للأسف الشديد نجح القس المتطرف تيرى جونز والمعتوه موريس صادق والصهاينة وكل كارهي الإسلام والمسلمين في مخططهم. النتيجة النهائية لاقتحام المتظاهرين للسفارة الأمريكية بصنعاء صباح يوم الخميس ونهب بعض محتوياتها وكذالك اقتحام السفارة الأمريكية بالقاهرة ومقتل الدبلوماسيين الأمريكيين باقتحام القنصلية الأمريكية في بنغازى مساء الثلاثاء الماضي، هي ان الصورة المشوهة للإسلام والمسلمين لدى قطاعات كثيرة في العالم الخارجي ازدادت ترسخا .
فعندما يكون خبر اقتحام السفارة بصنعاء هو في مقدمة نشرات كبريات المحطات الفضائية العالمية، والصورة لمتظاهرين غاضبين ينهبون ويكسرون كل ما بداخل السفارة بالاضافة إلى آخرين يرفعون علم أنصار الشريعة «القاعدة» وصور أسامة بن لادن وشعاراته وآخرون يرفعون علم الحوثيين وشعاراتهم فإن البعض سوف يستخلص نتيجة واحدة وهي ان تنظيم القاعدة والحوثيين صارا يحكمان اليمن ويعملون مايشاؤون برفقة أنصار الشرعية الدستوريه ولا يستطيع احد منعهم او إيقافهم من النهب والتخريب وتدمير اليمن وإغراقه في مستنقع لا خروج له منه ان وقع فيه .
بالطبع ليست هذه هي الحقيقة وربما كان أنصار الشريعة وأنصار الحوثي وكذالك أنصار الشرعية لا يتجاوزون بضع الآف من بين ما يقارب ثلاثين مليون يمني، لكن في السياسة دوماً الانطباعات هي التي تدوم .
أدرك تماما ان غالبية الذين تظاهروا أمام السفارة الأمريكية أبرياء وأنقياء وفعلوا ذلك بمشاعر عفوية حبا في رسول الله عليه الصلاة والسلام، بسبب الفيلم «القبيح والذي نزعت كل أخلاق من شارك فيه» الذي تم إنتاجه في الولاياتالمتحدة . فالمشكلة من ذالك كله تتلخص في شيء بسيط اننا لم نتعود ولم نتعلم كيف نغضب وكيف نثور لكي نحصل على حق من حقوقنا .
لا نلوم البسطاء الذين تظاهروا، ولا نلوم اندفاع بعضهم لاقتحام السفارة ونهب بعض محتوياتها فهم يعتقدون ان ذلك هو الصواب .
انما نلوم بشدة الجهات المنظمة للمظاهرة وعدم قدرتها على السيطرة على الحشود وتوجيهها ومراقبة الشعارات المرفوعة .
ونلوم أيضا أجهزة الأمن التي تعاملت مع الأمر بشيء يفتقر للاستعداد والتوقع وانسحبت من المبنى في بداية الأمر وكأن شيئاً لا يعنيها قبل ان تعود لحمايته بعد ذالك .
ومثلما أدّنا بشدة اقتحام وزارة الداخلية ونهبها ، ندين بشدة اقتحام السفارة الأمريكية، رغم اعتراضي الشديد على السياسة الأمريكية تجاه منطقتنا، وأؤمن بختام إحدى قصائد الراحل / محمود درويش: «أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا»، لكن في مجال السياسة وليس الدين .
أمريكا لا تعادينا لأنها أكثر غيرة على المسيحية، مثلما نحن لسنا أكثر غيرة على الإسلام للأسف . ثم إن أمريكا لن تغير سياستها لأننا اقتحمنا سفارتها، وتذكروا ان أنصار الثورة الإيرانية احتلوا السفارة الأمريكية في طهران لشهور طويلة ولم يغير ذلك من الأمر شيئا .
كان يمكن للمتظاهرين ان يحتشدوا بصورة منظمة وحضارية أمام السفارة الأمريكية بصنعاء ، كان يمكن لهم رفع شعاراتهم والاعتصام، وممارسة كل الأساليب الاحتجاجية بشكل سلمى حتى يوصلوا رسالتهم إلى من يهمه الأمر . فإذا حدث ذلك سوف يحترمنا الجميع. لكن للأسف ما حدث كان هو العكس تماما .
