وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    الهلال يصعق الأهلى بريمونتادا مثيرة ويقترب من لقب الدورى السعودى    بأمر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي ...الاعدام بحق قاتل في محافظة شبوة    قيادي حوثي يفتتح مشروعًا جديدًا في عمران: ذبح أغنام المواطنين!    "الغش في الامتحانات" أداة حوثية لتجنيد الطلاب في جبهات القتال    شاهد.. جثامين العمال اليمنيين الذين قتلوا بقصف على منشأة غازية بالعراق في طريقها إلى صنعاء    شاهد.. صور لعدد من أبناء قرية الدقاونة بمحافظة الحديدة بينهم أطفال وهم في سجون الحوثي    العثور على مؤذن الجامع الكبير مقتولا داخل غرفة مهجورة في حبيل الريدة بالحج (صور)    حقيقة فرض رسوم على القبور في صنعاء    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    كنوز اليمن تحت سطوة الحوثيين: تهريب الآثار وتجريف التاريخ    الرئيس الزُبيدي يطالب بخطط لتطوير قطاع الاتصالات    الذهب يصعد متأثراً بآمال خفض اسعار الفائدة الأميركية    فتيات مأرب تدرب نساء قياديات على مفاهيم السلام في مخيمات النزوح    السلطة المحلية تعرقل إجراءات المحاكمة.. جريمة اغتيال الشيخ "الباني".. عدالة منقوصة    أبطال أوروبا: باريس سان جيرمان يستضيف بوروسيا دورتموند والريال يواجه بايرن في إياب الدور قبل النهائي    البرلمان العربي يحذر من اجتياح رفح جنوب قطاع غزة    فارس الصلابة يترجل    صورة.. الهلال يسخر من أهلي جدة قبل الكلاسيكو السعودي    عودة نجم بايرن للتدريبات.. وحسم موقفه من صدام الريال    السياسي الوحيد الذي حزن لموته الجميع ولم يشمت بوفاته شامت    مبابي يوافق على تحدي يوسين بولت    التشكيل المتوقع لمعركة الهلال وأهلي جدة    مسيره لطلاب جامعات ومدارس تعز نصرة لغزة ودعما لطلاب الجامعات في العالم    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    تعاون حوثي مع فرع تنظيم القاعدة المخيف في تهديد جديد لليمن مميز    مليشيا الحوثي تقتحم قرية بالحديدة وتهجّر سكانها وتختطف آخرين وتعتدي على النساء والأطفال    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    القاعدي: مراكز الحوثي الصيفية "محاضن إرهاب" تحوّل الأطفال إلى أداة قتل وقنابل موقوتة    رغم تدخل الرياض وأبوظبي.. موقف صارم لمحافظ البنك المركزي في عدن    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عمر عبدالعزيز: اليمن الجمهوري يتجسد في هذه المرحلة غير المسبوقة
نشر في المصدر يوم 23 - 11 - 2011


مقتطفات من الحوار:
أتوقع أن يكون الإصلاح الفائز الأول في أي انتخابات قادمة وعلينا أن نقرأ بحصافة المتغير العالمي في النظر للإسلام السياسي حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود.
التجربة الفريدة التي اجترحها الراحل الشهيد جار الله عمر ممثلة باللقاء المشترك أينعت وأثمرت.
الثورة اليمنية ستنتصر لا محالة لكن سيناريو النصر لا يمكن تحديده بمنطق سينمائي.
***************
انضمام القائد علي محسن للثورة مكسب لا ريب فيه، والمكسب الأكبر اعترافه الشجاع بالخطأ الفادح جراء تسييج النظام القائم، واستعداده للمثول أمام محكمة الثورة.
هذا الكلام وان جرى مجرى القول له مغاز بالغة ومعنى عميق ليس عيبا أن يكون لعلى محسن وغيره أدوارا سابقة ضمن ترويكا السلطة الغاشمة الظالمة، ولكن العيب كل العيب الاستمرار في هذا الطريق كما يفعل بعض صغار المنتفعين المحجوبين عن النور.
**********
أجرى أعضاء صفحة "وادي مروان الغفوري" على الفيس بوك حواراً حول الثورة اليمنية مع المفكر اليمني المعروف د. عمر عبد العزيز. وأعدها المصدر أونلاين للنشر.

