حين تضج المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة، والنقابات المحلية، في عواصم دول العالم اليوم.. كذلك تستحوذ المناسبة مكانتها في وسائل الاعلام، تمر المناسبة في اليمن كأنها أشبه باليوم العالمي لغسل الأيادي. صحافتنا عديمة، لكأنها تعيش عصرها الذهبي ولا رؤية لديها ولا جهد ولا نشاط لتسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي تتعرض لها "بعد الربيع". نقابتنا شائخة، وقياداتها اصبحت -أغلبها- مشغولة بمشاريعها وأعمالها الخاصة، وهي ابعد ما تكون عن تجسيد العمل النقابي، الهزيل غالباً. ربما حضر الشركاء الدوليون المعنيون بحرية الصحافة (اليونسكو- المفوضية السامية لحقوق الانسان، مركز الدوحة لحرية الاعلام، وشبكة الجزيرة الاعلامية) لإقامة ندوة عن وضع الحريات الاعلامية ودورة تدريبية حول سلامة الصحفيين، لمواساة الصحافة اليمنية المنكوبة بسلبيتها، وتعويض جانب من هزالة أداء نقابتها ومنظماتها الحقوقية، التي كانت الى عهد قريب تنتهز هذه المناسبة لاصدار تقارير، تسلط الضوء على انتهاكات حرية الصحافة. لا بل كان هناك صحفيون مستقلون، يصدرون تقارير واحصائيات محترمة عن وضع حرية الصحافة في البلاد. هي مؤسسة حرية للحقوق والحريات الاعلامية، التي ذكرتنا، في سكون الجمعة، باليوم العالمي لحرية الصحافة، في جزئيتها اليمنية، إضافة الى منظمات ومؤسسات دولية محترمة غطت جانباً من ذات الغياب، واعادت التذكير بالبيئة العدائية التي يعمل فيها الصحفيون اليمنيون.. ولها كل التقدير على جهودها في تعزيز حرية الصحافة في البلاد، في ربيع الوفاق المتواطئ ضد الصحافة المنسجم إلى حد كبير على شيطنة مهمتها. ورصدت مؤسسة حرية 86 حالة انتهاك، تعرض لها 112 إعلامي وصحافي، بينها حالة قتل في عدن، وتوزعت البقية بين محاولة اغتيال وشروع في القتل واعتداء واحتجاز وتهديد وتحريض وفصل تعسفي ومصادرة صحف وغيرها، بالاضافة إلى 34 قضية منظورة ضد الصحافيين في المحاكم والنيابات العامة، في حين كانت مؤسسة حرية سجّلت 260 حالة انتهاك خلال العام الماضي 2012 تعرض لها 432 صحافي ومؤسسة إعلامية، حسب بلاغ صدر عن المؤسسة في هذه المناسبة المقصية المنسية من اهتمام المعنيين بها. "حرية" قالت إن هناك «تعمداً مقصوداً» للانتهاكات ضد الإعلاميين، وبتوجيهات من قيادات أمنية أو عسكرية أو سياسية أومن شخصيات اجتماعية وقبلية، محذرة من خطورة الوضع الراهن على ممارسة العمل الإعلامي في اليمن الذي وصفته بإنه "غير آمن"، وطالبت الأجهزة الحكومية بضرورة تأمين سلامة الصحافيين وخلق بيئة مناسبة لممارسة عملهم بحرية وأمان. في اليوم العالمي لحرية الصحافة، لازال الصحفي عبدالإله حيدر شائع يقبع في سجنه منذ أغسطس 2010، بحكم قضائي، وفرمان أمريكي يحول دون اي جهد لإطلاق سراحه. في اليوم العالمي لحرية الصحافة، يستعد عدد من الصحفيين بعده لمراجعة المحاكم في قضايا نشر منظورة هناك.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة، ثمة صحف وصحفيون واقعون تحت تهديد القتل، وتفجير المقرات بعبوات ناسفة. في اليوم العالمي لحرية الصحافة، لازالت صحيفة كالأيام تنتظر الخلاص واعادة الاصدار، ولملمة توقفها المحاط بكثير من العراقيل والقيود والضغوط والملابسات. في اليوم العالمي لحرية الصحافة يجدر بنا الاشارة إلى "النداء" كنواة صحافة مهنية ومستقلة، اخفيت قسراً منذ عامين، بسطوة القمع والمصادرة، وإلى وقت قريب استمر مشروع انهاكها بالاعتداءات والسرقات لمقدراتها البسيطة التي كانت تفي بالحد الأدنى من متطلبات الاصدار النوعي المتميز في الصحافة اليمنية. في اليوم العالمي لحرية الصحافة، تبدو الصحافة اليمنية يتيمة، فاقدة للسند الذاتي المتخاذل تبعاً لحسابات الوفاق، وانعكاساً لحالة الاصطفافات والاستقطابات في تضامن عكسي ضد قيمها وحريتها. في اليوم العالمي لحرية الصحافة أتمنى لصحافتنا الانتصار لقيمها، والدفاع عن حريتها التي لم تتهاون في مواجهة استحقاقاتها في ظل بيئة كانت تجاهر بعدائيتها الصريحة للصحافة، لكنها تخاذلت في ترسيخها في ظل عهد وفاق الربيع الهزيل، الذي يتفق أطرافه على تحميل الاعلام كثيراً من تبعات اخفاقاتهم، ويتبادلون المواقف الانتهازية المتواطئة ضد الانتهاكات التي تطالها. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. ضد أجهزة القمع، ومراكز القوى. نتضامن مع انفسنا ضد سلبيتنا التي تؤازر آلة القمع والتكميم التي تسعى لتحويل الصحافة إلى آلة دعائية فاقدة الحرية فارغة المضمون.