غالباً ما تحتاج البلدان إلى من يبعث فيها الروح وينشر فيها الحياة لا من يصدر الموت في كل اتجاه. واليمن نموذجاً من النماذج السيئة في تصدير الموت في الفترة الأخيرة. بسبب موروث كبير من السياسة القذرة التي انتهجها الرئيس المخلوع وزبانيته, والتي كانت تعتمد نشر الموت لتغطية عوراتهم, وإخضاع الشعب, وإسكات الأصوات المنادية بالإصلاح ومحاربة الفساد، إذ أنهم هم مافيا الفساد والمستفيدين من مناخ الفوضى في كيان الدولة التي عملوا على منع تشكل مؤسساتها حفاظا على مصالحهم. وما يدور من حين لآخر من نزيف للدم اليمني بين قوى وأطراف ثورية وأخرى تسعى لعرقلة الحوار الوطني والحيلولة دون خروج اليمن من النفق المظلم الذي تعيشه هذه الأيام. لا يخدم إلا قوى تستفيد من الفوضى لتوسيع نفوذها وتنفيذ أهدافها. حيث أن الأمن والاستقرار يحول دون ذلك لافتقار هذه الجماعات والأطراف إلى الفكر و«الأيديولوجيات» التي يقنعوا الناس بها لمناصرتهم والوقوف إلى صفهم.
ملحوظة: (إقامة الحوار الوطني ونجاحه يعني فرض سيطرة الدولة على كامل الأرض اليمنية وفرض سيادتها على جميع الأطراف ونزع السلاح الثقيل وتفكيك «الميليشيات» وهذا لا يخدم القوى التي تعتمد القوة سبيل لنشر فكرها وتوسعها الأفقي في البلد). والمتمعن في الوضع اليمني يجد أن الأطراف التي تستخدم القوة في نشر فكرها وفرض نفوذها هي «ميليشيات الحوثي المتطرفة, وتنظيم القاعدة الإرهابي, وبقايا النظام السابق الفاقدين لمصالحهم بسبب التحول الثوري الحاصل، وفصائل من الحراك الجنوبي حملت السلاح مؤخراً». الأمر السيئ لدى المتابع أن هذه الأطراف تدعمها إيران أو تتعاطف وتتعاون معها لإفشال أي محاولة لإخراج اليمن من حالة الفوضى وإبقائها على ما هي علية لتنفيذ مخططاتها في توسع أنصارها الذي تحاول بهم فرض وجودها في المنطقة، وإشغال خصومها على حساب أرواح ودماء اليمنيين. والأكثر سوء أن تجد بعض اليساريين أو اللبراليين أو من يدعون أنهم كذلك يدعمون قوى وميليشيات متطرفة لإضعاف خصومهم السياسيين غير معتبرين بما يحصل في العراق أو سوريا أو لبنان. فالطائفية لا تخدم بأي حال من الأحول بناء دولة مواطنة أو صناعة نهضة. ويتوجب على الدولة ممثلة بالرئيس عبد ربه هادي وحكومة الوفاق وكل الشرفاء في هذا البلد العمل على إخراج اليمن من دوامة الاقتتال والحفاظ علية من الانزلاق إلى حرب أهلية ضحى الثوار بأرواحهم وأصروا على مواجهة الرصاص بصدورهم العارية حتى لا تنزلق اليمن فيها. كما يتوجب عليهم العمل على فرض سيادة القانون على كل البلد وسحب كل الأسلحة الثقيلة من كل الميليشيات التي أصبحت تنشئ دويلات داخل الدولة. وبغير هذا سنجد أنفسنا ندور داخل دائرة مغلقة ولن ترى اليمن النور. ومن المعيب أن يعتقد الجناح السياسي للثورة أن أياً من رعاة المبادرة الخليجية أو القوى ذات العلاقة بها قد يكونوا حريصين على نهضة اليمن وسلامته. الثورات لا ترضى بالرضوخ لديكتاتور جديد. وليس بثوري كل من يحاول صناعة حروب ونزاعات لتلبية رغباته أو لإضعاف خصومة على حساب أمن وسلامة وطنه. كما أن اليمن لا ولن تبنى بشعارات الموت والأعمال الإرهابية أو بتصنع العداء للغرب لكسب تعاطف المغفلين. بل يبنيها الشرفاء من أبناء اليمن وأصحاب المشاريع الحقيقية التي تسعى لتحقيق العدالة والمساواة والقضاء على الظلم والفساد والحفاظ على اليمن آمن موحد.