تعز - وهيب النصاري: يستيقظ أبناء مدينة تعز، وينامون على أصوات المدفعية والرشاشات التي تبدأ يومياً بعد منتصف الليل بين المسلحين الموالين للثورة الشبابية الشعبية السلمية والقوات الحكومية المرابطة في الأجزاء الجنوبية الغربية من المدينة خاصة القصر الرئاسي .
ورغم التوقيع بين ممثلين عن الطرفين المسلحون والقوات الحكومية على اتفاق مطلع الأسبوع الماضي على إيقاف إطلاق الرصاص وقصف الدبابات وانسحاب المظاهر المسلحة من داخل المدينة والنقاط المستحدثة، مع حملة لجمع السلاح الذي حصلت عليه عناصر محسوبة على النظام "مليشيات مسلحة"في معظم أحياء تعز التي تحولت إلى ثكنة عسكرية، إلا أنه بعد ساعات من توقيع الاتفاقية عادت أصوات المدفعية التي يطلقها أفراد الجيش رداً على هجمات المسلحين الذين يقولون إنهم يحمون الثوار في ثورتهم السلمية لإسقاط النظام ورداً على تدمير ساحة الاعتصام قبل أكثر من أسبوعين .
ويقول الصحافي مهدي المشولي إنه لا تمر ليلة إلا ويستيقظ مفزوعاً من أصوات قذائف الدبابات والرشاشات خاصة بعد تدمير وإحراق ساحة الحرية القريبة من مسكنه في حي الروضة بمدينة تعز، ويضيف قائلاً: "لقد غادر معظم سكان المدينة إلى القرى"، ويوضح أن المتبقين من السكان لا يضيئون النور في حال أن الكهرباء تكون غير منقطعة خوفاً من القناصة والمسلحين .
من جانبه تمنى الشاب خالد سعيد النوم دون أصوات المدفعية والرصاص . وتضيف أم حمدي محمد، التي غادرت مع زوجها وأطفالها الثلاثة منزلهم القريب من الساحة إثر الهجوم عليها وتدميرها "لقد غادرنا المنزل مع استمرار المواجهات التي شهدتها المناطق القريبة من الساحة ومستشفى الثورة الذي تتمركز فيها وحدات من القوات الأمنية القريبة من الساحة”، مؤكدة أنها ستغادر المدينة بعد إنهاء أحد أطفالها الامتحانات التي تبدأ السبت المقبل إلى الريف، مسقط رأس زوجها، وستعود بعد استقرار الوضع وعودة الحياة دون قتل ومواجهات مسلحة .
ورفض مسؤول حكومي الحديث عن بنود الاتفاق وتنفيذها، مكتفياً باتهام الطرف الآخر بعرقلة تنفيذه كونهم لا يريدون السلام، بل هم- حسب قوله - مخالفون للقانون ويعملون مع عناصر في المعارضة ممثلة في تكتل اللقاء المشترك على إقلاق السكينة العامة وإفزاع المواطنين، كما اتهم المسؤول الذي تحفظ على اسمه، المعارضة بتواطئها مع المسلحين الذين يهاجمونهم مساء كل يوم ويقتلون الجنود وينهبون المنشآت الحكومية .
وقال عضو مجلس النواب صادق الجماعي ل”الخليج"إن اللجنة المشكلة من الطرفين بدأت بتنفيذ الاتفاق على أرض الواقع، وقد تم تسليم ست منشآت كانت بحراسة اللجان الشعبية وسلمت إلى الجهات الأمنية، وأضاف قائلاً: "يبدو أن هناك أطرافاً لا تريد لهذا الاتفاق أن يرى النور بوقف إطلاق النار بين المسلحين والقوات الحكومية لإيجاد الاستقرار في مدينة تعز، بدليل أنه أثناء تنفيذ الاتفاق بخروج المسلحين خارج المدينة قام جنود من الحرس الجمهوري بتجريد اثنين منهم وقتلوا واحداً وأخلوا سبيل الثاني".
ورد على التشكيك من اللجنة التي فيها الجماعي عضواً، في جعل المسلحين ينفذون بنود الاتفاق، قائلاً: "لقد قامت اللجنة المشكلة تحت إشراف رجال الأعمال عبدالجبار هائل، بتسليم الجهات الأمنية عدداً من المنشآت الحكومية، لكن هذه الجهات لم قامت بقصف عدد من المنازل يوم الأربعاء الماضي؟”، داعياً الطرفين إلى الالتزام ببنود الاتفاق لتجنيب المدينة من الدخول في مربع العنف، مشيراً إلى أن السلطات الأمنية والعسكرية حولت مستشفى الثورة إلى ثكنة عسكرية، إذ تم منع المواطنين من دخولها لتلقي العلاج، وهو ما لم يحدث بأي بلد يشهد حروباً .
وحمل المسؤولية اللجان الأمنية التي تدير البلاد بشكل فج في حال عادت المواجهات المسلحة وأخفق تنفيذ بنود الاتفاقية التي تم التوقيع عليها من قبل أعضاء بمجلس النواب وسياسيين مستقلين ومعارضين ومن الحزب الحاكم وشخصيات اجتماعية وقيادات أمنية، وقال: "لا خيار لأبناء محافظة تعز سوى تنفيذ هذه المنظومة من الاتفاق”، معتبراً أن من سيتنصل من هذا الاتفاق سيكون مسؤولاً أمام الله والشعب اليمني عما سيحدث من جرائم .
وقد اتفق الطرفان على سبعة بنود إجرائية يتم تنفيذها إثر التوقيع عليها الاثنين الماضي، يتمثل البند الأول في وقف إطلاق النار وإبعاد الأفراد المسلحين المتمركزين من النقاط المستحدثة والمؤسسات والمنشآت الحكومية وغير الحكومية، والثاني سحب ومنع المجاميع المسلحة المنتشرة بأحياء المدينة وشوارعها، والثالث سحب وحدات الجيش والحرس الجمهوري من مدينة تعز وإحلال قوات أمنية مكانها، ويتمثل البند الرابع في بقاء الشباب في ساحة الحرية وعدم اعتراضهم على التعبير سلمياً عن احتجاجاتهم، إضافة إلى عدم اعتراض المسيرات السلمية بأي شكل من الأشكال .
كما يقضي الاتفاق ب "عدم منع المواطنين من الدخول والخروج من مدينة تعز مع الاكتفاء ببقاء نقاط التفتيش الرسمية المقتصر دورها على التفتيش عن السلاح وإعادة ما تم نهبه والاستيلاء عليه من قبل المسلحين".