طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم السلطات اليمنية بالسماح للمنظمات الإنسانية بمساعدة ما يُقدر عددهم بنحو 150 ألف مدني محاصرين داخل دائرة القتال شمال اليمن. ودعت جون هولمز منسق المساعدات الإنسانية بالأممالمتحدة والذي يزور اليمن في 7 و8 أكتوبر الجاري، إلى دعوة السلطات اليمنية إلى تيسير وصول المنظمات الإنسانية إلى المدنيين الذين قالت أنهم "في أمس الحاجة للغذاء والمياه والمأوى والرعاية الصحية".
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إن القتال والقيود الحكومية يعنيان انقطاع المساعدات عن عشرات الآلاف من المدنيين شمالي اليمن، وهي مساعدات يحتاجونها بشدة". مضيفاُ "أن على الحكومة أن تساعد المنظمات الإنسانية على بلوغ المدنيين، لا أن تلقي في طريقها العقبات".
ودعت هيومن رايتس ووتش هولمز إلى دعوة المانحين للاستجابة بسخاء لطلب الأممالمتحدة مبلغ 23.7 مليون دولار لمساعدة المتأثرين بالنزاع. مشيرة إلى أنه لم يتم تقديم سوى 3 ملايين دولار من المبلغ المذكور حتى الآن. وكان تقرير ل هيومن رايتس ووتش قد صدر في نوفمبر 2008 بعنوان "المدنيون غير المرئيين: التحديات التي تعيق وصول المساعدات الإنسانية في سياق حرب اليمن المنسية" وانتهى إلى أن القيود الحكومية على المساعدات الإنسانية أثناء النزاع قد عرضت المدنيين للخطر.
وطبقاً للأمم المتحدة، فحتى أواخر سبتمبر لم تكن المنظمات الإنسانية قادرة على بلوغ أكثر من مائة ألف مدني فروا من النزاع. وبعض المنظمات تمكنت بصورة متفرقة من مساعدة بضعة آلاف من المشردين الذين عثروا على مأوى لهم في مخيمات أربعة في بلدة صعدة، داخل منطقة النزاع، وفي محافظة حجة، ومن التمس اللجوء منهم خارج محافظة صعدة. والأغلبية العظمى من المشردين يعيشون مع أسر مضيفة تحتاج للمساعدة، وفي حظائر وفي المباني العامة مثل المدارس والعيادات الطبية، وتحت الجسور وتحت السماء المفتوحة على جانبي الطريق. وجميعهم تقريباً يواجهون نقصاً في الغذاء والكثير منهم لا يمكنهم الحصول على مياه نظيفة.
ولم ترد الحكومة أو المتمردين على دعوات الأممالمتحدة بفتح الممرات الإنسانية. كما أعادت السلطات السعودية قسراً لاجئين يمنيين إلى منطقة النزاع. وقال مدنيون فروا من القتال إنهم اضطروا للسير لمدة أيام في مناطق جبلية قاحلة كي يبلغوا الأمان؛ لأن الطرق تغلقها جماعات مسلحة أو هي مقطوعة بفعل القتال الدائر.
وحتى أواخر سبتمبر ظهرت شهادات شهود وتقارير موثوقة لمنظمات حقوقية يمنية تشير إلى أن الجانبين أخفقا في اتخاذ جميع الخطوات المستطاعة لتفادي إلحاق الضرر بالمدنيين والأعيان المدنية، في خرق لقوانين الحرب. وربما قامت القوات الحوثية بنشر عناصرها في مناطق مزدحمة بالسكان؛ مما عرّض المدنيين لخطر لا ضرورة له. وربما انتهكت الحكومة قوانين الحرب في ثلاث وقائع منفصلة على الأقل، منها القصف الجوي الذي أسفر عن وقوع العديد من القتلى المدنيين. ودعت هيومن رايتس ووتش الطرفين إلى حماية السكان المدنيين بما يتفق ومبادئ القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وطلبت هيومن رايتس ووتش من هولمز أن يدعو السلطات السعودية إلى أن توقف فوراً إعادة اللاجئين إلى اليمن. معتبرة هذه الأعمال "خرقاً للحظر الدولي على الإعادة القسرية إلى أماكن تُهدد فيها حياة أو حرية المرء".
من جانب آخر أبدت منظمة أطباء بلاحدود قلقها الشديد على الوضع الصحي في محافظة صعدة، إزاء صعوبة الوصول إلى المرافق الصحية خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال ممثل منظمة أطباء بلاحدود "الدريس روميرو" "أصبح من الصعب جداً على سكان المحافظة الوصول إلى المستشفيين الوحيدين اللذين يتم فيهما التدخل الجراحي، نظراً لصعوبة الوضع الأمني في الطرق المؤدية إلى مدينة صعدة، حيث أصبح الوصول إلى المرافق الصحية أمراً في غاية الصعوبة".
وأضاف "روميرو" في بلاغ صحفي أن وصول المرضى إلى المستشفيين في مدينة صعدة أصبح عشوائيا وضئيلاً في هذا الوضع غير المستقر، مما يعني أنه لا يمكن إجراء عمليات الولادة المتعسرة والحالات الجراحية الطارئة إلى في حال تمكن المواطنين من الوصول إلى مدينة صعدة".
وأشار إلى أن أربعة مستشفيات في محافظة صعدة تعمل وتقدم الرعاية الصحية الثانوية "مستشفى الطلح ومستشفى رازح ومستشفى السلام ومستشفى الجمهوري".
وحسب ممثل المنظمة فإن ارتفاع حالة التوتر منذ الأمس في مدينة الطلح اجبر الفريق الطبي على مغادرة المستشفى هناك.
ودعا "روميرو" طرفي النزاع في صعدة إلى احترام المرافق الصحية والمحافظة على استمرارية العمل فيها، مضيفاً" إن المنظمة تحث كافة الأطراف على احترام مستشفى الطلح والحفاظ على استمرارية العمل الطبي لمساندة أهالي محافظة صعدة".
وتدعم منظمة أطباء بلاحدود مستشفيات وزارة الصحة العامة والسكان في مديرية رازح ومديرية سحار – الطلح، وذلك لضمان الحصول على الرعاية الصحية الأولية والثانوية في المحافظة.
وتعمل بلاحدود في محافظة صعدة شمال اليمن من سبتمبر 2007، حيث توفر الرعاية الطبية للسكان المتضررين جراء النزاع القائم بين الحكومة وجماعة الحوثي التي بدأت عام 2004م.