أقام مركز أبعاد للدراسات والبحوث اليوم الأربعاء ندوة حول «الانتخابات الرئاسية وتأثيراتها على الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية». الندوة التي عقدت في ساحة التغيير كانت ضمن برنامج «تعزيز دور الشباب في الانتخابات الرئاسية المبكرة 2012م»، والذي ينفذه مركز أبعاد بالشراكة مع برنامج الدعم الانتخابي في اليمن. وفي محور التحديات الأمنية والانتخابات الرئاسية، قال محمد سيف حيدر مدير تحرير مجلة «مدارات» الإستراتيجية في ورقة العمل التي قدمها للندوة "اليمنيون اليوم يقفون على مفترق طرق تاريخي وحاسم؛ وإذا كان كل السيناريوهات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية المبكرة مطروحة على الطاولة ومرهونة بتطورات الحوادث الأمنية والسياسية وربما (الثورية)، وكذلك بإرادات الفاعلين الرئيسيين في البلد ونواياهم، فإن ما هو في حكم المؤكد أن فشل الانتخابات الرئاسية – كعملية إجرائية، وكاستحقاق تأسيسي- لن يصب سوى في خانة وحيدة: الإمعان في تعقيد الأزمة اليمنية، وعلى نحوٍ قد يُعيق أو يُحبط إنجاز التحول السياسي الذي نريده ونتوق إليه، وفي النتيجة يغدو الأُفق أمام وطننا غامضاً ومُعتِماً؛ فتصبح الخيارات محدودة، وتكون العواقب حاصلة، وفي أغلب الظن أنها لن تسرّ أحداً على الإطلاق". وأضاف "إن إقامة الانتخابات الرئاسية في اليمن، برغم أحاديتها التوافقية وشكلانيتها المُفترَضة، ليست تكتيكاً اضطرارياً فرضته لوازم التسوية السياسية ومقتضياتها فحسب، بل إنها في الحقيقة "استراتيجية تأسيس تحولي، وهي بهذا المعنى تعد خطوة لازمة ولا مناص منها، لاعتبارات عدة أهمها أن إجراء الانتخابات سيُضفي على عملية التحول السياسي الراهنة طابعاً دستورياً واجماعياً حاسماً، ويؤكد في ذات المنحى على أولوية عقلنة الانتقال وأهمية إكسابه الصبغة الشرعية والقانونية والمؤسساتية الملائمة، والتي تعيد في طياتها الاعتبار للمرجعية الدستورية التي كثيراً ما تعرضت للانتهاك والعبث خلال الحِقَب الماضية". وأكد أن التعاطي مع منطق بعض "الثوار" في رفض الانتخابات الرئاسية المبكرة، "يظل أيسر وأهون بمراحل إذا ما قورن بالتحديات الأخرى التي ستواجه العملية الانتخابية". وقال حيدر "ما من شك في أن الانتخابات ستنعقد في ظل ظروف صعبة وغاية في التعقيد، إذ ما يزال العنف منتشراً على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد والتي تشهد حالة انفلات أمني غير مسبوق، كما تلقى الانتخابات معارضة واضحة من قبل المتشددين الإسلاميين وبعض العناصر داخل الحراك الجنوبي، ناهيك عن الحوثيين الذين استبعدوا من اتفاق نوفمبر/تشرين الثاني". وفي الورقة السياسية المقدمة حول (الثورة وانتخابات 21 فبراير) قال المحلل السياسي محمد الغابري "إن يوم 21 فبراير 2012م ليس مجرد انتخاب رئيس جديد للبلاد، ومن المحافظات الجنوبية فحسب، بل إنه في الواقع أشبه باستفتاء بإنهاء نظام صالح". واعتبر الدعوات لمقاطعة الانتخابات بمثابة "إثبات ولاء لصالح الذي حاول العمل على عدم إجراء والانتخابات، وأن المشاركة في الانتخابات أصبحت ضرورة لإنجاح الثورة وتحقيق أهدافها ولو بالتدرج، وستساعد على إيقاف التدهور على المستويين الأمني والاقتصادي، وإعادة هيكلة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية على أسس وطنية مهنية، وإعداد دستور جديد، وإجراء انتخابات رئاسية ونيابية ، وتسليم البلاد لهيئات منتخبة، وإعداد الأرضية الصالحة لبناء دولة جديدة، وإيجاد حلول للحوثية والقضية الجنوبية".
