أطل اسم باسندوة مناضلاً وطنياً من خلال ترؤسه للجنة الحوار الوطني، ثم أطل اسمه ثائراً متمرداً بترؤسه للمجلس الوطني لقوى الثورة، ثم عاد مغامراً أو بتعبير الرئيس هادي “فدائياً” من خلال تسمية المعارضة له رئيساً لحكومة الوفاق الوطني. ولا شك أن اسم باسندوة سيتكرر في صفحات التاريخ، كرجل قرر مصيره، ودفع بنفسه في مرحلة متقدمة من العمر، إلى واجهة الأحداث، وخوض غمار التحديات والتهديدات، حتى كان يفتتح كل كلمة يقولها ب”بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في السماوات والأرض”، وفيها إيعاز خفي لقدرات نظام صالح في تصفية الخصوم. باسندوة يرأس اليوم حكومة تحفها المخاطر والصعوبات التي لم تواجهها حكومة يمنية من قبل، حتى حكومات ما بعد الجمهورية في الشمال، والاستقلال في الجنوب، فتلك الحكومات كانت تواجه إشكالات من نوع: ضعف في بنية الدولة، قلة الموارد، ارتفاع نسبة العجز في الميزانية، لكنها لم تكن تواجه إشكالاً في وحدتها العضوية، ولا انقساماً في مؤسساتها العسكرية والأمنية، ولا تمرداً مسلحاً في صفوف قواتها المسلحة. فهذه من المخاطر التي تفردت حكومة باسندوة في مواجهتها، فضلاً عن تركة ثقيلة أقلها ميزانية شبه معدومة، واستحقاقات تفرضها متطلبات ثورة، وبناء نظام جديد. ومع تلك التحديات والمخاطر لايزال باسندوة يدير حكومته بحكمة، وقوة، تبعد عنه شبهة “الضعيف النظيف”، وكل يوم يزداد صلابة، وبحثاً عن مكامن نجاحات نوعية، تفيد الناس، وتثبّت اسمه في التاريخ كرجل نضال، وإرادة، وقوة. وفي تقديري أن توجُّه باسندوة القوي نحو إلغاء ميزانية مصلحة القبائل سيدخله صفحات التاريخ البيضاء، بحروف من ذهب، كواحد من الرجال الذين سعوا لإرساء مداميك مؤسسات الدولة، وبناء هيبتها. وعلى العكس من ذلك سيلاحق العار حكومة باسندوة إن هي أقرت صرف ميزانية مصلحة القبائل، بعد أن أسقط الشعب نظام الاستبداد وشراء الولاءات. وسيقول التاريخ: إن باسندوة أول رئيس حكومة بعد الثورة الشعبية يقر صرف مليارات لشراء ذمم المشائخ، وهذا ما لا نتمنى أن يكتبه التاريخ، فشخصية جليلة مثل محمد باسندوة تستحق كل تقدير وإجلال. كلمة باسندوة الجمعة الماضية بساحة الحرية بتعز، أرضت كثيراً من الشباب، في حسمه لموعد انطلاق الثورة وتسميتها ب”ثورة 11 فبراير”، فشباب تعز يعتقدون أن هذا هو الميلاد الحقيقي للثورة الشعبية، فقد نزلوا إلى الساحات في يوم سقوط مبارك، ولا يريدون أن ينتزع أحد تاريخ ميلاد نضالهم، أو تجييره.