لم يكتم آل سعود معتقداتهم الحقيقية تجاه الشعب اليمني بالرغم أن ثورتنا المباركة كانت تضطرهم إلى ذلك ولو من باب أن حساسية اليمنيين المقهورين ستتجه ضدهم بتركيز أكثر . إلا أنهم استمروا في نشر الدعاية لنظام علي عبد الله صالح المتآكل المنتهي . بذلك فإنهم لم يهتموا بالحرج الكبير أمام التاريخ وقيمة الضمير مثلا لان التاريخ بالنسبة إليهم يملكه الغني فيما الضمير قيمة لا تستحق الالتفات أبدا .
والحق إن صوابهم طار بفعل ثورتي تونس ومصر فما بالكم باليمن . على إن السعودية لازالت تقنع نفسها بان علي عبد الله صالح جذابا ومشوقا .
الحاصل إن ثورة اليمنيين المباركة تمثل ثقلا كبيرا على المملكة المجاورة بما يعني إنهم يؤكدون قناعاتهم الأخلاقية والسياسية ضدنا بصفاقة عجيبة . والأنكى أنهم يجدون صدى لهم داخل مختلف مراكز القوى اليمنية للأسف .
فالمعروف أن هنالك ارتباط سعودي مفتوح حتى مع المناوئين لنظام علي عبد الله صالح فيما هؤلاء الذين يهيمن عليهم الريال الأخضر لن يكونوا ذخرا للوطن بقدر ما سيكونون عبدة لإرادة العقال والدشداشة .
ثم ان من العار علينا جميعاً كيمنيين استمرار مايسمى ب " اللجنة الخاصة " كأوسخ منطق عمالة علنية في التاريخ . ولقد حانت اللحظة المفصلية لإعادة اعتبار الذات الوطنية ووضع حد لمن ساهموا في استلاب سيادة اليمنيين طوال عقود على نحو اذلالي مهين عبر تلك اللجنة خصوصا مع تفاقم الرفض الشعبي الواسع في اليمن لهذا النفوذ سيء الصيت والذي صار لايحتمل الى حد أصبح فيه أبسط قرار يمني سيادي تحت رحمة دولة آل سعود التي تحالفت مع علي عبد الله صالح لترسيخ مفهوم الجمهورية الوراثية نكاية بآمال اليمنيين في الخلاص من الطغيان .
فالنظام السعودي يكدس من مريديه في اليمن كما يقوي شوكتهم ومراكز نفوذهم على حساب الحلم بالخلاص والكرامة والسيادة، فيما لايهتم هؤلاء بأنهم يرتبكون اكبر جريمة بحق الوطن الضائع بين أرصدتهم وبراميل النفط السعودي الوهابي .
والشاهد أن مهمة آل سعود عبر اذنابهم في الداخل لازالت كما هي منذ ثورة 1962م متمثلة في اعاقتنا عن التقدم والتطور إضافة الى وضع كرامتنا الجمعية في الحضيض وصولاً الى منعنا من انجاز بناء الدولة اليمنية الحديثة ، ماخلق شبكة من المصالح اللامشروعة شديدة الوطأة على كاهل الأمة اليمنية وحاضرها ومستقبلها .
غير إننا سنعول على إن الثورة ستشجع هذه النوعية المشينة من عملاء السعودية في اليمن على اللحاق بمحاولة العيش بطريقة محترمة- ولو في الوقت المتأخر- كطريقة وطنية لائقة بالتحول الرهيب الكبير الذي أحدثته روح الثورة في أعماق الأنفس والضمائر ، مالم فإن للشعب كلمته في اللحظة القدرية الفاصلة .
وغدا عندما يصير علي عبد الله صالح منسيا ومتروكا بعيدا عن الأنظار والقلوب سيفهم السعوديون معنى إن الشعب اليمني العظيم في مستوى التحدي والعزم . وغدا سيفعل اليمنيون كل ما بوسعهم ليبررون استعادة حقهم التاريخي والحضاري المسلوب والمفترى عليه .
كذلك فان التاريخ لا يموت أبدا ولن تفقد الثورة ثقتها بالشباب . ثم إن الأجيال الجديدة أكثر رباطة جاش وجرأة مع المبدأ: شباب غاضب وهم من طينة وطنية نزيهة وواعدة جدا .
نحن هنا لا نطلب الرحمة من آل سعود مثلا بقدر ما نعلن اشمئزازنا الصريح من ممارساتهم التي لا يخجلون منها . وبالتأكيد : آن أوان رد فعل معاكس وقوي بشكل كبير ضد هذا اللؤم التاريخي الأبغض .
ذلك أن السياسة السعودية تعامل اليمنيين بخيلاء وعدوانية كأنهم خرق بالية وهي سياسة بلا مثاليات سياسة أكثر همجية واستخفاف بنا كشعب حضاري أعيد تشكيله وفق مبادئ التخلف السعودي المتفوق ماديا . وبالمقابل مازال هؤلاء يعتقدون إن شعبنا الكريم الجائع سيغفر لهم إذ يرون في غياب الكرامة والحقوق الإنسانية بالنسبة لليمنيين حصة عادلة بسبب نضالاتهم من اجل الجمهورية والديمقراطية الحرة .
أما وقد طببت السعودية علي عبد الله صالح ومجموعته المحترقة شعبيا داعمة أبنائه وبقية نظامه العاجز عديم الأهلية فإنها ستنال كراهية كل اليمنيين الأحرار سواء أرادت ذلك أم لم ترد . ثم أن آل سعود الآن يندفعون للتدخل لمنع سقوط هؤلاء القتلة الذين افسدوا حياتنا فماذا يعني ذلك ؟
يعني ذلك تجذيرا لإرادتهم بان حل مشاكل اليمنيين سيصبح أكثر صعوبة . لكن يبقى على آل سعود أن يعتبروا عيون اليمنيين الثوار مرايا يستطيعون من خلالها أن يروا أنفسهم بصدق . وبالذات ما لديهم من مركبات نقص كبيرة .
ذلك أن الشعور القومي اليمني متماسك رغم التصدعات الرهيبة التي غذاها آل سعود . ويوما ما سيكون آل سعود منبوذين من قبل الجميع حتى في نجد والحجاز! فضلا عما سبق نستطيع أن نرى المستقبل المشرف حتى من خلال العتمة الوهابية . وفي حال ركب آل سعود رأسهم ضد مستقبلنا حتما ستخرج زفرة اليمنيين المتراكمة عن نطاق السيطرة تماما .
إن السعودية أفظع غزو لأحلامنا الجمعية وهي آخر عينة من سلالة تنقرض . في حين أنني لا استطيع إن افهم عدم توخيها الحذر في معاداة شعب بأكمله تارة بالهيمنة الحقودة وتارة بالاستفزاز العميق .
بالمحصلة فإن الإحباطات المتنامية لليمنيين القادمة من المملكة المجاورة ستجعلهم في خضم الرهان الأصعب للحرية مستعدون للقتال من اجلها ما يعني أن المد الثائر لابد يتجه مثلا إلى مضطهدهم الكبير على هيئة بضعة مجانين شجعان ينتشرون عبر الحدود بنية تدعيم حملة قد تكون للانتقام والتحدي !