وعن أبعاد الانتخابات وأهداف الثورة قال الغابري "المبادرة وآلياتها حلول سياسية وسط ، فهي لم تبق على نظام صالح وفي الوقت نفسه لم تلبِ أهدف الثورة في إسقاط النظام، وبدا أن حسم الثورة غير عملي لوجود نظام مستعد لإدخال البلاد في حرب أهلية". أما حول الوضع الاقتصادي قال مصطفى نصر رئيس المركز الاعلامي الاقتصادي في ورقته المقدمة للندوة "يمكن الحكم على الاقتصاد في اليمن من خلال العديد من المؤشرات التي نقيسها في تراجع المستوى المعيشي وزيادة مستوى الفقر حيث زاد عدد الفقراء إلى 60% وفق أحد المؤشرات مقارنة ب 45% في السابق ومسببات ذلك ليس ما حدث في الفترة الماضية من مظاهرات واضطرابات ولكنها عبارة عن تراكمات سلبية لفشل حكومات متلاحقة، ولهذا كانت كل البرامج الاقتصادية الدولية مصيرها إلى الفشل وسبب من أسباب خروج الناس للشارع وعلى رأسهم الشباب". وأضاف" جراء كل ذلك تعرض القطاع الخاص إلى خسائر تصل إلى مابين 50 60% وعائدات السياحة تدنت إلى الصفر وتم إغلاق العديد من المصانع جراء السياسة العقابية تجاه الفعل الثوري وإخفاء المشتقات النفطية وتم الكشف نهاية السنة عن ماتم تمويله للمشتقات النفطية 570مليار ريال وهو رقم كان يمكن ان يحدث تنمية لكنه ذهب إلى جيوب الفاسدين". وأضاف نصر "كنا أمام سيناريوهين ثوري وسياسي فرغم أن من ايجابيات الإسراع في إسقاط النظام تخفيف النزيف الاقتصادي، لكن سلبيات ذالك أن الثورات التي تأتي لاقتلاع النظام أعادت بناء الهيكلة من جديد وهذا التخوف صب في صالح السيناريو السياسي الذي يقتلع النظام بطريقة غير ثورية كما حدث في التسوية السياسية". واعتبر أن الخيار المتشائم "هو التنازل عن سقف المطالب، وأن استمرار الكوادر التقليدية التي حكمت اليمن في مكانها سيؤثر على طبيعة الاقتصاد في المرحلة القادمة". وقال "هناك فرص أمام حكومة الوفاق الوطني للتحقيق تنمية اقتصادية وإعادة هيكلة المؤسسات الخدمية والاقتصادية وتجفيف منابع الفساد فيها وبعد الفترة الانتقالية نستطيع أن نضع الخطوة الأولى في التنمية الاقتصادية، وهي التركيز على مدن غير التي اختزلت وتفردت بعناصر الاقتصاد في السابق مثل التركيز على صنعاء وتم اهمال باقي المحافظات من بينها عدن ومينائها الاستراتيجي التي كانت ستمتص كثير من البطالة من خلال المشاريع السياحية العملاقة". وأضاف "يجب استغلال الكادر البشري والاهتمام بالشباب، وتعزيز القطاعات الحديثة مثل قطاع الاتصالات وقطاع المعلومات، وإعادة التشريعات في مجال الاقتصاد والاستثمار حتى يتم امتلاك كوادر كفؤة ويتم بناء اقتصادي قوي". وحول التعقيدات الاجتماعية والمبررات الواقعية للانتخابات الرئاسية قال الباحث في شؤون الفكر مجيب الحميدي في ورقته بندوة أبعاد" وقوف المجتمع والشعب في صف الجمهوريين المعتدلين الذين طالبوا بالثورة والديمقراطية في مواجهة تيار الجمهورية والثورة في الستينات يؤكد ممانعة المجتمع اليمني لأي شرعية سياسية لا تستمد شرعيتها من الشعب ، ولذا من المهم إضفاء الصبغة الشعبية على أي مرحلة انتقالية، لترسيخ الوعي بأن الشعب هو مصدر السلطة، وحتى لا تتكرر تجارب المجالس العسكرية الثورية،التي أعاقت عملية الانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الشعبية، لأن انفراد العسكر بالسلطة في مراحل بناء الدولة يفضي الى احتكار السلطة بأيدي مجموعة من القيادات العسكرية وقد يؤول الأمر الى قائد واحد يعيد تشكيلية القيادة وفقاً لقاعدة الولاء الشخصي، ويستحوذ على جميع السلطات التنفيذية والرقابية والقضائية وعندها لا يجد مشكلة في صناعة هامش ديمقراطي يتحكم بقواعده لتبرير سلطاته المطلقة بديكور ديمقراطي". وأضاف الحميدي "قيام الوحدة اليمنية على أساس الديمقراطية والتعددية السياسية لم يمنع البنية الشمولية للنظامين السابقين من السيطرة التقاسمية على مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والإعلامية والمالية مما حول الديمقراطية الى ديمقراطية شكلية أدخلتنا في دوامة أزمات وحروب أهلية لعلً أبرزها حرب 1994 وحروب صعدة الستة، والأشنع من ذلك الاستحواذ العائلي على المؤسسة العسكرية وتسخير جميع أدوات الدولة لترسيخ نفوذ عائلة الرئيس، مما أدى إلى تراكم الأزمات السياسية وصولاً إلى اندلاع الثورة الشعبية بالتزامن مع ثورات الربيع العربي في عدد من الدول التي تعيش ظروف مماثلة".
