هي كلمة قالها صديقي في جده حينما اخذ صورة تذكارية مع صديقه الغالي على قلبه والذي ضل مصاحبا له أكثر من خمس سنوات في غرفة واحده وفي مستوى دراسي وتخصص واحد ، لكن اليوم أصبح ذلك ماضيا ، وأصبح اللقاء مجرد حلم وصعب المنال ، فكل سيذهب على حاله في منطقة مختلفة وعمل مختلف لا يلتقي وصاحبة إلا على مواقع التواصل الاجتماعي والاتصال بالتلفون وحسب. هذه الكلمة استوقفتني كثيرا وجعلتني أتساءل عدد من التساؤلات : - ما الذي جعل الدول الأخرى هي أكثر إنتاجية من بلدنا ، وأكثر تقدما منا ؟!. - لماذا لا نكن لبنة أساسية في بناء بلدنا ؟!. - لماذا نحن أكثر إنتاجية وأكثر فاعلية في بلاد الغير ؟! - ما فائدة علم تعلمناه لسنيين طويلة في بلدنا ، ثم نجد أنفسنا فجأة في بلد آخر لم يخسر علينا أي شيء ؛ بل يأخذ مننا استقطاعات ؟ - لماذا بلدنا تزرع ويحصد الثمرة الغير ؟ - ما ذنب اليمني حينما يترك بلده ويتجرع سنين طوال في المهجر ؟!
أجل ليس لنا ذنب إلا أننا وُلدنا في هذا البلد ، الذي أُكلت ثرواته ونُهبت مُدخراته ، وأصبح أبناءه يكتوون بجحيم البحث عن لقمة العيش الحلال مهما كانت الضريبة ومهما كان الثمن ؛ في الوقت الذي ظلت تتصارع مراكز القوى في اليمن من اجل المحاصة والاستيلاء على مدخرات هذا البلد إلا بعض الأوفياء والشرفاء (وقليل ما هم ) .
واليوم ونحن على أعتاب مؤتمر الحوار الوطني نأمل أن لا تُغيب قضايا المغتربين ومعاناتهم ومشاكلهم التي باتت تملا الصحف والمواقع الالكترونية ، فهو بارقة الأمل للمغترب الذي يرجو أن ينبثق من خلاله معنى الدولة المدنية التي تراعي المواطنة المتساوية واحترام أفرادها أينما كانوا . لأننا في الغربة أصبحنا نفتقر لمعنى الدولة وأصبحت سفاراتنا عبارة عن دكاكين للاستقطاع وحسب .
والحقيقة هي أننا نعيش حالة اغتراب الكل على حد سواء من هو في اليمن ومن هو خارجة؛ فالقاطن في اليمن يجد نفسه مغتربا عن العالم الخارجي ، والاغتراب عن الثورة الصناعية والتكنولوجية ، وعن المدنية التي يشهدها العالم الآخر . ولذلك يجد نفسه مقيدا بالثقافة التقليدية التي أصحبت مثالا للتخلف والرجعية .
ولذلك صدق البرد وني حين قال : يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن.