كل المؤشرات حتى الآن تؤكد أن بلاد السعيدة تتجه نحو الغد المشرق بخطى واثقة تحفها العناية الإلهية بالرعاية في ظل قيادة حكيمة قيضها الله لها في ظروف حساسة لا تُحسد عليها. وهذا ما بات واضحاً للعيان من خلال التدرج المدروس في سلم التغيير خطوة بخطوة وصولاً بإذن الله إلى قطف كامل ثمار ثورة الشباب والتي نزفت فيها دمائهم الطاهرة رخيصة من أجل انتشال يمننا الغالي من براثن حكم الأسرة وتباعته الكارثية التي أوصلته لهذا الوضع المزري، فها هو الرئيس قد قطع الشك باليقين وتوج ملحمة الشباب البطولية بتوجيه ضربه قاضية تكفلت بحسم جولة هامة ضد القوى الممانعة للتغير والتي طالما تشبثت بالسلطة واستماتت للحيلولة دون تركها ،وهو بهذا الحسم قد قطع رأس الأفعى وأغلق بذلك ملف ساخن ترتبط به الكثير من الملفات الأخرى الحساسة التي تنتظر الالتفات إليها في أسرع وقت سواء على الصعيد السياسي كالقضية الجنوبية وتمرد صعدة أو على الأصعدة الأخرى كملفات التنمية والفساد والأمن وغيرها.
وبهذا نستطيع القول أن الرجل قد بدأ تدشين جولة جديدة تختلف عن سابقتها في كونها تستهدف محو آثار ما خلفته حماقات تلك القوى البائدة من مشاكل سياسية واقتصادية وعاهات اجتماعية أثرت بشكل كبير على كل مناحي الحياة وكادت أن تجهز على اليمن، وهو ما لن يتحقق إلا من خلال إرساء مداميك دولة النظام والقانون الأمر الذي يتطلب التكاتف وتغليب مصالح الوطن العليا على المصالح الشخصية والنزعات الضيقة.
تأتي قرارات الحسم في توقيت هام نظراً لمواكبتها انطلاق مؤتمر الحوار الوطني والذي على إثر مخرجاته ستتحدد ملامح مستقبل اليمن،ولذا فإن تلك القرارات تكتسب أهمية كبيرة في هذا التوقيت بالذات يمكن إيجازها في عدد من النقاط:
أولاً: إعادة الألق والتوهج لثورة الشباب والتي كادت أن تفقد بريقها بسبب تأخر البت في تلبية المطالب الشعبية الملحة وفي مقدمتها إقالة من تبقى من نظام العائلة وتخليص البلاد من شرورهم إلى الأبد.
ثانياً: القرارات بكل تأكيد تمثل دفعه قوية لمؤتمر الحوار كونها ستعمل على مضاعفة فرص نجاحه وتلطيف أجواءه وذلك من خلال نقطتين، الأولى أن مخرجاته ستحتاج إلى تطبيق على أرض الواقع لكي ترى النور والضامن الوحيد لتطبيقها يتمثل في وجود جيش وطني موحد وقوي غير خاضع لسيطرة فئة بعينها ، وأما النقطة الثانية تتمثل في أنها ستلعب دوراً هاماً في تشجيع من تبقى من التيارات الجنوبية المقاطعة للحوار على اللحاق بركب المؤتمر،وعلى ما يبدو أنها قد آتت ثمارها بسرعة من خلال إعلان العطاس بالأمس مشاركته في المؤتمر شريطة منحة 10 مقاعد يتولى توزيعها بنفسه بحسب بعض المواقع الإخبارية.
