هاهو مبارك، وراء القضبان مع ولديه ورجاله، يتم محاكمتهم بتهمة قتل المتظاهرين في ميدان التحرير بالقاهرة، فيما سمي بموقعة الجمل التي استخدم فيها النظام المصري الساقط بلاطجة للاعتداء على المتظاهرين وقمع الثورة . أنكر 25 متهما من قيادات النظام المصري السابق وقوفهم وراء الحادثة ... الجريمة التي لن تخرج مسئوليتها عن واحد أو أكثر من هؤلاء ، لا احد منهم اتسم بالرجولة ليقول : أنا أتحمل المسئولية ، على الأقل باعتبارها يومذاك مهمة تقتضيها الأوامر ومتطلبات إثبات الولاء والبقاء في المنصب . حادثة الاعتداء على المتظاهرين التي كانت مهمة وطنية في ظل حكم مبارك ، يتسابق المسئولون الأمنيون ليثبتوا ولاءهم للرئيس عن طريقها ، صارت اليوم جرائم بالمعيار القانوني والإنساني والشعبي .. تحولت المهام التي كانت ترتكب قربي لوجه الرئيس، إلى تهمة يتنصل الجميع من تبعتها .. مبارك نفسه، الذي ارتكبت الجرائم لأجله ، أنكر مسئوليته عنها ، بينما قام وزير الداخلية حبيب العادلي سابقا باتهام مبارك بإعطاء الأوامر كي يبرئ نفسه من الجرائم التي ستودي به إلى حبل المشنقة . الذين كانوا يقتلون ويقمعون ويرهبون وينتهكون كرامة المواطن ، لم يتصوروا ان يسقط مبارك ونظامه ، ولذا أمعنوا في غيهم، بتجاوز القانون والمقدسات، لأجل رضا الرئيس، الذي تصوروا بأنه القانون والشعب والوطن، وانه باق إلى الأبد . وفي اليمن ، تتهافت قيادات عسكرية وبلطجية على ممارسة جرائم قتل للشباب السلمي لإثبات الولاء، والترزق بإزهاق الأرواح ، وإسالة الدماء الطاهرة .. هذه الجرائم التي يقوم بها الحرس الجمهوري وبلاطجته المستأجرين هي جرائم في حق الأبرياء . القتل للشعب لا تبرره سلطة ولا أوامر عليا ولا تسلسل قيادي .. الجريمة تظل جريمة ، وأي أوامر بالقتل للمواطنين بأمر من المحافظ او قائد المعسكر أو عاقل الحارة او مدير قسم الشرطة .. أي امر من هؤلاء بالقتل هو مخالف للقانون .. لا يشفع للجريمة إنها كانت امتثالا لأمر قيادي ، فالقانون لا يعطي واجب الطاعة لأوامر تستبيح المواطن. في مصر لا يتم محاكمة مبارك فقط، أنها محاكمة للمجرمين هنا في اليمن .. وقعة الجمل في مصر تشبه مجزرة جمعة الكرامة في صنعاء .. الدموية والنازية واللا إنسانية والضحايا السلميين .. كلاهما تتشابهان، مع فارق أن مصر الآن بعد الثورة ، ونحن .. في وسطها . يشهد موقف مبارك ورجاله، بكذب صالح وخطاباته ، وتدليس إعلامه، وافتراء الناطقين الإعلاميين .. غدا سيرمي صالح بالتهم على من هم تحته كما فعل مبارك ، وهؤلاء بدورهم سيتعللون بأنهم كانوا ينفذون أوامر عليا . وأيا ما كان المشهد غدا فإننا نشاهده بتفاصيله الدقيقة اليوم مباشرة من محاكمة مبارك .. ليس علينا سوى أن نضع صالح مكان مبارك واحمد علي مكان جمال مبارك .. وهكذا ... لننعم براحة العدالة قبل وقوعها، وليطمئن الثوار بأن مستقبلهم حاضر بين أيديهم يرونه عيانا .