وأكد أن اليمن اليوم أمام مفترق صعب وفي مرحلة حرجة للغاية ، وقال " ما لم يحدث قدر كبير من الالتفاف حول الإجراءات الإصلاحية السياسية والدخول في دورتها الدموية والتغيير من داخلها بروح ثورية فإننا قد نعزل أنفسنا في مسارات ثانوية، نعجز من خلالها عن تحقيق أهداف الثورة ونستسلم للإحباط وتتفاقم النزعات الجهوية وتعم الفوضى وقد ندخل في دوامة حروب أهلية في ظل وجود الجماعات الدينية المتشددة في اليمن الهادفة إلى بناء إمارات إسلامية وفرض تسلطها المذهبي على المجتمع بقوة السلاح من صعدة والجوف وحجة إلى أبين وشبوة والبيضاء".
واستطرد قائلا" إننا في مرحلة حساسة لا تكفي فيها المراهنة على الحماسة الثورية دون التفكير الجدي من الآن في كيفية معالجة بعض إفرازات النظام التدميرية والإشكاليات الخاصة ببعض المكونات في الصف الثوري من الحوثيين في شمال الشمال إلى الحراك في الجنوب إلى القاعدة في جنوب الوسط يمكن ان يؤدي جميع ذلك الى خلق ثقافة معادية للثورة والحرية فيبحث الناس عن سيد بدلا من بحثهم عن محرر".
وأضاف" من هنا تأتي أهمية الذهاب إلى اقتراع 21 فبراير للتصويت على انتقال السلطة إلى رئيس انتقالي والدفع بعجلة التغيير إلى الأمام، سواءً سمينا هذا التصويت انتخاباً أو استفتاءً فالمهم هو انتقال السلطة إلى رئيس انتقالي،والدفع بعجلة التغيير إلى الأمام، ولأن أي تغيير كبير يحتاج إلى توافق كبير لن يكون في الإمكان انجاز إي توافق مستقبلي يتجاوز التوافق الموجود اليوم حول المبادرة والياتها وما أفضت إليه من توافق حول التصويت الشعبي على انتقال السلطة لرئيس انتقالي، وقد يتساءل البعض ما دام الرئيس القادم هو رئيس انتقالي فلماذا لا يستلم السلطة بدون انتخابات، وفي هذا السؤال قدر من المنطقية، ولكن المتأمل في واقع الانقسام الاجتماعي والعسكري الذي رافق الثورة يتضح أن النظام أدرك من الوهلة الأولى استحالة بقائه دون التحجج بالشرعية الدستورية والانتخابات،ونظراً لمنطق المكابرة الاجتماعية ووقوع النظام في فخ سياسة مواجهة التحدي، صار من المستحيل على النظام أن يقبل طوعاً بتسليم السلطة دون إجراء شكلي، يحافظ به على قدر من ماء الوجه أمام أنصاره، وهو مستعد للدخول في حرب طاحنة في حالة إجباره على تسليم السلطة بدون هذا الإجراء".
وقال الحميدي" ولأن الديمقراطية إنما هي في جوهرها علاج مؤسساتي لمشكلة الصراع السياسي على السلطة،فإن آلية التصويت الشعبي على انتقال السلطة إلى رئيس انتقالي آلية ديمقراطية مبتكرة تنسجم مع خصوصيات تعيد الحالة اليمنية". وحذر من محاولة عرقلة الثورة خاصة إذا كان من أنصار النظام السابق ، وقال " من مصلحة أنصار النظام السابق الحرص مع عملية الإصلاح السياسي والالتفاف حولها، لأن محاولة إعاقة الثورة عن تحقيق أهدافها وزرع الإحباط في نفوس الناس لن يصب في مصلحتهم، فما يؤكده علماء الاجتماع السياسي أنه في حالة فشل الثورة في بناء الدولة وتجديد حياة المواطنين فإن الحاجة الآنية تدفع الشعب للبحث عن ديكتاتور لفرض الأمن والاستقرار وسيكون في طليعة أهداف هذا الديكتاتور الانتقام من جميع أنصار النظام السابق،لأن العدو الحقيقي لأي ديكتاتور جديد هم أنصار الديكتاتور السابق".
