رئيس يرفض أن يسمى رئيسا، لأنه يعتبر نفسه "العقيد والعميد وملك ملوك إفريقيا" ، يتربع على كرسي السلطة منذ 42 عاما، يحاصر المدن، ويقصفها بالدبابات وراجمات الصواريخ ويقصفها بالطائرات، ويضرب مدينة مصراتة بكل ما يملك من قوة ومتفجرات ونار، ويجوع أهلها ويمنع عنهم الغذاء والماء والدواء ويقطع الكهرباء والاتصالات ويعزلها عن الدنيا، ويحولها إلى "نار حمراء وجمر وأرض محروقة كما سبق وهدد".. ومثل ما يحصل في مصراتة "المدينة الشهيدة" يحدث في أجدابيا والزاوية والبريقة، وغيرها من المدن. وعلى غرار "عقيد ليبيا" تصرف "عقيد اليمن" حيث احتل القناصة أسطح البنايات المحيطة بساحة التغيير في قلب العاصمة صنعاء، وأطلقوا النار على الرافضين لحكمه، فقتلوا 54 معتصما من المدنيين، وقامت قواته بقتل المتظاهرين في تعز ووقف الرئيس ليقول للشعب "فاتكم القطار".. رئيس يقول لشعبه فاتكم القطار، وكان الشعب هو الراحل وهو من يجب أن يقدم التنازل. وكما في مدن العقيدين حدث في مدن "الوريث أو الرئيس الوارث"، الذي ورث رئاسة بلد بكل ما فيه من "بشر وشجر وحجر" وهو لم يتردد بإرسال دباباته إلى مدينة ردعا وحاصرها وحولها إلى ميدان حرب سقط فيه الشهداء وكما حدث في مدينة اللاذقية التي احتلها "الشبيحة"، النسخة السورية من البلطجية أو البلاطجة بأسلحتهم، وكذا في مدينة دوما، القريبة من دمشق، التي سقط فيها 14 شهيدا.. وهنا أيضا وقف الرئيس الدكتور ليقول "إذا فرضت علينا المعركة فأهلا وسهلا"، والحديث هنا واضح لا تنازل عن السلطة إلا بالحرب ودعوكم من تداول السلطة فهذا دونه خرط القتاد. ما حدث في الدول العربية التي ثار أهلها ضد احتكار السلطة وقمع الحريات والاعتقالات والتعذيب والفساد، جرائم ضد الإنسانية والأخلاق والشرائع والقوانين، فمن ثاروا، إنما ثاروا من اجل "الكرامة والحرية والعدالة" وهي حقوق طبيعة للشعب لا يملك أحد أن يصادرها مهما كان وضعه وصفته "رئيسا.. زعيما.. ملكا.. أو حتى ملك ملوك". لقد نسي هؤلاء الحكام الذي تسلطوا على رقاب الشعوب أن الحكم عقد بين الحاكم والشعب، وأن الناس هو الذين يمنحون الشرعية للحاكم بموجب اتفاق محدد الشروط والمدة الزمنية، وأن الشعب هو صاحب السلطة والقرار، كما تنص الدساتير، التي يحكمون بموجبها، وليس من حق العقيد أو الرئيس أو ملك الملوك، فرض حكمه بالحديد والنار، على قاعدة، "أحكمكم أو أقتلكم"، وتحت شعار "ما علمت لكم من رئيس غيري". ونسي هذا "الحاكم العربي" أو ذاك أنه موظف عند الشعب، موظف برتبة رئيس لا أكثر، من حقه أن يعزله عندما يريد. الحكام العرب يتحالفون مع الجميع، لكنهم لا يتحالفون مع شعوبهم، يبحثون عن الأمن والأمان والحماية من الأجنبي، وأجهزة الأمن التي تضخمت حتى أصبحت في بعض الدول العربية بحجم الدولة، بل أصبحت هي الدولة نفسها، يشهد على ذلك وثائق جهاز أمن الدولة في مصر، والتي كشفت أن الجهاز الذي كان ينبغي أن يحفظ أمن الدولة تحول إلى "الدولة" وتحكم بالناس من الخفير إلى الوزير، يعين ويطرد ويسجن ويعذب ويلفق التهم، ويفجر الكنائس والمساجد والأماكن السياحية، ليثبت أنه "أمن الدولة". الحصار والقتل الذي نفذته وتنفذه أجهزة النظم المتهاوية ضد المدن العربية، هي جرائم حرب ضد الإنسانية، لن تمر دون عقاب، وسيحاسبون عليها، عاجلا أم آجلا، فقصف المدن التي يعيش فيها مدنيون عزل بالمدفعية والدبابات والمقاتلات الحربية، هي "إعدام جماعي" ومجازر وإبادة جماعية، ضد سكان هذه المدن، سيسجلها التاريخ في سجل العار لهؤلاء المتسلطين. لقد تغير الزمن ومن يعاند التاريخ سيهزم لا محالة، والحكام الذي يقتلون الشعوب التي تسلطوا عليها بالحديد والنار والجمر و القنابل والبلطجية سيهزمون لا محالة، والشعوب التي خرجت لتستعيد الحرية والكرامة والعدالة" ستنتصر لا محالة، فالشعوب لا تهزم أبدا.