سؤال يدور في خلد على الأقل 22 مليون شخص هم مجمل سكان اليمن وبالتأكيد يدور في خاطر من يتابعون المشهد العربي الراهن والثورات العربية الحالية لا أدري صراحة ماذا ينتظر صالح.. فكل أوراقه احترقت أو تساقطت كأوراق الخريف كما أحب أن يصف رجالاته والدبلوماسيين الذين انفضوا من حوله وانضموا إلى ساحات التغيير. في أحد خطاباته، لوح صالح باحتمالية الحرب الأهلية وهو احتمال أشبه بالنكتة للشارع اليمني المتحد الآن أكثر من أي وقتٍ مضى على قلب واحد بمطلب واحد ألا وهو رحيل صالح من سدة الحكم. مشكلة الشعب اليمني هي مع صالح، أي مع فرد وليست مع بعضه البعض فتسمية تهديد صالح بحرب اهلية خاطئة في هذا الموقف لكن ما يمكن استشفافه من خطاب صالح هذا امام مجلس الدفاع الوطني الذي أصر فيه بأن لا يخاطب الشعب وانما بعض قيادات الجيش ممن لا زالت تدين له بالولاء بعد انضمام أغلب لواءات الجيش لركب الثورة وحمايتها للمطالبيين بالتغيير المشروع في البلاد. في هذا الخطاب صالح هدد عملياً معارضيه سواء كانوا احزاباً معارضة أو منشقين عن ولائة من رجالات الجيش او حتى معتصمين في ميادين وساحات الحرية والتغيير في عموم محافظات اليمن, هددهم من مغبه "الانقلاب" على حكمة والتسلق ب"الانقلاب" للوصول إلى كرسي السلطة. هنا تواجهنا معضلتين في التخاطب والتحاور مع على صالح. المعضلة الكبرى هي برأيي هذا التهديد المهين للشعب اليمني فقط لمجرد انه طالب بالتغيير وصالح لايزال يتذرع بالشرعية الدستورية التي عطل دستورها بتصديق برلمانيه على قانون طوارئ دون حتى اكتمال النصاب للتصويت وكلنا نعلم ان صالح لم يحترم الدستور في حياته بدليل التعديلات التي كان مزمع اقرارها لضمان ترشحه مدى الحياة. صالح في تهديده هذا يستخدم ورقته الاخيرة ألا وهي اعتماده على الحرس الخاص وقوات الأمن المركزي إذا ما خاض حرباً ضد شعبه بعد أن تخلت كبرى القبائل اليمنية عنه وبعد أن فقد الشعب الأمل فيه منذ مده. وبما ان أغلب مكونات الجيش تقف حالياً مع مطالب الشعب ففكره المواجهة لا تبدو في صالح أي أحد وبالأخص الرئيس صالح نفسه. فهذا التهديد ليس الا مناورة يريد صالح بها كسب بعض مزيداً من الوقت .. لكن يبقى السؤال لماذا؟ لماذا يصر صالح على البقاء رغم أن أشد مناصريه يعلمون علم اليقين أنه راحل.. راحل. المعضلة الأخرى هي في أسلوب فهم صالح للصراع الدائر حالياً .. هو لا يرى سوى أحزاب المعارضة تتآلف ضده للوصول إلى "كرسي الرئاسة" الكرسي الذي حارب صالح من اجله طويلاً فهنا لا يرى صالح اليمن سوى كرسي رئاسة من على "كرسي" يعطي الأوامر ويطاع. صالح لا يرى الشعب المظلوم المقهور .. لا يرى أطفالنا الذين لم توفر لهم أبسط مقومات الحياة من مأكل وملبس وصحة وتعليم. صالح لا يرى معدلات البطالة المهولة في اليمن .. لا يرى اليمنيين المغتربين في دول الخليج يهانون بسبب سياساته التي لم تحترم تاريخ اليمن صالح لا يرى ال6 ملايين مهاجر يمني منثورين في هذا العالم يبحثون عن حياة أفضل. صالح لا يرى ان الحكم تكليف وانما تشريف تمتع به ل 33 عاماً وكان ينوي أن يمرر هذا التشريف لابنه من بعده .. هذه النظرة بحد ذاتها مصيبة كبرى وما زال صالح لا يرى الوجهه الحقيقي للثورة وهو وجه شعب انتفض على الظلم والاستبداد وحكم الرجل الواحد واستغلال الوطن لمصلحة عصابه ظلت جاثمة على صدره ثلاثة عقود ولن تنطفئ هذه الانتفاضة إلا برحيل من سمح للظلم والفساد بأن يستشريان في جسد الأمة. فماذا تنتظر يا صالح وقد سُدت في وجهك كل الأبواب؟ هل تبحث عن نافذة لحلولك فاقدة المصداقية والشرعية؟