تبنى مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الجمعة قرارا يصادق فيه على تقرير غولدستون الذي يتهم اسرائيل وحركة حماس بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب على غزة في أواخر 2008 ومطلع 2009. وفيما دانت اسرائيل القرار ووصفته ب"الجائر"، رحب به الفلسطينيون وقالوا انه يجب ان يتبعه تحرك من مجلس الامن الدولي. وصوتت 25 دولة لصالح اعتماد التقرير وعلى راسها الدول العربية والافريقية، وعارضته ست دول من بينها الولاياتالمتحدة، بينما امتنعت 16 دولة عن التصويت او لم تصوت مطلقا. ويدعو القرار الى المصادقة على "التوصيات التي يتضمنها التقرير" الذي اعدته لجنة برئاسة مدعي جرائم الحرب الدولي ريتشارد غولدستون حول الهجوم الذي شنته اسرائيل على قطاع غزة. ويدعو القرار كذلك "كافة الاطراف المعنية بما فيها اجهزة الاممالمتحدة الى ضمان تطبيق" التوصيات. وخلص تقرير غولدستون المثير للجدل والذي نشر في ايلول/سبتمبر الى ان إسرائيل وحركة حماس التي تسيطر على القطاع، ارتكبتا جرائم حرب وربما جرائم ضد الانسانية خلال النزاع. ويوصي التقرير كذلك باحالة نتائج التقرير الى مدعي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إذا لم تجر اسرائيل وحماس تحقيقات ذات مصداقية خلال ستة اشهر. وجاء تصويت الجمعة بعد يومين من تعرض اسرائيل والفلسطينيين لضغوط دولية خلال نقاش لمجلس الامن الدولي حول الشرق الاوسط من اجل اجراء تحقيقات داخلية "ذات مصداقية" في جرائم الحرب التي قيل انها ارتكبت خلال النزاع في غزة. ورحبت السلطة الفلسطينية بقرار مجلس حقوق الانسان، وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة فرانس برس ان "السلطة الفلسطينية ترحب بقرار مجلس حقوق الانسان" الموافقة على تقرير غولدستون. واضاف "نامل ان لا يكون قرار مجلس حقوق الانسان مجرد قرار" و"نأمل بمتابعته وفق آليات تنفيذ في مجلس الأمن الدولي وان يعتمده (المجلس) ضد الجرائم الاسرائيلية لضمان وقف تكرارها". كما انتقدت اسرائيل تبني التقرير. وجاء في بيان لوزارة الخارجية ان "تبني هذا التقرير من قبل مجلس حقوق الانسان الدولي يضر بالجهود لحماية حقوق الانسان التي تتفق مع القانون الدولي، وكذلك بجهود نشر السلام في الشرق الاوسط". واضاف البيان ان "هذا القرار يشجع المنظمات الارهابية في انحاء العالم ويقوض السلام العالمي". وقال وزير الداخلية الاسرائيلي ايلي يشائي ان "الجيش الاسرائيي تعامل مع (المدنيين) الابرياء بقفاز من حرير"، خلال الهجوم الاسرائيلي الذي استمر 22 يوما على غزة الشتاء الماضي. واضاف ان قرار المجلس تبني تقرير غولدستون "مهزلة دبلوماسية" و"قرار مناهض لاسرائيل". من ناحية اخرى، انتقد القاضي ريتشارد غولدستون الذي تراس لجنة التحقيق في النزاع في غزة، والذي كان في برن لحضور مؤتمر الخميس، انتقد مشروع قرار مجلس حقوق الانسان وقال انه يستهدف اسرائيل لوحدها ولم يتضمن انتقادات لحماس. واضاف ان القرار مليء باشارات الى "الانتهاكات الاسرائيلية الاخيرة لحقوق الانسان في القدس الشرقية المحتلة" الا انه لا يذكر حماس. واضاف في تصريحات نشرتها صحيفة "لي تان" السويسرية ان "مسودة القرار هذه تحزنني لانها لا تتضمن سوى مزاعم ضد اسرائيل، وليس فيها عبارة واحدة تدين حماس مثلما فعلنا في التقرير. امل ان يعدل المجلس النص". على صعيد آخر وافقت الحكومة المصرية وافقت على طلب حماس تمديد مهلة التوقيع على ورقة المصالحة الفلسطينية، بعد أن طلبت الحركة تمديدها يومين أو ثلاثة أيام.
