عاشت مدينة إب مهرجانها السياحي السابع هذا الموسم والوضع أكثر قتامة على مستوى الحياة العامة. إذا كانت قيادة السلطة المحلية بمحافظة إب حريصة على إقامة المهرجانات السياحية كعادة سنوية تخدم السياحة، وتسعى لتأهيل عوامل الجذب السياحي، فإن السؤال الذي يضع نفسه هو: ماذا قدمت هذه المهرجانات السياحية في قضايا السياحة بالمحافظة، وماذا جنى أبناء إب من فقاعات هذه المهرجانات خصوصاً أن واقع الحال يكشف عن عدم تحقق أي شيء ملموس على أرض الواقع، وهذا ما يؤكد بأن مشكلة المهرجانات السياحية في إب تبدأ بأفكار هادفة، ومن ثم تضمحل وتتقزم بفعاليات هشة، لا ترتقي إلى مستوى تلك الأفكار، حتى أن القائمين على فعاليات المهرجانات سنوياً محددون مسبقا، وهم أنفسهم في كل عام، بحيث صارت هذه المهرجانات ملكاً يرثونه ومصدراً ل"طلبة الله".
ورغم تأكيد محافظ إب القاضي الحجري على ضرورة تميز فعاليات مهرجان هذا العام، وإيجاد شيء ملموس وواقعي تستفيد منه المحافظة في مجال السياحة، إلا أن واقع الحال في فعاليات المهرجانات مغاير لما كان يطمح إليه القاضي الحجري، فالفعاليات ركيكة ولا تفيد السياحة، بل تستنزف المخصصات المالية، ولا ترتبط بهدف نجاح وتعزيز المجال السياحي، وكأن هذه المهرجانات غدت تقام ليقال فقط بأننا في إب نقيم مهرجاناً سياحياً سنوياً، ليصبح الاحتفاء بالسياحة في إب مقتصراً على برنامج تقليدي يقام الأيام يتلاشى حضورها لمجرد انتهائها.
يأتي المهرجان السياحي السابع في إب وعدد المتسولين والمعاقين ذهنياً في الأماكن التاريخية والمتنزّهات السياحية يفوق عدد الزائرين والسواح، وعدد عمال الحراج في قلب المدينة الخضراء يفوق عدد القائمين والمشاركين في هذا المهرجان، ومهمة التشويه المتزايدة التي يمارسها بعض رجال المرور في الجولات والفرزات تزيد الوضع سوءاً.
يا ترى بماذا نحتفي في إب سوى بجمال الطبيعة (هبة الله) وبما خلدته يد الإنسان قديماً؟ وإذا كانت معظم محافظات الجمهورية تمتلك أسواقاً شعبية تروج للحرف اليدوية والملبوسات اليمنية القديمة، فإن إب تمتلك أهم سوقين هما: سوق المدينة القديمة في إب، وسوق المدينة في مدينة جبلة التاريخية، غير أنهما يكتظان بموالعة القات والتنباك!
إنني على يقين أن القاضي الحجري أكثر تفهماً لمضمون وأثر فعاليات المهرجان السياحي السابع وركاكتها، وعدم جدواها في نفع السياحة والسواح، كون البديل الأمثل استثمار الملايين التي صرفت في هذا المهرجان في عمل مشاريع سياحية مستدامة تخلق فرص عمل للخريجين والعاطلين عن العمل من أبناء مدينة إب، وتساهم في تعزيز الإيرادات المحلية للمحافظة كونها بحاجة إلى استثمار سياحي على أرض الواقع وحركة تجارية وصناعية أيضاً، وهي بحاجة إلى قرارات صارمة تردع من يماطلون في إنجاز معاملات المواطنين، وتقضي على الفساد المتفشي في معظم الإدارات الحكومية بالمحافظة. ولعل أهم قرار أطلقه الحجري قبل شهرين في مجال السياحة هو إعلان كل من وادي الدور ووادي عنّة محميتين طبيعيتين، للحفاظ على البيئة الطبيعية، كأهم مقومات الجذب السياحي.