ما يُثار هذه الأيام عن بدء ثورة المجتمع ضد الفساد المستفحل في وزارة الخارجية ليس بغريب فهذه تكمله طبيعية لمسار الثورة وما يحدث بوزارة الخارجية من ثورة حدث في دوائر حكومية أخرى كالتوجيه المعنوي وقيادة القوات الجوية وغيرها من بؤر فساد المخلوع، ولكن الغريب حقاً والملفت للنظر أولئك المدافعين عن القربي (وزير خارجية المخلوع) والذين تم تجنيدهم من قبله شخصياً، فلسان حالهم وحبر أقلامهم يدل على ذلك. فما يقرأه المراقب عن كتاباتهم وتعليقاتهم سوى كانت على شكل مقالات صحفية على مواقع وصحف مختلفة أو تعليقات بمواقع التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر يعرف من الوهلة الأولى أن ما يقولونه أو يكتبونه ليس إلا تكرار وإعادة لتبريرات وزير خارجية المخلوع ولا تمثل على الإطلاق ردود منطقية على الأسئلة المطروحة فجميعهم لا يملكون لها إجابة لأن القربي نفسه لا يملك إجابات صريحة لكل تلك الأسئلة، ومن المُلاحظ أن هجومهم على الأستاذ الماوري بتلك الطريقة المعتمدة من قبل القربي بأن الغرض مما يكتبه الأستاذ الماوري ليس إلا من باب رغبته في الحصول على منصب سفير في التعيينات الجديدة التي ستقوم بها القيادة الجديدة، ولكن الرد الذي جاء على لسان الأستاذ الماوري في برنامج حصاد اليوم على قناة الجزيرة عندما سألته المذيعة عن رده لهذا الاتهام، فكان رده منطقياً جداً بأنه لو كان فعلاً يرغب في منصب لكان الأجدر به مجاملة القربي، ولكن الرد الأكثر قوة هو أنه عين نفسه سفيراً للثورة ولا يحتاج قرار تعيين من أحد. كان من المفترض على أولئك المجندين أن يشدوا عزيمة أقلامهم وأفكارهم ويجعلون ردهم منطقي وصحيح ويحمل أدلة توضيحية لأسئلة الأستاذ الماوري وليس تكراراً مملاً لما يقوله وزير خارجية المخلوع، وهذا يبين بما لا يدع مجالاً للشك بأنهم فعلاً قد تم إعدادهم وتقويلهم من قبل القربي وليسوا بمُتطوعين للدفاع عنه، فالفرق شاسع بين المُجند والمتطوع، فالأول دُرب على قول وفعل شيء معين من قبل أشخاص آخرين بينما الثاني يقوم بعمل تطوعي من ذات نفسه فلهذا يدافع عن قضيته بكل قوة ويشحذ لها كل همته لإنجاحها ويقدم لها أفضل ما عنده. وما يثير الاستغراب حقاً هو ما تناوله البعض في تبرير غير منطقي لمظاهرات واعتصامات موظفي وزارة الخارجية بقولهم أن تبرم وامتعاض منتسبي الوزارة الذين يشعرون بالحيف والغبن عند مقارنتهم بالمرتبات الهزيلة التي يتقاضونها في نهاية كل شهر مع أقرانهم من منتسبي الوزارات والمصالح الحكومية على مستوى البلاد وعرضها وعدم اعتماد كادرهم الذي أنجزته وزارة الشئون القانونية وظل حبيس الأدراج دون اعتماده منذ ست سنوات. كان الأجدر ذكر السبب الحقيقي لخروج أولئك المطالبين بحقوقهم المسلوبة من قبل وزير خارجية المخلوع والذي يكيل بمكيالين مع موظفي ومنتسبي وزارة الخارجية فهناك من يستلم آلاف الدولارات وهناك من يستلم بضعة آلاف من الريالات؟ أليس هذا الكلام يدين القربي أكثر مما يبرأه؟ لا أحد ينكر أنه لابد من وجود فوارق وحوافز مادية بين الموظفين لاختلاف درجاتهم الوظيفية ونوعية العمل الذي يؤدونه، لكن لا يعني ذلك أن يكون الفرق كبير لدرجة تجعل من المستحيل مقارنتهم بموظفي الدوائر الوظيفية الأخرى؟ نحن على يقين، ومجنديك مُتيقنون، وكما أنك يا قربي تعلم علم اليقين، بأنك لن نستطيع الرد على أسئلة الأستاذ الماوري لأن ما كتبه هو حقيقة مجردة تجسد حجم الفساد الذي تعمق في جذور وزارة الخارجية ولن يتم تنظيف الوزارة من كل هذا الفساد إلا باقتلاع جذور الفساد يا دكتور؟