ليلة الجمعة الماضية كانت ليلة سوداء بالنسبة لصالح، وبشار، وبقية "كرتيلات" الفساد الخليجي والعربي ! الملوك والزعماء يموتون؛ لأنهم بشر تجري عليهم سنة الله كغيرهم من بني الإنس والجن.. يموتون في فراش المرض، أو خنادق الملاحقات. هم أنفسهم يعرفون ذلك جيدا، لكنهم يبخلون على شعوبهم بشيء من كساد الحياة الكريمة والحرية، حتى يأتي اليوم الذي يدفنهم الثوار بأيديهم . بعد إعدام الرئيس صدام حسين أطلق القذافي علامات الإنذار لأصدقائه حكام العرب، قال لهم: سيأتي عليكم الدور " فردا..فردا"، "واحدا.. واحدا". وقد تحققت تنبؤاته وكان أحد الذين أتى عليهم الدور باكرا. ساعة سماعي لخبر مقتل القذافي جاءتني مشاعر البكاء، وأحسست بالرغبة في فعل ذلك، لولا وجودي في مكان عام فعدلت عن الفكرة. لم أتحسر على رحيل القذافي، بقدر ما فرحت وشعرت أن حياة الليبيين بدأت للتو، وأن خطرا محدقا ذهب، وغصة عالقة في حلق ليبيا اُبتلعت، وفجوة تم سدها، أليس في " الْقِصَاصِ حياة يا أولي الألباب" صديقي المتلون دوما، أنحنى جانبا، وتحشرجت عيناه بالأسى، وكتب على حائطه في الفيس بوك : " رحمك الله يا زعيم العرب، يا مجاهدا ضد الغزو الأجنبي أيا كان..." ولكنه كان يجهل أن غازيا كبيرا متوحشا من الداخل اسمه معمر القذافي وأولاده السيوف الخمسة!! حق علينا أن نبقى متوجسين، خشية ً من المآرب والطموحات الغربية التي تريد تحصيلها من ثورة الشعب الليبي العظيم، لكن أليس من حقنا أن نبتهج بعد ذهاب الطاغية الذي عكر صفو الأمة، وهدد الحياة، وأوغل في الإبادة.. يريدون منا أن نوجه رقابنا للجلاد، ونقول سمعا وطاعة، ثم ينقمون منا لأننا ابتهجنا بالقصاص الإلهي العادل من قاتل غادر! أليست يد العدالة التي طالت يد القذافي وقصمت رقبته؟!! القاتل يموت مقتولا، في محكمة القصاص أو في محكمة الثوار، في ميدان التنفيذ، أو مداخل المجاري والسيول.. لا فرق. قُتل القذافي ورحل عنا، ولا أسف عليه، والدور آت لا محالة لمن ما زال يتغافل صوت الشعب، مُمنيا نفسه أن وضعه يختلف عن وضع ونهاية رفيقة. كلما سقط رئيس قال الآخر لست كمثله، وكلما قتل رئيس قال الآخر ليست حراستي كحراسته. ألم تكن كتائب القذافي تهز الجبال بأصوات قذائفها؟! أين ذهبت؟ وهل داستها إلا كتائب الثوار المؤمنين الذين يكبرون باسم الله الأكبر؟ في حين كانت كتائب القذافي المرتزقة تكبر باسم " معمر وبس". نعم نحن مبتهجون، لأن شمس ظلم غربت، ومعالم صبح بزغ فجره، وجسر سلام وحب بدأ يتعبد، وحلقات وصل بدأت تٌعقد، ونار حرب أُخمدت شعلتها. هل يفهم صالح وبشار هذا الدرس؟! هل يفهم أنصارهم أن حكامهم الطغاة سيذهبون؟! يد العدالة الإلهية لا تفرق بين رئيس ومرؤوس.. القاتل يُقتل، والسن بالسن، والعين بالعين، والجروح قصاص. أين كانت كتائب القذافي لتحميه من الموت؟! أين أملاكه الطائلة لتصد عنه رصاصة الثوار؟! وأين الصداقات التي أنفق عليها من قوت شعبه؟! أين زعماء العرب ليحموه؟! أين العشائر الليبية، كيف تفرقت عنه؟! أين الجماهيرية والكتاب الأخضر؟! كل هذا ذهب، ووحده بقي الإله، وبقدرته بقيت روح الشعب الثائر. يا زعماء العالم؟ يا حكام العرب؟ يا طغاة الشعوب؟ يا عُباد الكراسي؟ يا صالح ؟ يا أحمد علي؟ يا يحيى؟ يا عمار؟ يا طارق؟ يا أنسي؟ يا مقولة؟ يا سنحان؟ يا خولان؟ يا حاشد؟ يا بكيل؟ يا مؤتمر: القاتل يموت مقتولا، ولو بعد زمن.. وقوة الشعب فوق قوة المعسكرات والألوية، فاعتبروا يا أولي الأبصار.