لماذا المبادرة؟ لأن اليمن بلدا فقيرا وشحيح الموارد، يكافح شعبه من أجل حياه أفضل معتمدا على ذاته، فمن المؤكد أنه سيكون (للمبادرة الشعبية أو المجتمعية) حضورا كبيرا وهاما في الكثير من الأعمال وعمليات التشكيل والبناء التي رافقت وسترافق الثورة حاليا أو التي ستأتي لاحقا عند الشروع في بناء الدولة ومؤسساتها الوطنية والمدنية المختلفة وتوفير وبناء وسائل الإنتاج، وسيضفي التوظيف الجيد للقدرات، والتنوع والتمايز الذي تحفل به البلاد، نوعا من التنافس الجاد في السير نحو بناء الدولة، التي تحقق تطلعات الشعب في الشراكة العادلة والحرية والعدالة الاجتماعية. إن تحريك وشحذ طاقات الناس، للقيام بفعل ما أو معين يخدم اللحظة التي وجد أو ولد فيها، لتحقيق هدف وطني أو إنساني مرسوم ومحدد وواضح، هو في ذاته فعل مبادر يبدأ فرديا قبل أن يتحول إلى جماهيريا أو شعبيا. وانطلاقا من هذا الطرح، تصبح الثورة عبارة عن مبادرة شعبية، بدأ بها فرد أو جماعة أو فريق معين، ثم سرعان ما تحولت إلى فعل شعبي وجماهيري عريض وكبير، استقطب الكثير من الناس والعديد من الطاقات في مختلف الكيانات والتكوينات والساحات والمجالات الإبداعية والمهنية، فصار كل وأحد من هؤلاء يقدم ما لديه ومن مكانه وحسب إمكانياته الفعل الذي يراه مناسبا، لخدمة الثورة وهدفها المتمثل بإسقاط النظام المستبد الذي لطالما مثل عقبة أمام عملية الانعتاق والتحول طوال العقود الثلاثة الماضية. إن استمرار الثورة يعني استمرار المبادرة الشعبية، فمن ناحية للتأكيد أن عملية دعمها وحمايتها والحفاظ عليها تظل مسئولية شعبية لا تستثني أحدا، عدا أولئك الذين حددوا مواقف عدائية أو مسبقة منها، ومن ناحية فإن تحقيق أهدافها يستوجب أيضا حضور العمل الطوعي أو المبادر في أشكاله المختلفة. إن مشكلتنا في اليمن تكمن في غياب الدولة، والملاحظ أن السعي إليها يتم، ولكن ببطء شديد.فمن المؤكد أن الانتخابات الرئاسية العام 2006 كانت علامة فارقة بين زمنين،صراع بين مشروعين (الدولة وما قبل الدولة). لقد أعطت مؤشرا جيدا في تنامي وعي الجماهير، أسست لتحول كبير وعظيم في الاتجاه صوب المستقبل، ما بين ميلاد الفكرة واستيعابها والإيمان بها والاشتغال عليها يحتاج وقت طويل. ومنذ ذلك الحين أخذ اليمنيون يبحثون عن الأدوات التي تصلهم بالدولة حتى كانت الثورة.. هي الحل والخلاص.إذن الثورة مستمرة.. مادامت المبادرة مستمرة.