وكانت حركة حماس تقدمت بطلب رسمي لمصر من أجل إمهالها يومين أو ثلاثة أيام قبل الرد على الورقة المصرية للمصالحة الفلسطينية، في حين سلمت حركة فتح أمس الخميس مصر موافقتها على الورقة. في غضون ذلك طلبت تركيا اليوم من اسرائيل العمل على وقف "المأساة الانسانية" في غزة، مستبعدة أي عودة إلى علاقات ثنائية جيدة بين الدولتين طالما استمرت معاناة الفلسطينيين وبقيت عملية السلام في الشرق الاوسط متوقفة. وأعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو في اوج ازمة بين الحليفين الاستراتيجيين في المنطقة ان "ما نريده هو انهاء المأساة الانسانية في غزة وتحريك جهود السلام -- على المسارين الفلسطيني والسوري على حد سواء -- وخصوصاً إعطاء الأولوية مجدداً إلى السلام في المنطقة". وحذر داود اوغلو قائلا "عندما نعود الى طريق السلام، ستعود علاقات الثقة هذه (مع اسرائيل) على المستوى الذي كانت عليه من قبل"، مضيفا ان الهجوم الاسرائيلي العنيف على غزة في نهاية العام الماضي وجه "ضربة قوية لجهود السلام". وقد تدهورت العلاقات بين اسرائيل وتركيا اللتين يربطهما تحالف عسكري، بشكل كبير منذ كانون الثاني/يناير عندما انتقدت تركيا، وهي الدولة المسلمة، بشدة الهجوم الاسرائيلي على غزة. وشهدت العلاقات بين البلدين بعض التوتر الاسبوع الماضي عندما حظرت الحكومة الاسلامية المحافظة في تركيا على اسرائيل المشاركة في مناورات جوية عسكرية دولية في تركيا. وهذا الاسبوع، انتقدت اسرائيل بشدة من جهتها مسلسلا تركيا بثه التلفزيوني الرسمي التركي يظهر جنودا اسرائيليين يقتلون عمدا أطفالا فلسطينيين، بينهم رضيع، وشتم فلسطينيين. واستدعى وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان القائم بالاعمال التركي لابداء غضب واستياء الدولة العبرية حيال هذا "التحريض على الحقد ضد اسرائيل".
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو من جهته "نشعر بخيبة أمل للتحريض الذي بثه التلفزيون التركي"، متسائلا "ما هو الاتجاه الذي تسلكه السياسة التركية؟ نأمل في ان يكون اتجاهها نحو ترسيخ السلام وليس في اتجاه المتطرفين". وفي معرض الحديث عن الغاء المناورات العسكرية، حذر وزير الخارجية التركي من جهته من انه "طالما استمرت الماساة الانسانية في غزة، فلا يطلبن احد منا الظهور" مع عسكريين اسرائيليين. ورفض قيام تركيا باي عمل ضد اسرائيل مذكرا "بالجهود الكبيرة" التي بذلتها انقرة العام الماضي للقيام بدور الوسيط بين سوريا واسرائيل بشان مسالة هضبة الجولان السورية. وقال "على الرغم من انه لم يطلق اي صاروخ (فلسطيني) من غزة على اسرائيل منذ ثمانية اشهر، فان اطفال غزة محرومون من المدارس والناس تفتقر الى منازل لتأوي اليها... كيف تبقى دولة مثل تركيا صامتة امام هذا الموضوع؟". ورفض التعليق على الازمة بين البلدين بشان المسلسل التلفزيوني. وكان نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينج اكد صباح الجمعة ان بلاده ليست لديها نوايا سياسية ضد اسرائيل من خلال عرض مسلسل تلفزيوني تركي اثار غضب الدولة العبرية، لكنه المح الى ان المسلسل قد يسحب عن الشاشات اذا كان محتواه يسيء الى مصالح البلد. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان احد اشد المنتقدين للهجوم العسكري الاسرائيلي على غزة. أعلن أمام الرئيس الاسرائيلي حائز جائزة نوبل للسلام شيمون بيريز في منتدى دافوس الاقتصادي في كانون الثاني/يناير "لقد اتفقتم على قتل الناس في غزة". ومنذ اندلاع الازمة مع اسرائيل، واصل اردوغان من جهة اخرى سياسة التقارب مع جيرانه وبينهم سوريا وايران، العدو اللدود لاسرائيل. وسيقوم بزيارة الى طهران في نهاية الشهر.