* هل الثورة العربية حتمية تاريخية؟ وهل هي "ذاتية التدعيم"، خرجت لتنتصر؟
- الحتمية التاريخية تدخل في باب التقاطع بين الصدفة والضرورة، وهذه مقولة فلسفية بقدر ما هي تاريخية وبيولوجية، وستجد أبعاد هذه الحقيقة عند داروين وماركس وحتى بعض المتصوفة مما لا نستطيع مناقشته في هذه العجالة. الصدفة البوعزيزية التونسية حملت في طياتها كامل الضرورات والمقدمات التي أفضت إلى الثورة العربية الراهنة، وهي بهذا المعنى بمثابة عجلة دارت ولن تعود إلى الوراء، والدرب قد يكون سالكاً جداً وقد يكون ملغوماً بالحجارة والحفر، لكن مصير العربة أن تصل. الثورة العربية تسير بقوة دفعها الخاصة، ولقد بدأت لتتواصل وتصل إلى اهدافها المسيجة بارادة الجماهير وقضيتها العادلة.
* كمفكر عربي اشتغل طويلاً على أعقد الأسئلة المعرفية والظواهر الاجتماعية: ما الذي حدث بالضبط، مؤخراً، حتى اشتعلت الثورة العربية على طريقة الدومينو إيفكت؟ أقصد: ما هو التحول الاجتماعي البنيوي الفارق؟
- قبل حين تحدث علماء التاريخ عن ما يسمى بدهاء التاريخ، وهذه المقولة أشبه ما تكون بالحقائق الموضوعية الناجمة عن تقاطع الظاهر المرئي بالغائب غير المرئي، ومثالها الكلاسيكي ذلك السائر في دربه نحو هدف محدد، وفي الطريق شجرة باسقة، وحال مروره تحتها تسقط تفاحة على رأسه. هذا السقوط الذي يبدو محض صدفة محكوم بقانون الجاذبية. أي قانون الضرورة، فكل شيء يسير في إطار الضرورة أو الجبر. يقول الشنقيطي الرائع "المرابط ولد متّالي ":
المرء في الظاهر ذو اختيار
والجبر باطنا عليه جاري
وكان من عجائب الجبار
أن يجبر المرء بالاختيار
ومن هنا نستطيع إدراك تراتبية السقوط الحر لأنظمة الاستبداد في العالم العربي، فالجبر ليس حالة فردية، بل ناموسا كونيا يطال المجتمعات البشرية، وما سيأتي في هذا الباب سيكون أكثر جلاء ووضوحا، فلننتظر. فيما يخص الحالة اليمنية أقول أن علوم التوقعات التاريخية مشوبة دوما بما يسمى نظرية البجعة السوداء. تلك النظرية التي نبعت من مشاهدة المستعمرين الانجلوساكسون لنوع من البجع الأسود غير المألوف في أوروبا. حدث ذلك في استراليا وكانت تقديرات المستعمرين الأول أن هذا نوع من السحر الذي يمارسه السكان الأصليين، لكنهم بعد ذلك تبينوا أن الأمر ليس كذلك، وان هذه الظاهرة البيولوجية تتصل بما يسمى الصدفة البيولوجية التي عبر عنها داروين بما اسماه الصفة المتنحية عند الكائنات والتي تبرز فجأة. هذه النظرية معادل موضوعي لنظرية الصدفة في التاريخ، ولهذا السبب تبدوا الثورات للوهلة الأولى محض صدفة، لكنها سرعان ما تتكشف عن أبعاد ومقدمات موضوعية.
* ذات يوم قال جمال الدين الأفغاني إن المجتمعات العربية بحاجة إلى مستبد عادل، يحقق لها الخير.هل يمكن تحقيق هذا؟
- مقولة المستبد العادل مقولة تاريخية ذات صلة بالحاكميات التاريخية البائدة التي لم تصل بعد إلى اعتراف بالعقد الاجتماعي التشاركي للأمة، وقد وجدتْ هذه المقولة تبريرات فوق ميكيافيلية في علوم الكلام المجيرة على فقه السلطان، وكان العالم العربي ومازال يعيش هذا الزمن التاريخي بامتياز، بل يقيم فيه إقامة الواثق المطمئن، لكن حقائق التاريخ والجغرافيا تحاصر هذه الحاكميات المتخلفة، فالعالم لم يعد يطيق شركاء المحن والآثام، والصيرورة التاريخية لم تعد تطيق حاكميات عربية تقلق أوطانها والعالم برمته.
