بدأ تزايد عدد القصر الهاربين من القرن الإفريقي يشكل تحدياً كبيراً بالنسبة للأمم المتحدة وباقي المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة في ظل بلوغ عدد القادمين الجدد إلى اليمن إلى رقم قياسي لم يسبق له مثيل هذه السنة. وعادة ما يفقد البعض آباءهم إما أثناء هروبهم إلى اليمن أو بعد وصولهم إليها، في حين يكون البعض الآخر يتيماً في بلاده ويقرر الهجرة بحثاً عن حياة أفضل في اليمن. وتأمل الغالبية العظمى من هؤلاء في أن تحظى بفرصة التهريب إلى السعودية أو غيرها من دول الخليج الغنية الأخرى للعثور على فرص عمل، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقال عبدي أحمد طاهر، 16 عاماً، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لدي الكثير من الأخوة في الصومال ولكن أمي وأبي متوفيان. أتيت إلى اليمن للدراسة والعثور على مكان آمن أحظى فيه ببعض الاستقرار". وكان طاهر قد قدم إلى مخيم الخرز بالقرب من مدينة عدن اليمنية قبل ستة أشهر بعد أن غادر الصومال متجهاً إلى جيبوتي من أجل الهرب عبر مضيق باب المندب إلى اليمن.
ويعيش طاهر حالياً في خيمة في ضواحي مخيم الخرز مع ولدين آخرين كانا قد هربا إلى اليمن دون رفقة أهلهما. وفي الوقت الذي تتطلب فيه الإجراءات العامة الموحدة وضع القصر الذين لا أسر لديهم في رعاية أسر مضيفة، إلا أن هناك صعوبة كبيرة في العثور على آباء مستعدين لتبني فتيان فوق سن 15 عاماً لأنهم يعتبرون في العرف الصومالي رجالاً، حسب موظفي الإغاثة.
إيضاح المخاطر وبعد الالتقاء بهؤلاء القصر في مراكز الاستقبال على طول الساحل اليمني وإحضارهم إلى مخيم الخرز، يتولى متطوعون من وكالة الإدفنتست للتنمية والإغاثة (أدرا) توعيتهم بمخاطر التعرض للتهريب إلى السعودية بما في ذلك الاستغلال الجنسي والحبس والترحيل.
وعادة ما يمارس الأهل ضغطاً كبيراً على أولادهم للبحث عمن يهربهم إلى السعودية لجني المال وإرساله إلى الصومال، حسب سلمى امتياز مسؤولة خدمات المجتمع بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعدن. أوضحت امتياز أن "الأهل يرسلون أولادهم طوعاً. ومعظم القصر غير المصحوبين بأسرهم لا يذهبون إلى المدرسة بل يفضلون البحث عن عمل".
ولا ينجح المتطوعون والنشطاء في إقناع سوى 5 بالمائة من القصر غير المصحوبين بأسرهم بعدم تعريض أنفسهم لخطر التهريب، وفقاً لموظفي المفوضية بمخيم الخرز. ومن بين هؤلاء زيباند البالغة من العمر 18 عاماً التي تعيش حالياً مع مراهقتين أخريين في الخرز. وتتحدث زيباند عن تجربتها قائلة: "في البدء، كنت أرغب في تهريبي إلى السعودية. فقد سمعت في الصومال أنه بالإمكان العثور على فرص عمل جيدة كخادمة في السعودية والحصول على راتب جيد".
ولكن بعدما سمعت زيباند من المنظمات الإنسانية أخبار الاستغلال الجنسي الذي قد تتعرض له العديد من الشابات الصوماليات في السعودية قررت البقاء في المخيم.
وغالباً، عندما يكون القصر صغاراً جداً بحيث لا يستطيعون العيش بمفردهم، تعمل المنظمات الإنسانية على إيجاد أسر معيلة يستطيعون العيش في كنفها وفقاً لشروط معينة تتمثل فيما إذا كانت سمعة الأسرة جيدة بما يكفي وإذا كان القصر ينحدرون من عشيرة الأسرة نفسها في الصومال، حسب عبدي السيد إبراهيم من منظمة أدرا.
ومن بين هؤلاء المعيلين، فاطمة وهي أم لسبعة أطفال تطوعت لإعالة ثلاثة يتامى صوماليين. وقالت فاطمة التي تملك منزلاً مجهزاً بشكل ملائم حسب مقاييس الخرز ويحوي حماماً خاصاً ومستقبل قنوات فضائية: "من الصعب الاعتناء بأطفال الغير. ولكننا مسلمون وعلينا رعايتهم. إذا رأيت شخصاً فقيراً أشعر أنه من واجبي إطعامه".