فهو أعظم من كل هذه مجتمعة. الله هو الضمير، إنه فاحص القلوب ويعرفنا ويعرف قلوبنا أكثر مما نعرف أنفسنا".