أكدت مصادر مقرّبة من الدكتور عبدالكريم الإرياني مغادرته اليمن إلى العاصمة المصرية (القاهرة) احتجاجا على ممارسات «غير مسؤولة» داخل حزبه (المؤتمر الشعبي العام) وامتعاضا من بعض مواقف أحزاب اللقاء المشترك فيما يتعلق بالحوار الوطني الشامل. وأضافت، بعد أن طلبت عدم الإشارة لها لعدم تخويلها الحديث في مثل هذه الأمور، أن مغادرة الإرياني صنعاء، أمس الاثنين، جاءت بعد أن أبلغ الرئيس هادي باستيائه من تلك التصرفات «غير المسؤولة» في حزبه وبعض مواقف أحزاب اللقاء المشترك الأخيرة بشأن الحوار الوطني، منوهة إلى أنه «استأذن من الرئيس بالسفر كنوع من الاحتجاج على ما حدث». وهدد بأنه لن يشارك في مؤتمر الحوار الوطني القادم.
مع ذلك إلا أن مصادر أخرى خاصة اعتبرت التهديد الأخير ناتج عن موقف «غاضب»، مرجحة عودته للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، بعد قضاء فترة زمنية من النقاهة بعيدا عن هذه الأجواء المشحونة.
ويشغل الإرياني موقع النائب الثاني لرئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، ورئيسا للجنة الفنية للإعداد والتحضير للحوار الوطني.
وفي تصريحات خاصة ل«المصدر أونلاين»، أمس الاثنين، أكدت مصادر مقرّبة من الدكتور الارياني إنه قرر مغادرة البلاد إلى القاهرة، أمس، «مستاءً وغاضبا»، وهدد بأنه لن يشارك في مؤتمر الحوار الوطني القادم المزمع عقده مارس القادم (ترددت مؤخرا معلومات بشأن انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في مارس القادم، لكن ذلك لم يتم تأكيد بشكل رسمي بعد).
وفيما نشر موقع «المؤتمر نت»، أمس الاثنين، خبر مغادرة الإرياني خارج البلاد «لأخذ قسط من الراحة..»، فقد عزا ذلك إلى أنه «احتجاج على افتراءات المشترك» - كما ورد في العنوان الرئيسي للخبر. وفي المتن جاء أن الإرياني غادر «عسى أن ينسى ما قال المشترك أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي إن المؤتمر (تحول إلى معرقل حقيقي لهذه العملية - الحوار الوطني). طبقا للموقع الناطق باسم المؤتمر الشعبي العام.
إلا أن المصادر المقرّبة من الدكتور الإرياني، التي اتصل بها «المصدر أونلاين» أمس الاثنين، أكدت أنه غادر البلاد لعدة أسباب؛ على رأسها استياؤه ورفضه لسلوك وتصرفات حزبه (المؤتمر الشعبي العام)، عقب نشر قائمة ممثلي الحزب دون الرجوع إليه، ما وضعه في موقف محرج أمام اللجنة الفنية للحوار التي يرأسها. واستدركت «لاسيما بعد أن كان الإرياني نفسه أبلغها (أي اللجنة)، السبت، أن حزبه أعد قائمة بأسماء ممثليه لكنه (أي الحزب) اشترط عدم كشفها إلا بعد تسليم أحزاب المشترك وبقية المكوّنات السياسية قوائمها.
وأضافت «غير أنه (الإرياني) تفاجأ اليوم الثاني بنشر القائمة من قبل صحف ومواقع تابعة للحزب.. ما جعله في موقف محرج أمام الجميع، وربّما بشكل خاص أمام أعضاء اللجنة التي يرأسها..».
ولفتت المصادر إلى أن الدكتور الإرياني وصف هذا التصرف - أثناء حديثه لمقربين - بأنه «غير مسؤول.. ولا مبالاة.. وبعيدا عن الحصافة..».
وأضافت «وهو (أي هذا التصرف) عوضا عن أنه يضعه في موقف محرج كقيادي في الحزب، فإنه يعد تجاوزا لمهام اللجنة الفنية التي يرأسها..»، وذلك في سياق الحديث عن ردة فعل الإرياني بهذا الشأن.
يأتي ذلك في ظل ما تم تداوله على نطاق واسع عبر وسائل إعلامية من أن الرئيس صالح لم يدرج اسم الدكتور الإرياني ضمن قائمة ممثلي المؤتمر، وهو ما أكدته مصادر مقرّبة داخل الحزب. والتي أرجات ورود اسمه ضمن القائمة المنشورة من قبل وسائل إعلام المؤتمر الشعبي كواحد من ممثلي الحزب، بأنه جاء بعد أوامر وضغوطات من جهة الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، النائب الأول والأمين العام للمؤتمر الشعبي العام.
أما السبب الآخر لاتخاذ الإرياني قرار مغادرة البلاد ورفضه المشاركة في الحوار الوطني فيرجع - طبقا للمصادر المقرّبة منه - إلى استيائه من «الطريقة التي تعاملت بها أحزاب المشترك مع الحوار واللجنة التي يرأسها».
