كان الحريق الذي اتي مساء الاثنين على خيام المرشح محمد الجويهل في ضاحية العديلية في الكويت العاصمة في هجوم شنته مجموعة من شبان قبيلة مطير التي ينتمي اليها المعارض المعروف مسلم البراك أوضح علامة على السخونة غير العادية في الانتخابات البرلمانية هذه المرة. جاء الهجوم عقب تعدي الجويهل باللفظ على مرشحي قبيلة مطير ليمثل الحدث الاخطر في الانتخابات التي تجري يوم الخميس لاختيار 50 نائبا في البرلمان من بين 286 مرشحا في خمس دوائر بينهم 23 امرأة.
هذه الانتخابات تختلف كثيرا عن سابقتها فقد جاءت عقب احتقان سياسي امتد للساحات في مطالبات باقالة الحكومة وحل مجلس الامة وانتهى باقتحام البرلمان في سابقة لم تحدث في تاريخ الكويت وبقرار الامير الشيخ صباح الاحمد قبول استقالة حكومة الشيخ ناصر المحمد وتكليف نائبه الشيخ جابر المبارك بتشكيل الحكومة.
ويعلق محمد الرميحي أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة الكويت على الانتخابات قائلا "السخونة بسبب عدم التنبه لعمل اصلاحات حقيقية في نظام الانتخابات والتي تحتاج الى تعددية سياسية اضافة الى صندوق الانتخاب لذا ظهرت التعددية من خلال الطائفة والقبيلة وتدني الخطاب السياسي بسبب المصالح الضيقة."
أما صلاح الهاشم وهو محام وكاتب سياسي وعضو بجمعية حقوق الانسان فقال "عملية التسخين والتراشق مخطط لها من أطراف سياسية تتأثر بتوجهات دول قريبة لا ترغب في انتقال عدوى الديمقراطية لهذا تركوا الجميع يتحدث دون حسيب أو رقيب وتطور الخلاف من الكلام الى الفعل واستخدام العنف."
ومنذ انطلاق الحملات الانتخابية شهدت الساحة السياسية صراعا محموما بين التيارات المختلفة ومجموعات المستقلين والمجموعات التي اختارتها القبائل من خلال الانتخابات الفرعية التي يحرمها القانون.
فقد شهدت الانتخابات استقطابا كبيرا بين طوائف في دوائر انتخابية وظهرت اتهامات لبعض المرشحين بشراء الاصوات وتقديم هدايا نسائية مثل العطور والحقائب غالية الثمن. وقدمت مفوضية الشفافية الكويتية لرقابة الانتخابات تقارير موثقة لوزارة الداخلية عن عمليات شراء أصوات في هذه الانتخابات.
وتطورت الاحداث مساء الثلاثاء حيث نظم شبان احتجاجا على تأييد قناة سكوب التي تملكها الكاتبة فجر السعيد للمرشح الجويهل وانتقادها لشخصيات معارضة منها احمد السعدون رئيس مجلس الامة الاسبق والمرشح المحتمل لرئاسة المجلس القادم لكن قوات الشرطة استطاعت السيطرة على الوضع وتفريق المحتجين.
كما تحركت مجموعة أخرى من شبان قبيلة مطير الى قناة الوطن أثناء حديث مباشر للمرشح نبيل الفضل الذي وجه أيضا انتقادات حادة لشخصيات معارضة وحاولت اقتحامها الا أن الشرطة سيطرت على الامر.
ويتوجه غدا أكثر من 400 ألف ناخب أكثر من نصفهم من النساء لاختيار ممثليهم في المجلس الرابع عشر في تاريخ الحياة النيابية في الكويت.
وقد اتخذت الحكومة الكويتية الاجراءات اللازمة لتأمين العملية الانتخابية وأقامت مركزا اعلاميا متطورا واستضافت عددا كبيرا من الصحفيين العرب والاجانب واستعدت لتغطية الانتخابات على مدار الساعة من خلال البث المباشر ومواقع التواصل الاجتماعي.
المراقبون يتحدثون عن تغيير يصل الى 50 في المئة من المقاعد وعودة عدد ليس قليل من النواب السابقين وظهور تحالفات سنية مقابل تحالفات شيعية في بعض الدوائر.
وتركز الحركة الدستورية وهي الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين في الكويت على ايصال أكبر عدد من مرشحيها بالتحالف مع تيار السلف للمحافظة على التمثيل الاسلامي في البرلمان المقبل.
من ناحية أخري يسعى التيار الاسلامي لزيادة مقاعده من خلال الحصول على اصوات القبائل والتيارات المحافظة. تشير التوقعات الاولية الى ثبات نسبي للكتلة الشيعة في الدائرة الاولى مع تغير بعض الوجوه وثبات فرصة قبيلة العوازم في المقاعد والعناصر المستقلة ومنها عبد الله الرومي المرشح المحتمل للرئاسة.
في الدائرة الثانية تختفي التكتلات مع فرص لشخصيات من المستقلين من امثال محمد الصقر رئيس البرلمان العربي السابق ومرزوق الغانم وعلي الراشد الوزير السابق وجمعان الحربش من الاخوان المسلمين وخالد السلطان من السلف وخلف دميثير من قبيلة عنزة.
أما الدائرة الثالثة التي يشبهها البعض بأنها الكويت المصغرة لاحتوائها على كافة عناصر الطيف الانتخابي ففيها تجار ومستقلون وقبائل وتيار اسلامي وبها الكثير من الجدل من المتوقع ان يعود النواب القدامى وليد الطبطبائي وفيصل المسلم وصالح الملا وعلي العمير وأحمد السعدون واسيل العوضي كما يدور حديث عن حظوظ متقدمة للمرشحين محمد الجويهل ونبيل الفضل وصفاء الهاشم.
الدائرة الرابعة وهي دائرة التيار الرئيسي في المعارضة التي تقودها القبائل تكاد تكون محسومة التوزيع بين القبائل الرئيسية ويتحدث البعض عن خمسة مقاعد لقبيلة مطير أبرز المرشحين لها مسلم البراك وعبيد الوسمي ومحمد هايف وعن ثلاثة مقاعد لقبيلة الرشايدة في مقدمتها علي الدقباسي رئيس البرلمان العربي ومقعدين لقبيلة عنزة وشمر.
الدائرة الخامسة تكاد تكون الاكثر حسما بين الدوائر بسبب التركيبة السكانية التي تنقسم بين قبيلتين كبيرتين هما العجمان والعوازم وتشير التوقعات الى حصول العوازم على أربعة مقاعد والعجمان مثلها ومقعدان للتحالفات بين المستقلين والقبائل صغيرة العدد. وتتسم هذه الدائرة بتداخل التيارات الاسلامية مع الانتماءات القبلية.
لكن بسبب الخطاب الساخن وتبادل الاتهامات واطلاق الشائعات عن انفاق مال سياسي وشراء أصوات وتأجير منازل بأسعار خيالية بالقرب من مناطق التصويت من المتوقع أن تشهد العملية الانتخابية بعض التوترات بين أنصار المرشحين.
الا أن الجميع مطمئن الى شفافية ونزاهة العملية الانتخابية من خلال الصناديق الزجاجية حيث يجري الفرز أمام الجميع وينقل على الهواء مباشرة.
ويأمل الكويتيون أن تكون هذه الانتخابات بداية لعودة الاستقرار الى الحياة السياسية وانطلاق عملية التنمية بعد فاصل من المشاحنات السياسية والازمات. من محمود حربي