وعن الضرورة الشرعية للانتخابات الرئاسية المبكرة قال الدكتور أحمد محمد هادي في ورقة عمل بندوة أبعاد " النزاع مع الرئيس أوصلنا إلى أحد ثلاثة خيارات: الأول: أن يستمر هو في السلطة في ظل استمرار الثورة والرفض العام والمتنامي لحكمه، وهذا الخيار، غير ممكن واقعاً بسبب عجزه وبفعل الثورة الشبابية الشعبية السلمية، خصوصاً أنه قد وقع بنفسه على عزله وتنحيه عن السلطة، والثاني: أن تدخل البلاد في حالة فراغ دستوري، مما يعني الفوضى والمزيد من الخراب والدمار وهذا أيضا غير مقبول – رئيس- ، والثالث: أن يوجد حاكم – رئيس- جديد يتولى شؤون البلاد، وهو الخيار الذي لا بد منه، والذي اتفقت عليه القوى السياسية بتوقيعها على المبادرة الخليجية، كما أقرت به القوى الاجتماعية وسائر النخب ومنظمات المجتمع، وهو الذي سعت إليه الثورة الشبابية الشعبية بكل أطيافها وتكتلاتها".
وأضاف " وإذا لزم وجود رئيس للبلاد، وتعين أن يكون ذلك الرئيس شخصاً آخر غير الرئيس السابق، صار عندنا توقعان: الأول: أن يتولى شخص السلطة ويبسط سيطرته بالقوة عن طريق انقلاب ونحوه، وفي هذه الحال يكون قد قضى على أهم هدف للثورة، كما أنه لا يمكن أن يستتب له الأمر، أو أن يسلم الناس لذلك، والثاني: أن يختار الناس شخصاً إما بالانتخاب أو بالتوافق. وهذا هو الذي يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية ويلبي طموحات أبناء الشعب بمختلف أطيافهم، ومن هنا يبقى الاختيار بين هذين الخيارين التوافق على مرشح واحد، أو فتح باب التنافس على الرئاسة بين أكثر من شخص، وقد يقول قائل: لماذا لا يُكتفى بتوقيع الاتفاقية، أو تصويت مجلس النواب، ويمارس النائب صلاحياته كرئيس مؤقت دون الحاجة إلى انتخابات رئاسية، والجواب: إن الرئيس المنعزل اشترط أن يكون تنحيه عن السلطة عبر الانتخابات (صناديق الاقتراع) فأي ضير في أن تجري انتخابات هي في الحقيقة استفتاء على التغيير، وتأكيد لنهاية حكمه، ونقل السلطة سلمياً".
وأكد أن تطبيق تلك القواعد يقتضي المشاركة في الانتخابات الرئاسية الحالية، مع الاعتراف بوجود بعض المفاسد المغلوبة، وكذلك فوات بعض المصالح المرجوحة، وبالتالي فهي مغمورة في المصالح الغالبة المكتسبة من ورائها، والمفاسد الكثيرة التي يمكن دفعها بهذه الانتخابات". يذكر أن مركز أبعاد اختتم أمس الثلاثاء في صنعاء ورشة تدريبية وحلقة نقاش لخطباء وقادة الفرق التوعوية الميدانية في ساحات التغيير ضمن برنامج " تعزيز دور الشباب في الانتخابات الرئاسية المبكرة 2012م" .
وقد استعرضت حلقة النقاش الضرورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والشرعية للانتخابات الرئاسية المبكرة.
وتدرب الخطباء وقادة الفرق الميدانية على مهارات التوعية الانتخابية في أوساط الشباب بساحات التغيير التي تقع ضمن النطاق الجغرافي للبرنامج وهي ساحات( صنعاء- عدن – إب – حضرموت – البيضاء).
ومن المتوقع أن يعقد قادة الفرق الميدانية لقاءات مع التكتلات الشبابية في الساحات واختيار أعضاء الفرق لتنفيذ البرنامج والعمل على التوعية والدفع بشباب الساحات إلى صناديق الاقتراع يوم 21 فبراير 2012م.