وفي هذا السياق، أوضحت: «أن المشترك كان اشترط أولا أنه لن يسلم القوائم الخاصة بأسماء ممثليه للحوار إلا بعد أن يسلم المؤتمر الشعبي العام قائمته أولا، لكن بعد أن أبلغهم الدكتور الإرياني، السبت، أن المؤتمر سلم قائمته إليه – باعتباره رئيس اللجنة – شريطة عدم كشفها، تذرع المشترك بأن بعض الأحزاب المنضوية فيه بحاجة إلى وقت إضافي للانتهاء من ترشيح ممثليها».
وفي اليوم التالي على إبلاغ الإرياني اللجنة بشأن تسليم المؤتمر الشعبي قائمته، أعلنت مصادر أخرى داخل اللجنة الفنية أن اللجنة لم تستلم قائمة المؤتمر. وأوضحت أن رئيس اللجنة أبلغها بذلك (السبت الماضي)، لكنها لم تستلم القائمة بشكل رسمي..!!، وتطابقت تلك التصريحات مع نفي قيادات في المشترك أن يكون المؤتمر الشعبي العام سلم قائمته فعلا إلى اللجنة الفنية بشكل رسمي. الأمر الذي -على ما يبدو- أثار امتعاض الإرياني، كون ذلك يدعو إلى التشكيك به كرئيس للجنة.
بل بحسب المصادر، فإن استياء الإرياني من لقاء المشترك يتعدى ذلك السلوك إلى اشتراط الأخير «ضرورة مغادرة صالح من البلاد والتخلّي عن رئاسة حزب المؤتمر كشرط لتسليم قوائمها..». الأمر الذي جعل الدكتور الإرياني – بحسب المصادر المقربة منه – يعتبر هذا التعامل على أنه «عديم المسؤولية وينمّ عن لا مبالاة..»، من حيث تعاملها مع الحوار «كعملية تفاوضية مسبقة لفرض مزيد من الاشتراطات التي تتجاوز صلاحيات اللجنة الفنية..»، طبقا لما أعرب عنه الإرياني لمقرّبين.
وكانت أحزاب المشترك أصدرت بيانا الأحد الماضي طالبت فيه مجلس الأمن بضرورة إخراج صالح من العملية السياسية من خلال إزاحته من رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام الشريك في السلطة والحوار الوطني، من أجل إنجاح الحوار.. الخ، وذلك عملا بنصوص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن رقم 2051، مشددة على أن الحصانة التي منحت لصالح كانت مقابل تركه العمل السياسي.
ونفت مصادر في المشترك، طلبت عدم كشف هويتها نظرا لحساسية الأمر، أن تكون تقدمت بأي اشتراطات جديدة إلى اللجنة الفنية من أجل مواصلة الحوار الوطني. وإذ أوضحت المصادر أن البيان كان موجها إلى مجلس الأمن وليس إلى اللجنة الفنية أكدت أنه (البيان) لم يختلق شرطا جديدا أكثر من كونه «طالب بتطبيق نقطة أساسية في المبادرة وقرار مجلس الأمن رقم 2051. حيث جاء فيه «.. وانسجاماً مع هذا القرار فإنه آن الأوان أن يقف مجلس الأمن بمسؤولية كاملة أمام التنفيذ الفعلي للاتفاق وإلزام الرئيس السابق علي صالح بمغادرة العمل السياسي وعدم ممارسة أي نشاط يتعارض مع الالتزامات التي تم التوقيع عليها ومُنح بموجبها الحصانة وذلك لضمان عدم جر البلاد مجدداً إلى العنف الذي من شأنه أن يهدد الأمن والسلام الإقليمي والدولي».
وعليه استبعدت مصادر المشترك أن يكون موقف الدكتور الإرياني الأخير له علاقة بهذا المطلب الوارد في بيان المشترك (والمطالب بضرورة مغادرة «صالح» المؤتمر الشعبي العام). وقالت إنه «وبحسب علمنا بالدكتور الإرياني، فإنه لا يمكن أن يستاء أبدا من مثل هذا المطلب، الذي عدا عن كونه مطلبا إجرائيا يتعلق بتنفيذ المبادرة وتصحيح مسار الحوار، فإنه أيضا يصحح مسار المؤتمر الشعبي العام حتى يتم التعامل معه كشريك مستقبلي في الحوار الوطني لا كخصم وعدو كما هو الحال فيما لو ظل صالح رئيسا عليه..».
ومع أن المصادر المقربة من الدكتور الإرياني أشارت في تصريحاتها السابقة ل«المصدر أونلاين» إلى امتعاضه واستيائه من تصرفات ومواقف كلا الطرفين: المؤتمر والمشترك (بناء على ما تم تفصيله أعلاه).. إلا أن مصادر أخرى (خاصة) أكدت ل«المصدر أونلاين» علمها بالسبب الأول (استياء الإرياني من مواقف وتصرفات حزبه)، فيما نفت أن يكون لديها معلومات بشأن استيائه من موقف أحزاب اللقاء المشترك الأخير.
وتباعا لذلك، فإنه يمكن تأكيد هذا الترجيح بالنظر أيضا إلى مواقف الدكتور الإرياني الواضحة والجريئة بشأن تصحيح مسار حزب المؤتمر الشعبي العام ودأبه المتواصل لتحويله إلى حزب شريك لمستقبل اليمنيين من خلال حرصه على إعادة هيكلته الداخلية بما يحقق مبدأ التخلّي عن كل ما يخلد في الذاكرة الماضية الموغل بالولاءات الضيّقة أو بكونه حزبا يتبع شخصا لا العكس.