الحديث يا عزيزي عن مقولة المستبد العادل يطول ويطول، ولهذا اكتفي بالإشارات واثقا من انك ترى ما وراء الآكام والهضاب.
* كمتابع دقيق للثورة اليمنية: ما الذي حدث وكان لا ينبغي أن يحدث؟
- حدثت أشياء كثيرة في مسار الثورة اليمنية كنت شخصيا أتمنى أن لا تحدث، لكن حركة التاريخ محكومة بقوانينها الداخلية التي تتأبّى على أمانينا وآمالنا، ناهيك عن برامجنا الذهنية، لكن المهم في كامل المعادلة هو مآلات المسار، وحتمية التحول، لهذا السبب لا أحب أن أقف كثيرا أمام ما كان، بل ما نتمنى أن يكون، متأسيا بأبيقوريّة الخيام..
غد بظهر الغيب واليوم لي " وكم يخيب الظن بالمُقبل.
- هل تتابع الكتابات الصحافية اليمنية؟ وما هو تعليقك على نحو عام حول "الكتابة والثورة" في اليمن"؟
• أقرا الكتابات المواكبة للثورة اليمنية، وأرى أنها تشكل روافد واجتهادات متنوعة تصب في مجرى النهر الواحد، والحال فإن هذه الكتابات تتفاوت في مزاجها، فمنها الإنشائي المحرض، ومنها الرائي الملتبس بالحقائق الموضوعية، ومنها المتردد المتسائل. لكنها في نهاية المطاف تعبر عن توق حقيقي للتغيير، وهذا هو القانون الأسمى في مسار التحول.. ذلك المسار الذي يتماهى مع دواخل البشر وأمانيهم وأمالهم وأحلامهم، وهنا تكمن التميمة السحرية لمعنى المشاركة.
• كل الاجتهادات والتنويعات والمقاربات مطلوبة، فالمسارات وان تعددت حد الاختلافات البيّنة لابد وان تخدم المجرى الرئيس لنهر التغيير الجارف.
ما هي برأيك أوجه التلافي بين موجة الثورات الحالية اليوم في الوطن العربي وبين ما سمي حينها بالثورة العربية الكبرى (بغض النظر عن البعد البنيوي النخبوي للمذكورة لاحقا)؟
الثورة العربية الكبرى التي ترافقت مع نهايات الإمبراطورية العثمانية حملت في طياتها مشروعا إحيائيا نهضويا مزاجه وحدة العروبة بالترافق مع استبعاد إجرائي للجامع الديني الإسلامي، وبهذا المعنى مهدت تلك المرحلة للمشاريع القومية العربية دون أن يلاحظ مفكروها الكبار أن جوهر تلك المشاريع ارتبط بالنزعة القومية الأوربية، وبالتالي بدت كما لو أنها رد فعل قومي على مشاريع المركزية القومية الأوربية ذات النزعة الشوفينية.. والفارق الجوهري بين تلك المشاريع النهضوية الغنائية وما يجري اليوم فإنه يكمن في تاريخية وجماهيرية الانعطافة الدراماتيكة الراهنة، والنابعة من مقدمات اكتنزت بالأنين والحيرة، وبحالة جماهيره تجاوزت الانتلجنسيا السياسية ووضعتها أمام خيارين لا ثالث له، فإما الالتحاق بالركب أو السقوط المشين كما لو أنهم فائضا يوازي أنظمة العفن والموات.
* يطرح البعض أن الربيع العربي ليس أكثر من مؤامرة تستهدف الأنظمة الجمهورية العربية دون الملكية أو الوراثية..أنا لست مع هذا الرأي بالطبع لكن من المهم أن نتساءل إلى أي مدى يمكن لثورة الشعوب العربية أن تمتد وتستمر؟
- اتفق معك جملة وتفصيلا فيما ذهبت إليه حول نفي نظرية المؤامرة، أما ما يتعلق بالشق الثاني من تساؤلكم اللماح فإنه الأكثر صعوبة وتعقيداً، والشاهد أن الثورات الشاملة لا تؤتي ثمارها الناجزة إلا بعد زمن وأحوال تتجاوز مألوفاتنا في الزمنين البيولوجي والفيزيائي، لكنني أرى بعين الحدس أن إيقاع الزمن قد تغير، وان حساسية الجيل الجديد تجاه المتغير أكثر ديناميكة من أي وقت مضى، ولهذا السبب أُمني نفسي معك في أننا سنشهد نهضة عربية قادمة تتجاوز ثقافة الماضي البليد الذي تكلس منذ فترة طويلة. عزيزي.. ما يجري في العالم العربي تعبير عن معنى التاريخ والجغرافيا، واستيقاظ فتي بعد استرخاء مديد ويأس شمل كل جوانب الحياة، ومن المؤكد أن الثورة المعرفية الرقمية ساعدت إلى حد كبير في قطع أشواطا متقدمة، وحاصرت أدوات أنظمة الجمود اللاتاريخية والتي اتخذت طابعاً فولكلورياً في عموم الزمن السياسي العربي المحتضر.
