أكد محللون سياسيون باليمن أن دخول السعودية الحرب ضد جماعة الحوثيين يعد تطورا دراماتيكيا ويؤشر لمرحلة جديدة من الحرب ربما تؤدي إلى أقلمتها، وقد تؤدي إلى سرعة إيقافها. وفي حديث للجزيرة نت قال رئيس مركز دراسات المستقبل الدكتور فارس السقاف إن دخول السعودية في الصراع يعطي الحرب صفة إقليمية ويوسعها ويعمقها.
وتحدث عن احتمال وجود اتفاق بين السعودية واليمن بعمل كماشة لضرب الحوثيين وإنهاء تمردهم، وهو ما يستوحى من التصريحات اليمنية الرسمية التي ذكرت أن الحرب الحقيقية بدأت الآن.
وأشار إلى "أن الحوثيين تلقوا في الأشهر الثلاثة الماضية ضربات كبيرة وموجعة من الجيش اليمني، وشتت قواهم وعناصرهم في كثير من المناطق في صعدة، وإذا أضيف إليها انضمام القوات السعودية في مطاردة الحوثيين المتسللين للأراضي السعودية دون شك سيدفعهم ذلك إلى إعلان الاستسلام".
كما لفت السقاف إلى أن الحوثيين كانوا قبل أسبوعين قد سربوا أنباء عن قبولهم بالشروط الخمسة التي وضعتها الحكومة اليمنية لإيقاف الحرب، وقال إن مشاركة السعودية في الحرب ضد الحوثيين ستعجل بإنهاء الحرب، وستجعل كل الأطراف تدرك أن الحل السياسي هو السبيل لإنهاء الحرب.
ضعف وقوة من جانبه رأى الكاتب السياسي صادق ناشر في حديث للجزيرة نت أن دخول السعودية في الحرب ضد الحوثيين سيعطي انطباعا عن ضعف الجيش اليمني وقوة المتمردين الحوثيين، الذين أثبتوا قدرة عالية على مواجهة جيشي دولتين".
وأضاف أن "الدخول إلى أراضي السعودية والاستيلاء على جبل دخان لطرد الجيش اليمني منه يؤكد تنامي قدرات الحوثيين على أرض المعركة واكتسابهم خبرة قتالية ستؤثر على معنويات مقاتليهم إيجابيا وعلى الجيشين اليمني والسعودي سلبيا".
وفي حال إطالة أمد المواجهات بين الحوثيين والجيش السعودي -يقول ناشر- ستزداد شعبية الحوثيين في الداخل اليمني، إذ إن ذلك سيعني لليمنيين تدخلا سعوديا في شؤونهم وغزوا على أراضيهم، أما إذا كانت ضربات الجيش السعودي محدودة وسريعة، فسيكون قد استكمل الهدف من التدخل، وهو إضعاف شوكة الحوثيين في المواجهة مع الجيش اليمني، وبالتالي تسهيل القضاء عليهم.
وحسب ناشر فإن الحوثيين أرادوا ولا زالوا يريدون جر السعودية إلى الدخول في هذه اللعبة الخطرة، أي الغرق في مستنقع الحرب على الأراضي اليمنية، لأن ذلك سيجلب لهم دعما خارجيا أكبر.
ويضيف "في المستقبل ربما تتحول المنطقة الحدودية اليمنية السعودية إلى منطقة نزاع، وهو ما ترغب به قوى إقليمية خاصة إيران وربما سيجد اليمنيون والسعوديون أنفسهم في ورطة مع المتمردين، وربما يبدأ الحديث عن أقلية مضطهدة في هذه المناطق، التي قد لا يستبعد أن يدخل فيها شيعة السعودية طرفا رابعا".
وأوضح ناشر أنه "كلما تأخر الحسم العسكري في صعدة وعدم إفادة الجيش اليمني من التدخل السعودي ستدخل صعدة وما جاورها في حرب استنزاف طويلة، وربما يدخل الشريط الحدودي اليمني السعودي كله في دوامة من الصراع لن ينتهي إلا بالجلوس إلى مائدة حوار يكون الحوثيون طرفا رئيسا فيه".
أصابع طهران من جانبه رأى المحلل السياسي محمد الغابري أن دخول السعودية الحرب ضد الحوثيين تعبير عن التناقض السني الشيعي أو (الزيدي الوهابي)، فالسعودية ينظر لها الحوثيون على أنها عدو، ولا يمكن استبعاد أصابع طهران في تحويل الحرب لداخل السعودية.
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن إيران تنظر لصعدة كما تنظر إلى البصرة من حيث موقعها الإستراتيجي، خاصة أن صعدة قريبة من البحر الأحمر، وهي تحلم أن يكون لها وجود جنوب البحر الأحمر، ولذلك تستخدم طهران الحوثيين لتحقيق أهدافها الإستراتيجية كما تستخدم الصدريين في العراق.
وحسب الغابري فإنه من حيث التوقيت قد يكون نقل الحوثيين للحرب إلى داخل الأراضي السعودية يشير إلى وجود قرار إيراني بتوريط السعودية فيها، واستنزافها في حرب عصابات طويلة، وربما ذلك يأتي لممارسة ضغط على السعودية وحملها على التعامل مع الحوثيين باعتبارهم قوة حقيقية في الداخل اليمني.
وعن الموقف الأميركي من انتقال الحرب للداخل السعودي، لم يستبعد الغابري أن تكون واشنطن تشجع وجود جيوب شيعية في المناطق العربية لإبقاء التناقض السني الشيعي في أعلى حالاته من التوتر، وذلك لكسب العرب إلى جانب أميركا في حال شن حرب على إيران.