أخذ محمد الصباري، مواطن يمني في الثلاثينات من عمره، إجازة شهر رمضان من عمله في القطاع العام ليتخذ من سيارته مكانا ثابتا لبيع "الرواني" في أحد شوارع صنعاء الرئيسية. ويقول الصباري إنه يحرص كل عام خلال رمضان على إعداد حلوى الرواني الذي يتقنه جيدا، وهو عبارة عن كيك زبادي يسقى بالقطر.
ويضيف "أريد استغلال زيادة الطلب على هذا المنتج وزيادة دخلي لمواجهة احتياجات شهر رمضان ومناسبة عيد الفطر".
ويعمل محمد الريمي، 22 عاما، في إعداد وبيع المعجنات. وقد أعاده موسم رمضان من قريته إلى صنعاء مجددا بعد أن سرح من عمله في أحد المطاعم السياحية في بداية الأزمة الاقتصادية.
ويقول الريمي إن حرص الناس على استهلاك المعجنات والمقليات في شهر رمضان شجعه لينصب عربته في أحد أسواق صنعاء.
ويؤكد قائلا "الطلب على منتجاتي يتصاعد يوما بعد يوم وأنا سعيد بأنني قادر على توفير كل احتياجات رمضان والعيد لأسرتي".
وبالفعل يؤكد خبراء اقتصاد أن شهر رمضان بمنتجاته وتقالديه السنوية أنعش الحركة الاقتصادية في اليمن ما ولّد فرص عمل موسمية لكثير ممن فقدوا وظائفهم جراء الأزمة السياسية أو ممن أرادوا زيادة مدخولهم حتى ولو خلال هذا الشهر الفضيل فقط.
ويقول أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، حسن ثابت فرحان، إن شهر رمضان أنعش الحركة الاقتصادية باعتباره مناسبة دينية وموسما استهلاكيا، مضيفا "قدسية رمضان ارتبطت عند الناس بارتفاع مستوى الاستهلاك في هذا الشهر".
ويوضح فرحان أن نسبة ارتفاع الاستهلاك على المواد الغذائية والحلويات والملابس أدت إلى ارتفاع الطلب، الأمر الذي خلق فرص عمل موسمية بسبب ازدياد طلب أصحاب المحلات للعاملين أو ازدياد عدد الباعة المتجولين في الشوارع والأماكن العامة.
ويضيف "الكثير من هؤلاء الباعة لديهم وظائف أخرى وهم يمارسون هذه الأعمال فقط في رمضان لاستغلال الشهر لرفع نسبة دخلهم".
كذلك يلفت فرحان إلى وجود عامل آخر يساهم في انتعاش الحركة الاستهلاكية: الزكاة.
ويقول "الكثير من الميسورين ورجال الأعمال يخرجون الزكاة من أموالهم ويعطونها للفقراء مما أدى إلى ارتفاع نسبة الإنفاق لكل شرائح المجتمع وبالتالي خلق فرص عمل وامتصاص جزء كبير من البطالة".
من جانبه، يقول جمال السنباني، نائب رئيس اتحاد عمال اليمن، إن رمضان يوفر فرص عمل ل 20 في المائة من الذين فقدوا وظائفهم في القطاع الخاص، "ولكن هذه الوظائف ستتلاشى بانتهاء شهر رمضان لأنها موسمية".
ويؤكد أن المشكلة يمكن أن تتفاقم أكثر إذا لم تعالج الأزمة السياسية قريبا.
ويضيف "الطلب على العمالة توقف توقفا كاملا بسبب توقف أعمال البنية التحتية والإنشاءات في مختلف المحافظات اليمنية وهو ما ضاعف من أعداد العمالة الفائضة لتصل إلى أكثر من 200 في المائة عما كانت عليه قبل الأزمة حسب التقديرات الأولية".
وكان عبده الجندي، نائب وزير الإعلام، قد كشف في مؤتمر صحافي في 28 يوليو/تموز أن الإحصائية الأولية للخسائر التي خلفتها الأزمة السياسية الراهنة في اليمن بلغت نحو 17 مليار دولار، كما تسببت الأزمة في إغلاق 500 مصنع إنتاجي في القطاعين العام والخاص وتضاعف معدل البطالة في اليمن بشكل عام في كافة القطاعات الإنتاجية.
ويعتبر أستاذ الاقتصاد طه الفسيل، مستشار وزير الصناعة والتجارة، أن نسبة كبيرة من الأيدي العاملة والأسر محدودة الدخل تلجأ إلى المشاركة في الإعداد أو التسويق للمنتجات الرمضانية بسبب زيادة الطلب عليها.
ويؤكد الفسيل أن ارتفاع نسبة الإنفاق في رمضان تعود لزيادة الدخل في هذا الشهر حيث أن الكثير من المؤسسات تعطي راتبين لموظفيها بمناسبة رمضان.