كلف المؤتمر الوطني العام في ليبيا وزارتيْ الداخلية والدفاع بملاحقة خاطفي شاب من مصراتة شارك باعتقال العقيد الراحل معمر القذافي وتوفي متأثرا بالتعذيب الذي تعرض له على يد خاطفيه في بني وليد، بحادث وتّر أكثر العلاقة بين بلدتين وجدتا نفسيهما على طرفي نقيض خلال الثورة. وكان الشاب عمران شعبان -الذي كان أحد من ألقوا القبض على القذافي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قرب سرت- توفي بمستشفى باريسي متأثرا بجروح خطيرة أصيب بها جراء التنكيل الذي تعرض له على يد مسلحين موالين للعقيد الراحل، احتجزوه شهرين في بني وليد، وأيضا جراء طلقين ناريين أصيب بهما عند محاولة اختطافه.
وأدى الآلاف في مصراتة صلاة الجنازة على روح شعبان الذي وصفه المجلس المحلي للمدينة الواقعة غربي ليبيا ب "البطل الذي لم يتسلم جائزة المليون دولار" التي كان وعد بها رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق مصطفى عبد الجليل، تقديرا لدوره في توقيف القذافي.
عشرة أيام وقد كلف رئيس المؤتمر الوطني العام محمد المقريف وزارتي الداخلية والدفاع بملاحقة خاطفي شعبان، الذي وصفه بالشهيد. ومنح المؤتمر الوزارتين عشرة أيام لاعتقال الخاطفين، وتحرير المرتهنين لديهم، مع إعطائهما كل الصلاحيات لتحقيق ذلك، بما في ذلك استخدام القوة.
وخطف شعبان -كما تقول عائلته- بينما كان ومجموعة من رفاقه بطريقهم إلى مصراتة في يوليو/تموز الماضي، حيث تعرضوا لإطلاق نار قرب بني وليد، فأصيب شعبان بطلقين مما شل حركته وسمح للمسلحين بخطفه.
وتوسط المقريف شخصيا هذا الشهر في بني وليد للإفراج عن شعبان واثنين من رفاقه ونجح في وساطته، لكن مخطوفا رابعا ما زال رهن الاحتجاز.
جلد وعظام وقال عبد الله أخ شعبان لأسوشيتد برس إن أخاه كان بعد الإفراج عنه مجرد "جلد وعظام" وكان يخرج من غيبوبة ليدخل في أخرى.
وأضاف "كان واضحا أنهم ضربوه كثيرا. صدره كان بالكامل مشرحا بالأمواس.. كان وجهه مختلفا. لم يكن أخي الذي أعرفه".
واتهم الرئيس السابق للمجلس المحلي لمصراتة خليفة الزواوي الحكومة بالتنكر لوعدها بمكافأة شعبان بجائزة المليون دولار، لكن عبد الله قال إن أخاه القتيل لم يهتم يوما لأمر المكافأة لأنه كان يعتبر اعتقال القذافي "واجبا وطنيا".
ووجدت بني وليد ومصراتة نفسيهما على طرفيْ نقيض خلال الثورة اليبية، فالأولى كانت من أشد أنصار القذافي، والثانية من أشد الموالين للثوار الذين أطاحوا به في النهاية.
ويقول ثوار مصراتة إن أنصار القذافي من أبناء بني وليد شاركوا في كثير من أحداث العنف التي تعرضت لها مدينتهم، بما في ذلك نيران القناصة والقصف والاغتصاب.
وقد ترددت أمس في مصراتة دعوات للانتقام من بني وليد، البلدة الواقعة جنوبي طرابلس والمعزولة عن باقي ليبيا. كما تظاهر مئات أمام مقر المؤتمر الوطني في طرابلس لمطالبة الحكومة بالاقتصاص من قتلة شعبان. وفي يوليو/تموز الماضي هدد ثوار سابقون في مصراتة بمهاجمة بني وليد إن لم يفرج عن صحفييْن ينحدران من مدينتهم خطفا هناك، وأخلي سبيلهما في النهاية بفضل وساطة.
وقال شعبان إن العدالة ستتحقق بغض النظر عمن سيحققها، لكنه حذر من أنه "إن لم تتحرك الحكومة فسنتحرك، فللصبر حدود." وقال بعض سكان بني وليد لأسوشيتد برس إن صور القذافي ما زالت تعرض خلال الأعراس، وما زال الشباب يستمعون في سياراتهم لتسجيلات لخطبه كما أن التلاميذ يمتنعون عن أداء النشيد الوطني الجديد، ويرفض المعلمون تدريس المناهج الدراسية المعدلة.
وجاءت وفاة شعبان بعد أيام فقط من قرار الحكومة حل المليشيات "غير الشرعية" على خلفية أحداث بنغازي التي قتل فيها السفير الأميركي وثلاثة من الموظفين الأميركيين.
لكن تجريد مليشيات بني وليد من السلاح يبدو مهمة شديدة الصعوبة، إذ أن المدينة -التي يقول الثوار السابقون إنها لا تخضع بعد لسيطرة الدولة- جيدة التحصين، ومدججة بمختلف أنواع الأسلحة من مخلفات الحرب ضد نظام القذافي.