شعب عظيم، أثبت عظمته للعالم أجمع، ولد من رحم المعاناة، مذ عرف نفسه، تجرع الآلام والأوجاع على مدى عقود من الزمن، واحتسى سم الحكم السيئ على مدى ثلث قرن، ألا يحق له أن يرتشف كؤوس الحرية هذه الأيام بعيدا عن عبث العائلة وإعلامها؟! سيكون على جميع اليمنيين أخذ قسط كبير من الراحة، بعد إرهاق دام طويلا في كل جمعة، بسبب بث خطبتي الجمعة في الإعلام الرسمي من جامع الصالح. قرار وزير الإعلام علي العمراني لمنع بث خطبتي الجمعة في الإعلام الرسمي كان موفقا، حتى ان الكثيرين عبروا عن سعادتهم بهذا القرار الإيجابي الذي يؤسس لبناء إعلام رسمي لخدمة الجميع وليس لخدمة العائلة. كنا نستغرب كثيراً من خطباء في جامع الصالح لم نعرفهم ولم نسمع عنهم إلا في هذا الجامع، الذي تحول من جامع للعبادة، إلى جامع للأحقاد وبث الضغينة والحقد والكراهية. للأسف كثير من مؤيدي النظام السابق لا يزالوا يفطرون على الضغينة، ويتغدون على الحقد، وينامون على فرش البلادة، لتكون النتيجة واقعا يبدو غريباً سببه عناصر تحاول كثيراً إعاقة مشاريع التغيير، والعيش مع العبودية. نحن في حاجة ماسة للتوافق، سيما وأننا في مرحلة البناء، لم نعرف هذا المصطلح مذ عرفنا أنفسنا، مذ ولدنا في هذا البلد الذي نهشته أنياب العائلة. الآن نشعر بسعادة غامرة، مكسوة بعبير التوافق الجميل، مفعمة بريحان التغيير الذي يفوح في كل أرجاء اليمن. لقد آن لكل يمني أن يعيش، قررت من اللحظة أن أعيش، أن أحيا، بعد أن كنت أردد «أهم إنجاز في الحياة أننا لازلنا أحياء في واقع مثخن بالخطوب». لكني سأقول حاليا: «أهم إنجاز في الحياة أننا استطعنا العيش في مساحة كبيرة من الحرية، التي حلمنا بها منذ الطفولة». أيها اليمني لقد آن الأوان لأن ترفع رأسك، لأن تعيش مع ما تحب، لأن تبدأ من الآن تغيير حياتك، بعد نزع ألغام العبودية، وأغلال القمع السلطوي المزمن. أيها اليمني يمم وجهك شطر التغيير، وأذن بالناس قائلاً: حيا على الحرية، حيا على التغيير، حيا على المستقبل المشرق الخالي من كل المكدرات. أكتب كلماتي بقلبي بدلا من القلم، واستخدم دمي حبرا لأقول: أحبك يا يمن، أحبكم أيها اليمنيون العظماء، لأنكم أثبتم للعالم أنكم عظماء، لا تقبلوا الذل، ولا تفضلون العبودية، فالواقع أكد أنكم شعب أبي. كم أبدو سعيدا وأنا أقرأ الصحف الرسمية وهي تنشر أخبار وتقارير الثورة، وأبدو أكثر سعادة وأنا أشاهد الفضائيات الرسمية وهي تبث أخبار التغيير، الآن نستطيع أن نقول: أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من الإعلام الوطني. كل اليمنيين يترقبون اللحظة التي يتم التركيز فيها على جانب الخدمات، فاليمنيون يقيمون نجاح او فشل أي حكومة بقدرتها على توفير الخدمات الأساسية.
اليمني بحاجة ماسة للكهرباء، لمشروع مياه نقي، لطرقات خالية من العوائق، لمستشفى مجاني يداوي نفسه من الأمراض التي سيطرت على مساحة من جسده النحيل. اليمني الآن بحاجة للعيش في بيئة تعليمية، بحاجة ملحة للتخلص من أعباء الأمية, للتخلص من الانفلات الأمني المسيطر على بعض المناطق. نستطيع أن نقول: إن الحكومة الحالية والرئيس هادي استطاعا معا أن يكسبا ثقة شريحة كبيرة من المواطنين، لكن سنقول: لقد حدث التغيير عندما يذهب الطالب إلى جامعة صنعاء، ويدرس دون رسوم. عندما يذهب اليمني المريض إلى مستشفى الثورة دون تقديم رسوم المعاينة، عندما نذهب إلى أي مرفق حكومي دون نقود، في تلك اللحظة سنقول: أخيراً حدث التغيير. المواطن اليمني يقيم الواقع الحالي بهذه الأشياء، فهل سيحدث ذلك، لنصرخ معا ونقول نحن الآن نعيش مع الحرية والتغيير.