رغم الترويج الكبير والمطالبة الشديدة بأن يكون الحوار الوطني القادم بلا سقف (أي بلا خطوط حمراء عند مناقشة أي فكرة) إلا أن بعض المروّجين لفكرة "حوار بلا سقف" يقعون في المحظور نفسه الذي يأخذونه على الآخرين! والراجح أن حكاية أن الحوار الوطني سيكون بلا سقف هي تدبير فقط لتمرير بعض الأطروحات سيئة السمعة إلى جدول الحوار (مثل الانفصال) ووضعها كمسائل مشروعة للحوار حولها.. ومع ذلك، فقد وافقت كل القوى السياسية على هذا المفهوم –أي حوار بلا سقف- تفويتاً للفرصة على البعض لكيلا يتخذ من وجود "سقف" مبررا لعدم المشاركة في المؤتمر!
المثير للسقوف كلها أن البعض الذي يتزعم مبدأ "مؤتمر حوار بلا سقف" يضع دون أن يدري – أو وهو يدري - سقوفاً خاصة به؛ مثل الإنكار، وتوجيه الاتهامات المضحكة - التي ظننا أن ثورة فبراير لم تجعل لها مكاناً بين قواها - بأن البعض يرفض الدولة الاتحادية، والدولة المدنية، وتعددية الأقاليم!
شفتم السقوف على أصولها! من حق من يشاء داخل مؤتمر الحوار أن يطالب بالانفصال، ورفض الانتماء اليمني والهوية اليمنية، ومن حق من يريد أن يطالب بعلمانية تقصي الإسلام عن شؤون الدولة، ومن حق من يريد أن يقول ما يشاء؛ لأن هذا هو الأصل في الحوار، هذا هو معنى لا سقف للحوار!
إذن، لماذا نضع سقوفاً حول من يرفض الدولة الاتحادية؟ أليس من حق من يريد أن يرفض الدولة الاتحادية وفكرة الأقاليم كما يحق لمن يريد أن يرفض "الوحدة" والهوية اليمنية؟
طالما أن مؤتمر الحوار بلا سقف، فمن حق من يشاء أن يطالب حتى بالدولة المركزية، وبإقليم واحد!
وإلا ما معنى حوار بلا سقف؟ هل صارت حتى السقوف تدخل ضمن القول المأثور: سقفنا حق، وسقفكم مرق؟
*** البعض أيضا يتجشأ أن الإصلاح منح خمسين مقعداً في مؤتمر الحوار! ويضرب لنا مثلا وينسى أن "الصنو" منح (35) مقعداً رغم أنه يرفض المبادرة الخليجية، ومن باب أولى مؤتمر الحوار ناهيك عن الالتزام بقراراته، وناهيكم عن السقوف!
التجشؤ الطائفي يفضح دخائل أصحابه، وقد قرأت لواحد من هؤلاء يتحدث عن أن الصحابة تقاتلوا في سقيفة بني ساعدة والرسول – صلى الله عليه وسلم - لم يدفن بعد! وحتى الذين لا يعرفون الفرق بين السقوف والحمامات، والفرق بين الدولة المدنية ودولة الحوثيين في صعدة.. حتى يعلمون أن ما حدث في "سقيفة بني ساعدة" لم يكن حرباً ولا قتالاً، ولا حتى يمكن قياسه بما حدث في "حزب الحق" من انشقاقات أو القتال بين الطامعين في الإمامة من لدن أحفاد الهادي وحتى الإمام أحمد وإخوانه في 1955، لكنه التجشؤ الطائفي الذي يفضح أصحابه، وجزى الله ظاهرة التجشؤ.. كم فضحت دخائل البعض!
[للأمانة؛ صاحب ذلك القول تراجع في مناسبة تالية، وأقر أن الصحابة اختلفوا فقط قبل دفن الرسول!] طهورا إن شاء الله من.. مرض التجشؤ!