لم يجد الفندم/ يحيى صالح قائد الأمن المركزي ما يبهر به الأنظار هذه الأيام سوى أن يقوم بزيارة خاطفة لأسرة المناضل الأبرز جيفارا، وكأن الأسرة كان ينقصها أن يقوم يحيى بزيارتها، وقالت وسائل الإعلام التابعة للأسرة أن الفندم التقى بأفراد العائلة، لا يتورع المفتونون بهذا الفندم الصغير عن القول أنه يحب جيفارا ويعلق صوره في كل مكان، طبعا كل هذه الأماكن التي يعلق عليها صور الزعيم جيفارا هي ملك الشعب ولم يأت من بها من تركة الأسرة العفاشية. في مقتبل عمره وبعدما أنهى آخر امتحاناته في كلية الطب قرر ارنستو تشي جيفارا السفر من موطنه في الأرجنتين إلى بوليفيا ثم إلى البيرو ومن ثم عبر الإكوادور وكولومبيا إلى فنزويلا لأن رفيق الدرب هناك غرانادوس ينتظره لتدشين مرحلة الكفاح الأسطوري العابر للحدود، فهل تساءل هذا الفندم الذي جاء من بين فرش القصر المتخم بالمال المسروق من عرق الكادحين كم هو الفارق كبيرا والبون شاسعا بين لص يلتهم موارد الشعب و مناضل يفني عمره لأجل تخليص الشعوب المقهورة من براثن اللصوص أمثال هذا الزائر ثقيل الدم؟ كنا نتمنى أن يدرك هذا المتذاكي كم هو الفرق بين من يجوب دول أمريكا اللاتينية بدراجة نارية اشتراها من عرق جبينه (تعطلت بعد مسير ثلاثة آلاف كيلو متر)، وحذاء مهترئ وخيمة متواضعة ومن يطوي المسافات بزمن قياسي محمولا على أحدث وسائل النقل وأكثرها رفاهية لأن فخامة عمه صار رئيسا مغتصبا للسلطة، ولا أظنه يفهم لأن الحماقة تحجب الحقيقة عنه و لأن الحماقة أعيت من يداويها؟ و هناك فرق بين من يخبئ مسدسه في حذائه لمواجهة الحيوانات المفترسة وهو يجتاز آلاف الكيلومترات وبين من يحيل جيوش البلد إلى حراسته الخاصة و ينهب ثروات الوطن ليسخرها لمصالحه السقيمة و رغباته المريضة، ما الذي بمقدور زيارة تافهة كهذه أن تفعل لواحد من الملوثين بدم الأبرياء في مختلف أرجاء اليمن؟ لو كانت مثل هذه الزيارات تجدي القتلة نفعا لفعلها غيره من المجرمين و سيغدو قبر جيفارا مزارا للقتلة واللصوص، بينما هو في حقيقته رمز للكفاح والنضال ضد الاستبداد الذي يمثله هنا قائد الأمن المركزي ببذلته العسكرية وصفاقته المعهودة، نتساءل: هل رؤية يحيى عفاش و هو بحضرة أسرة جيفارا ستجعل أسر الشهداء والجرحى تغفر له كل ما اقترفت يداه و تمنحه صك غفران يعفيه من المساءلة والمحاكمة؟ بالتأكيد لا، لكن زبانية يحيى الذين لا يختلفون كثيرا عن صقور عمه أوهموه أن في التعلق بجيفارا مبررا كافيا لجعله ضمن الزعماء العالميين، وكأن التاريخ مجرد (تبة) يسهل السطو عليها كما يفعل الفندم وعمه مع تباب صنعاء، حسب تعبير الزميل العزيز/ فتحي أبو النصر.
ولا ندري من أوحى له بهذه الفكرة البلهاء، ربما هو ذاته من أوهمه أن احتفاءه الكاذب بذكرى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر كفيل بتجميل صورته المعروفة لدى الجميع، و كم كان مفرطا في الغباء وهو يقسم على تحرير فلسطين! ومنذ متى كانت فلسطين تنتظر من أمثالك تحريرها، صدقنا أن في البلد المبارك من هم أقدر منك و أشرف غاية وأنبل هدفا وأطهر يدا وهم المخولون بالنضال لتحريرها لأن التحرير مهمة جليلة لا يقوى عليها الوالغون بدماء مواطنيهم ولا آكلو السحت و مرتادو أماكن البغي والرذيلة، فهون على نفسك و كن على يقين أن ما تقوم به لن يغير من الحقيقة شيئا، كون القتلة يظلون قتلة ومطلوبين للعدالة و دماء الشهداء تلاحقهم أينما ذهبوا، حتى و إن التقطوا آلاف الصور مع كل زعماء العالم ومناضليه الشرفاء، فالقضاء العادل و السجن والقصاص في انتظار السفاحين، والشعب أعظم بطشا يوم صحوته من قاتليه و أدهى من دواهيه ِ