هل تتوقع سيطرة حزب الإصلاح بأغلبية مطلقة بعد الثورة؟
- أرى أن حزب الإصلاح أكثر تنظيما وفتوة من بقية أحزاب المعارضة، لكننا اليوم نتكلم عن إصلاح متغير، وذلك عطفا على المتغيرات الأيديولوجية السياسية في أحزاب الإسلام السياسي ونماذجها الأكثر حضورا في تركيا ومصر. أتوقع أن يكون الإصلاح الفائز الأول في أي انتخابات قادمة، لكن ذلك لا يعني أن مشروع الإصلاح القادم سيكون مشابها لما كان عليه الحال قبل سنين خلت، وعلينا هنا أن نقرأ بتؤدة وحصافة المتغير العالمي في النظر للإسلام السياسي حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود، كما أن التجربة الفريدة التي اجترحها الراحل الاستثناء الشهيد جار الله عمر ممثلة باللقاء المشترك أينعت وأثمرت.
الكل يتطلع إلى أن تنتصر الثورة في اقرب وقت ممكن كيف يستطيع الثوار حسم الثورة أو ما هي الطرق التي تسرع من اقتلاع علي صالح وعصابته؟
• الثورة اليمنية ستنتصر لا محالة، لكن سيناريو النصر لا يمكن تحديده بمنطق سينمائي. نحن نتحدث عن تحول عسير في مجتمع متعدد الأبعاد والمؤثرات، لكن ما يدعو دوما إلى التفاؤل هو الحالة الجماهيرية التضامنية السلمية التي لوت أعناق المراقبين وأدهشت المتابعين في أربع أرجاء العالم، فيما أسقطت رهانات النظام في يمن ممزق متشظ. اليمن الجمهوري يتجسد في هذه المرحلة غير المسبوقة.
إذا انتصرت الثورة كحتمية تاريخية فالوحدة اليمنية بألف خير، ذلك أن انتصار الثورة يعني ما يلي: حكم اتحادي لا مركزي يستقي مفرداته من جغرافيا اليمن التاريخية / تبادل سلمي للسلطة، فسينتهي مرة والى الأبد الرئيس المقيم في السلطة طوال حياته / المشاركة الواسعة التي تجد رجع صداها الأكبر في التنمية الأفقية وتعظيم أفضليات التنمية في المحافظات المختلفة.
إلي أين نحن ذاهبون يا دكتور؟
• نحن ذاهبون إلى المجد والسؤدد.. اطمئن.
- أتجاوز واقع وتعقيدات ومآلات الثورة في اليمن إلى التحدي الأبرز لما بعد، كانت اليمن قبل الثورة تتخبط بين ملحات اقتصادية كثيرة وبإضافة فاتورة الثورة المتصاعدة بشدة كيف تتوقعون أن يكون حجم التحدي الاقتصادي ليمن ما بعد الثورة وما هي أقصر الطرق التي يفترض بالسلطة القادمة سلوكها لاستعادة الأنفاس اقتصادياً في المدى المنظور؟
- التميمة السحرية للخروج من المأزق الاقتصادي الراهن يتمثل في نظام الحكم الاتحادي اللامركزي الذي سيجعل السوق الاستثمارية والتجارية سوقا حرة، وسيتسع ملعب المصانعة والابتكار والإبداع، وصولاً إلى حالة سوية كتلك المشهودة في الاقتصاديات الحيوية في العالم.