ثالثا: يؤكد هادي من خلال هذه القرارات أنه بالفعل قد أصبح الرئيس صاحب القرار وبلا منازع وعلى من لا يزال لديه شك في ذلك أن يصحو من غيبوبته فواقع اليوم غير ذكريات الأمس، وعن نفسي فلن أصدق بعد يوم العاشر من إبريل من يقول عن الرئيس متخاذل وفي المقابل لا أؤيد كيل المديح له كونه يؤدي واجبه المنوط به كواحد من أبناء الشعب فهو ليس بحاجة للثناء بقدر ماهو بحاجة للدعم وتقديم النصح والمشورة لاسيما وأن الرحلة لا تزال طويلة ومحفوفة بالمخاطر، والتاريخ كفيل بإنصافه وسيشهد له ولمن معه من الوطنيين بإنقاذ اليمن من حبل المشنقة في هذا الظرف العصيب.
رابعاً: ستنعكس تلك القرارات إيجاباً على الجانب الأمني المنفلت في البلاد منذ فترة طويلة كونها ستسحب البساط بشكل نهائي من تحت قوى همها الأكبر عرقلة عملية التغيير وزرع الأشواك في طريقها من خلال العمل على إثارة القلاقل وإفتعال الأزمات.
خامساً: التأييد الشعبي الجارف لهذه القرارات من شأنه تشجيع الرئيس على مواصلة مشوار التغيير الطويل والذي لا نزال في بدايته.
من الطبيعي أن تتوالى ردود الأفعال المؤيدة لحزمة القرارت الجريئة، وعلى الرغم من ذلك نجد أن البعض وكعادتهم يحاول التقليل من أهميتها من خلال القول بوجود صفقة من نوع ما ربما مالية تم إبرامها مع جنرالات الحروب اللواء والعميد تتحمل أعبائها خزينة الدولة.
وعلى إفتراض صحة مثل تلك الأقاويل فإن ما سيتم دفعه في أسوأ الأحوال لن يكلفنا أكثر مما قد تم نهبه، وعليه فإن كيفية خروجهم من الحلبة ليست من الأهمية بمكان كون المهم هو خروجهم لماسيترتب عليه من إنفراج على كل المستويات بغض النظر عن الثمن.
وهنالك من ذهب إلى ماهو أبعد من ذلك إذ يعتقد هؤلاء أن التعيينات الدبلوماسية لأفراد العائلة وخصوصاً نجل صالح لم تكن إعتباطية بل جاءت من أجل تسوية الملعب أمام العميد و تهئيتة لولوج الحياة المدنية والسياسية تمهيداً لخوض غمارالسباق إلى القصر الجمهوري عام 2014 .
وهذه التحليلات في اعتقادنا غير دقيقة وأشبه ما تكون بقصص ألف ليلة وليلة، لأن هذه التعيينات لاتعدو عن كونها نفي بطريقة راقية تأتي إستكمالاً للحصانة الممنوحة لأركان النظام السابق بحسب المبادرة الخليجية والتي سيحصل بموجبها من تم تعيينه في منصب دبلوماسي على الحصانة الدبلوماسية لتجنبهم بذلك الملاحقة القانونية خارج الوطن.
وعلى من يراوده حلم عودة كابوس حكم الأسرة أن يفيق من حلمه ويعيد حساباته لأن الشعب قد لفظهم وبالكرت الأحمر ودفع في سبيل ذلك دماء فلذات الأكباد بدون مقابل.
وعلى كلٍ إذا ما حدث ذلك وتهورت العائلة وآثرت الإنجرارخلف أهواء أصحاب المصالح الذين ساهموا في رسم ملامح نهاية حكمها، فإن الشعب الذي تخلص منهم اليوم هو نفسه من سيقف لهم بالمرصاد يوم غد ولن يسمح لهم بتجريعه مرالكأس مرة أخرى مهما كان الثمن، أضف إلى ذلك أن المجتمع الدولي الداعم بقوة في إتجاة إستقرار اليمن نظراً لتقاطع المصالح لن يجازف بجعل اليمن عُرضة للصوملة من جديد، ولذا نقول لمن لا يزال يسبح بحمد العائلة ليل نهارسواء كانوا من حملة المباخر أو المغرر بهم، أن من كان ولاءه لنظام العائلة فإنه قد ولى إلى غير رجعه،وأما من كان ولاءه للوطن فإن الوطن باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فدعونا نتكاتف من أجل اليمن واليمن فقط.