صرنا في نظر العالم مجموعة من الهمج البرابرة الذين ينفردون بسفارة عزلاء على أرضهم يقتحموها وينهبون مافيها ، ولم نفكر ان الأمريكيين يمكنهم أيضا ان يقتحموا سفارتنا في واشنطن وأن يمزقوا علمنا بحجة ان بعضنا يختطف السواح وقد ربما قتلهم دون مبالاة معا انه بذالك قد خالف الدين والعرف معاً لكن لأنهم يدركون ما يفعلون لم نرى منهم ذالك .
ان نصرة الرسول الكريم قد تكون بأساليب مختلفة تماما عما حدث صباح يوم الخميس . فالنصرة الحقيقيه لرسولنا الكريم تكون ببناء دول وحكومات تحقق المواطنة والسلم الاجتماعي والسلام العالمي وتحقق الاكتفاء الذاتي وتنتقل بالأمة من مربع الهزيمة الحضارية الى مربع المطارحة والحضور العالمي.
النصرة تتحقق عمليا عندما نصبح أمة قوية تأخذ بالعلم لا بالدجل، بالأسباب لا بالخرافات والخزعبلات وتنخدع بحيل أعدائها التي يخدعونها بها ليقودوها كيف يشاؤون دون ان تشعر بذالك .
البسطاء والسذج والأبرياء الذين هاجموا سفارة أمريكا ونهبوا بعض محتوياتها لم يلاحظوا ان رئيس الوزراء /محمد سالم باسندوه وحكومته كانوا يتفاوضون قبل حوالي أسبوع في الرياض مع وفد أمريكي كبير و«يترجوهم» ان يستمروا في دعم اقتصادنا الهزيل من أجل ان ينتعش لأنه إذا تحقق ذالك خرجنا من المذلة التي نحن فيها وعشنا عيشة كريمه مثلنا مثل باقي شعوب العالم وبالفعل استمروا في دعمهم لاقتصادنا ومنحوا اليمن 6.400 ستة مليار وأربعمائة مليون دولار لنبني بها اقتصادنا حتى يصبح قوياً . فعندما نكون أقوياء اقتصاديا لن نحتاج لمساعدات أمريكا المسيحية أو الصين البوذية ولا اي من تلك الدول المانحة أو حتى الأشقاء في السعودية الوهابية والدول الخليجية ووقتها سوف يحترمنا الجميع ويكون لليمن مكانتها الرفيعة التي فقدتها بسبب تسلط عفاش على الحكم طيلة 33سنه وبيعه لأرضنا وثرواتنا بأبخس الأثمان طلية حكمه من اول يوم إلى ان خلعناه .
وحتى عندما نكون أقوياء وأغنى دولة في العالم فإن ذلك لا يعطينا الحق في اقتحام السفارات وقتل الدبلوماسيين، لأن الإسلام الحق ينهانا عن ذلك ، فعلا مر التاريخ كانت للرسل قيمتهم وحتى ان كانوا حربيين لم يجز قتلهم وأذكركم ان النبي صلى الله عليه وسلم عندما اتاه رسول مسيلمة الكذاب ليطلب من النبي عليه الصلاة والسلام ان يعترف بنبوة مسيلمه فكان رد المصطفي صلى الله عليه وسلم لو لم تكن رسولاً لقتلتك ، أفلا نتمثل أخلاق نبينا في نصرتنا له علية الصلاة والسلام ام أنها مجرد غيره ليومين نكسر ونخرب ونقتل ونحكم عواطفنا ومشاعرنا دون النظر إلى إبعاد ذالك فقط هدفنا الوحيد هو الانتقام من أمريكا بأي وسيلة كانت وقد يصل بنا الامر لقتل الذميين في بلادنا ولانبالي بذالك بل ولاهم لنا سواء الانتقام .
وختاماً اعلموا جميعاً أن دفاعنا الحقيقي عن نبينا عليه الصلاة والسلام يكمن في التمسك بمنهجه وسنته وليس في شيء آخر لا من بعيد ولا من قريب، وإذا أردنا حقيقتاً ان ننتصر لرسولنا فيجب علينا ان نتحلى بأخلاقه وقيمه صلى الله عليه وسلم وإذا امتثلنا ذالك أوصلنا رسالة للغرب أننا أصحاب رسالة سماويه سامية فيتأثر الغرب بها وقد يدخل الالاف الى الاسلام بسبب ذالك لكن للأسف إنما حصل هو عكس ذالك تماماً فرسخنا في عقولهم ما ذكره منتج الفيلم وما يتصوروه عن ديننا بأنه دين إرهاب ليس إلا فعلينا ان نرجع إلى ربنا وان نمتثل أخلاق نبينا فلا نصرة ولا عزة لنا ولامتنا ونحن مازلنا بعيدين عن ديننا الحنيف ومبادئه السامية