هل ترى أن ما يحدث في الوطن العربي هو بمثابة ثورة فكرية ثقافية يشمل تأثيرها كل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما حدث ذلك في أمريكا بداية عقد الستينات وما تبعها من طفرة ثقافية؟
ما يحدث في العالم العربي عبارة عن انعطافة كبرى ستشمل كل جوانب الحياة المادية والروحية.. وبهذه المناسبة أحيلك إلى كتاب العلامة جوستاف لوبن بعنوان "سيكولوجيا الجماهير" والذي قد تجده في محركات البحث في الإنترنت، لالتقاط بعض المعاني المبثوثة في أزمنة الثورات العارمة..
الثورة والوقت علاقة كل منهما بالآخر؟
- السؤال عن الثورة والوقت سؤال فلسفي وجودي بامتياز، ولعلني الجأ للشعر لتنبيين لطيفة من لطائف الزمان.
قال الشاعر
كنت كذي رجلين رجل صحيحية وأخرى رمى فيها الزمان فشُلّتِ
وهذا ينطبق على الأنظمة التي استنفدت أسباب وجودها كالنظام العربي السائد الذي اصبح كسيحا لا يقوى على السير.
نحن نعرف سر وقوف المملكة العربية السعودية مع صالح ونظامه.. لكن ما هو سر دولة الإمارات وراء هذا الموقف والتأييد لصالح ونظامة؟
- النظام الإقليمي العربي المجاور لليمن، وفي الأساس المملكة العربية السعودية يعيشون حالة حيرة وترقب لما يجري في العالم العربي، ويتفارق المراقبون في الرأي، فهنالك من يرى إخفاقات الأنظمة الجمهورية العربية، بمقابل نجاحات الأنظمة الملكية السطانية، وهنالك من يرى المشهد بعدسة أكثر انفراجا واتساعا. لكن الحالة الإقليمية السعودية أكثر التباسا باليمن، وأكثر استغراقا في الحيرة والتذبذب. أتحدث هنا عن البعد الرسمي في سياسة المملكة، وأرى بعين اليقين أن المملكة ترغب في تبديل ناعم لرأس السلطة، مع توتر ومراقبة لصيقتين لما بعد ذلك، وبهذا المعنى يمكننا قراءة المبادرة الخليجية بوصفها مخرجا سياسيا للاحتقان، لكنها ليست بديلاً عن ما سيجري في اليمن أو دول الإقليم المجاور، ومعذرة على الاختصار الشديد.
- أورد المفكر مالك بن نبي أن لكل حضارة عالم أفكارها وعالم أشخاصها وعالم أشياءها, وقال بان مشكلة الحضارة تكمن في احد هذه الثلاث, واعتقد أن عالم الأشياء موجود وبكثرة في الوطن العربي,,,, من وجهة نظرك ,ما هي المشكلة الأبرز في عالمنا العربي هل الأفكار أم الأشخاص؟
- مشكلتنا في العالم العربي تتلخص فيما اسميه بالاشتباك غير الحميد مع تاريخنا الخاص، وهو ما أوصلنا إلى اشتباك مواز وغير حميد مع الآخر الإنساني.. سأرسل إليك مخطوط كتابي بعنوان "الاشتباك غير الحميد مع التاريخ".
- عندي تساؤل بسيط وهو أن منظري الجيبوليتيك يعولون على العامل الجغرافي بشكل كبير وقد ظهرت مؤخراً دراسات من هذا المنطلق تربط بين التحول الديمقراطي والجوار الجغرافي..فهل دول الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص تشعر بالخوف من تحول اليمن إلى دولة مدنية ديمقراطية ينتقل من خلالها هذا التحول إلى السعودية وبقية دول الخليج؟
- دول الخليج العربي تنظر لليمن من زوايا متعددة، فهذه الدول ليست سبيكة مغلقة، ولا تسبح خارج الجغرافيا والتاريخ، بل تتموضع تماما في قلب المعركة، مثلها مثل غيرها من الدول العربية، ومن هذه الزاوية نستطيع تشخيص القراءة الخليجية للحالة اليمنية باعتبارها قراءة متعددة بالمعني السياسي والأيديولوجي. الخليج ياعزيزي يعيش اعتمالاته المؤكدة، ويلتبس بالحالة العربية التباس الثوب بلابسه.
