اختتم وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو محادثاته في دمشق، حيث عقد سلسة اجتماعات متتالية مع كبار المسؤولين السوريين وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية السوري وليد المعلم في القصر الجمهوري. وعقب المحادثات توجه أوغلو إلى السفارة التركية في دمشق، ومن المقرر أن يتوجه منها إلى المطار لمغادرة سوريا دون الإدلاء بأي تصريحات . وكان أوغلو قد وصل إلى دمشق صباح الثلاثاء حاملا من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان رسالة وصفت بانها حازمة تطالب بوقف "قمع" المظاهرات المستمرة ضد النظام السوري. وكان رئيس الوزراء التركي قد عقد اجتماعا طارئا مع بعض قيادات حكومته لتقييم الأوضاع في سورية قبل إيفاد وزير خارجيته الى هناك لنقل موقف بلاده تجاه ما يتردد عن وقوع مزيد من القتلى في صفوف المحتجين المدنيين في سورية. وقال مراسل بي بي سي في إسطنبول جوناثان هيد إن محادثات اوغلو في دمشق قد تكون المحاولة الأخيرة لإقناع الرئيس السوري بشار الأسد بتغيير نهج التعامل مع الاحتجاجات في بلاده. وأضاف مراسلنا أن وزير الخارجية التركي قد يهدد بأن تؤيد بلاده تحركا أقوى من مجلس الأمن تجاه سورية، إلا أن معظم المراقبين يستبعدون أن تحقق زيارة أوغلوا تقدما كبيرا. وقال هيد إن الاستياء التركي تزايد من استمرار" قمع المظاهرات" حتى في شهر رمضان. إلا أنه من المستبعد ان تلجأ تركيا إلى تخفيض مستوى تمثيلها الدبلوماسي في سورية، كما أن أنقرة تعترض من حيث المبدأ على فرض عقوبات اقتصادية على دمشق وترى أنها قد لا تضر كثيرا بالحكومة السورية.
ضغوط إقليمية يأتي ذلك وسط تصاعد للضغوط الاقليمية للمطالبة بوقف استهداف المدنيين في سورية. فقد استدعت السعودية والكويت والبحرين سفراءها في دمشق فيما دعا الأردن إلى إجراء حوار. ودعا الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الرئيس السوري بشار الأسد لتنفيذ إصلاحات حقيقية فورا. ويقول جيم موير مراسل بي بي سي في بيروت إن هذا التدخل من قبل الملك السعودي أحد أشد حكام المنطقة نفوذا يعتبر تدخلا مفاجئا وغير معتاد. كما دعا الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني إلى "الاحتكام إلى المنطق". وفي الكويت قال وزير الخارجية الشيخ محمد آل صباح إنه "لا بد من انتهاء العمل العسكري" وإنه "لا أحد يمكن أن يقبل سفك الدماء". وأضاف أن وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجيين سيجتمعون قريبا لبحث الوضع. فيما وصف ناصر جودة رئيس الوزراء الأردني الوضع بأنه "مؤسف ومثير للقلق". وأضاف في بيان متلفز أنه "لا بد من استئناف الحوار وتطبيق الإصلاحات كي تخرج سورية من هذه المعضلة". كما أصدرت الجامعة العربية الأحد بيانها الأول حول سورية قائلة إنها "تشعر بالقلق"، ودعت إلى نهاية للعنف. وصرح نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية الإثنين بأنه يأمل أن يتم التغلب على الأزمة بالأساليب السلمية وبتدشين حوار جاد نحو المصالحة الذي طالبت به الجماهير". لكنه أضاف أنه لا يجب ان نتوقع اتخاذ اجراءات مشددة، وأكد أن الجامعة لن تتخذ أي إجراء بنفسها. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت عن شعورها بالارتياح لما صدر من تصريحات من المنطقة.
دير الزور في هذه الأثناء قال المرصد السوري لحقوق الانسان إن دوي إطلاق الرصاص الكثيفي سمع في حي الجبيلة بمدينة دير الزور صباح الثلاثاء مع ورود معلومات للاهالي ان السلطات الامنية والعسكرية ستنفذ عمليات مداهمة في حي الجبيلة. وأفادت تقديرات المنظمات الحقوقية بمقتل نحو 50 شخصا خلال اليومين الماضيين في دير الزور. وأعلن التليفزيون السوري أن الأسد عين وزيرا جديدا للدفاع وهو رئيس الأركان السابق اللواء داود رجحة ليحل محل اللواء علي حبيب. وتتحدث دمشق عن محاولتها القضاء على عصابات إرهابية مسلحة وأن منتقديها يتجاهلون وعودها بالإصلاح السياسي. واستمر الهجوم على دير الزور الإثنين حيث تحركت عشرات الدبابات والمدرعات إلى أجزاء عدة من المدينة. ودعت وسائل الاعلام المحلية وقيادات المدينة الجيش إلى "حماية المواطنين وحماية الأرواح والممتلكات الخاصة". إلا أن أحد السكان قال إن الجيش قصف منطقتي الجورة والحويقة، وإن الآلاف من السكان قد لاذوا بالفرار. وقد أغلقت المستشفيات الخاصة، والناس يخشون إرسال جرحاهم إلى المؤسسات الحكومية لأنها مليئة برجال المخابرات. وقال ناشط لوكالة الأنباء الفرنسية إن "الجيش فتح النيران بالمدافع الثقيلة على منطقة الجورة، ثم قامت قوات الأمن بمسح المنطقة وترويع السكان". ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن عن بعض السكان شهادتهم بأن "قوات الأمن قتلت بالرصاص أما وطفليها أثناء محاولتهم الفرار بالسيارة من الجورة". ويقول ناشطون حقوقيون إن 1700 مدنيا على الأقل قد قتلوا واعتقل عشرات الآلاف منذ بدء الانتفاضة في منتصف آذار/مارس الماضي. ويعتقد أن أكثر من 300 قتلوا في الأسبوع الماضي فقط.