* هل ترى أن اليمن لديها من المؤهلات والموارد الاقتصادية ما يجعلها دولة مكتفئة ذاتيا بعد الثورة في حال أحسن استخدامها، خصوصا بعد أن انكشف حجم فساد العصابة الحاكمة، أم انه مكتوب علينا أن نظل شعب شحاذ؟
- أقول لك من خلال ثقافة عالمة بالفكر الاقتصادي أن اليمن ليس مشروع اكتفاء ذاتي بالموارد فحسب، بل يمكنه أن يكون رافدا هاما من روافد الاقتصاد الإقليمي والعالمي. المشكلة يا عزيزي ليست في القابليات والموارد المتاحة، بل في الإدارة وفلسفة بناء وتسيير الدولة.
* ما هو تقييمك لدور المعارضة اليمنية والمجلس الوطني؟ وبحكم تواجدك في الامارات هل تعتقد أن النظام الاتحادي يناسب اليمن؟
- المعارضة المُشرْعنة والمجلس الوطني وجهان لعملة واحدة، غير أن المجلس الوطني يمكنه أن يتحول إلى أداة حقيقية للثورة إذا ما تم تفعيله خارج نطاق العوابر والكوابيس السياسية اليومية.
النظام الاتحادي لا يناسب اليمن فقط، بل كل دولة تنتمي للعصر. النظام الاتحادي هو الإكسير السحري للخروج من نفق التنافي العدمي والدولة الفاشلة.
- دكتور عمر هل لنا بقراءة من قبلك للمرحلة الانتقالية التي ستعقب الثورة؟ كيف تنظر لانضمام القائد علي محسن الأحمر للثورة؟
• المراحل الانتقالية تتصف بقدر كبير من تعدد عوامل الفعل، لكنها في المجمل تمثل حالة استمرار للصراع، فالجديد يخرج من أحشاء القديم كما يقول منظرو تاريخ التحولات، والقديم لا يموت دفعة واحدة بل يخبو ويتلاشى، وقد يعيد إنتاج نفسه بكيفيات مختلفة كما حدث بعد ثورة سبتمبر.
• انضمام القائد علي محسن للثورة مكسب لا ريب فيه، والمكسب الأكبر اعترافه الشجاع بالخطأ الفادح جراء تسييج النظام القائم، واستعداده للمثول أمام محكمة الثورة. هذا الكلام وان جرى مجرى القول له مغاز بالغة ومعنى عميق.. ليس عيبا أن يكون لعلى محسن وغيره أدوارا سابقة ضمن ترويكا السلطة الغاشمة الظالمة، ولكن العيب كل العيب الاستمرار في هذا الطريق كما يفعل بعض صغار المنتفعين المحجوبين عن النور.
- في حال نجاح الثورة ما الذي تتوقعه لليمن وكم سنحتاج من الوقت لنبدأ في رؤية نتائج الثورة؟
• أرى اليمن القادم بعين الرائي وروح المتيقن من عبرة التاريخ ونواميسه.. يمن جديد يعيد إنتاج أفضل ما في هذا البلد العريق، ويزهو بالنماء والتطور، ويأخذ مكانه تحت الشمس الساطعة. اطمئن يا عزيزي فالخير قادم، وإن كره التالفون المغيبون عن ذواتهم.
كم تقدر أخطاء الثورة بنسبة مئوية؟
• سؤالك سؤال رياضي برهاني لا ينطبق على أحوال المجتمعات، ولكنه سؤال وجيه لأنه يعتمد الدقة الابستمولوجية ويبحث عن نسبة الأخطاء المئوية في الثورة.
- إذا كانت هذه الثورة هي دالتنا المركبة !! ومن خلال رصدك لأحداثها !! ما هي نهاية هذه الدالة وما علاقتها بالزمن (أقصد كم من الزمن ستحتاج إلى أن تصل للنهاية)؟
• سؤالك عن زمن الثورة وما كان ينبغي أن يحصل، ومآلات الثورة. تصب كلها في مجرى التقييم لما كان، والتوقع لما سيكون وهنا أود الإشارة إلى ما كان بوصفه حالة تفارق مؤكد بين تقديرات مختلفة، فالثورة حالة إشكالية مركبة ومعقدة، وتقديرات الفرقاء لأفضل سبل التغيير متعددة ومتنوعة جبراً. لهذا السبب من المناسب أن تتراجع الرؤى الفردية والاجتهادات الخاصة أمام الحقائق الموضوعية التي لا تتسم بمنطق رياضي جبري، ولا تسير وفق أهواء وتقديرات هذا الطرف أو ذاك. لكن هذا لا ينفي حتمية التغيير وذلك نسبة لما حدث والتداعيات الشاخصة أمامنا. يا عزيزي لم يحدث في تواريخ البشرية المسطورة أن خرجت الجماهير إلى الشارع، وظلت الأنظمة في مرابع بؤسها، فلنعتبر.
- في ظل الظروف الحالية والمعقدة للتركيبة الاجتماعية والثقافية لليمن وفي ظل تردي الظروف الاقتصادية والأمنية في البلد ما هي خارطة الطريق التي يمكن أن نصل من خلالها للشاطئ وهل يمكن أن نصل بدون خدوش؟
• لا اعتقد أن هنالك خارطة طريق إجرائية للمستقبل، بل تفاعلات حميدة ورؤى متنوعة، وطريق نرصفه بجهودنا المشتركة. نحن كالطائر الذي حلق لتوه، وعليه مغالبة العواصف والأنواء حتى يرجع لمنصة جديدة متجددة. الطائر الذي انطلق من مكان لابد له أن يعود قافلا ومحملا بالخيرات. أتمنى عليك أن تقرأ "منطق الطير" للرائي فريد الدين العطار، في هذا الكتاب لطيفة من لطائف التنكُّب والمشقة التي توصل إلى الحقيقة.
- قال هيكل " اليمن قبيلة تريد أن تتحول إلى دولة" وكان ردك عليه في مقال "يهرفون بما لا يعرفون" ذكياً جداً. وكانت عدن حاضرة في ردك، كنسيج شديد الحسم. بعيداً عن الجدل الذي طرحته في مقالتك، هل تعتقد أن موقف هيكل يمكن أن يفسر أيضاً باستدعاء أسباب وسياقات أخرى؟
• اعتقد أن الأستاذ هيكل استعجل في إجابته حول اليمن والتي بدت لي كما لو أنها لازمة كلامية خارج المعنى، وأتصور أن منظومة المعلومات التي انطلق منها هيكل تنتمي إلى زمن سياسي متقادم، وانه معذور بقدر اتكاءه على تلك المعلومات التي كان يفترض أن تتموضع في زمانها ومكانها المحددين.. ولكن مع قدر من الإشارة إلى أن ذلك الزمن الإمامي السلاطيني اليماني ترافق أيضا مع مشاريع تحديث مبكرة، ورؤى انعتاق متقدمة، مما لا مجال للخوض في تفاصيله هنا.
- تنبأت بشرق أوسط يقوده الإسلاميون المعتدلون. ما هي تخوفاتك الشخصية؟ قلت عنهم الإسلاميون الذين "لن"يخلطوا بين الدين والدولة، ما هي مرئياتك لهذا الشكل من الحكم الإسلامي؟
• أتمنى أن يكون الإسلام السياسي المحتمل في حاكميات العرب لما بعد الثورة إسلاماً سياسياً يتأسّى بفكر التركي الكبير بديع الزمان النورسي الذي جمع بين السنة الاشعرية والتصوف العرفاني، وكان بالإضافة إلى الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي وجلال الدين الرومي بمثابة رافعة كبرى لإسلام سياسي مقبول، وبهذا المعنى أرى أن تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا ملهمة لنا جميعا، ولكن دون إغفال الإسلام الاندونيسي والماليزي. الإسلام في التطبيق "إسلامات " وليس واحدا، وهذه مقولة بحاجة إلى تفصيل كبير قد أجد فرصة لاحقة لإيضاحها.
- ما هي النقطة الأضعف في جسد الديكتاتور؟
*النقطة الأضعف في جسد أي طاغية القلب واللسان بوصفهما وجهي عملة واحدة. يقول زهير ابن أبي سلمى
لسان الفتى نصف ونصف فؤاد
فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
وفي ثقافة الاستبداد العربية التاريخية كان اللسان دوما رديف القهر والكمد حتى أن إلغاء اللسان يعني إلغاء الإنسان حتى أنني أتأمل في تشابه الحروف بين الإنسان واللسان.. يقول أبا نواس:
خلي جنبيك لرامي
وامض عنه بسلام
مت بداء الصمت
خير لك من داء الكلام
إنما السالم من
ألجم فاه بلجام
وشتّان بين صمت النفري العارف، وبين صمت الخائف الوجل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.