مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    بن مبارك بعد مئة يوم... فشل أم إفشال!!    الجوانب الانسانية المتفاقمة تتطلّب قرارات استثنائية    لماذا صراخ دكان آل عفاش من التقارب الجنوبي العربي التهامي    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    مكاتب الإصلاح بالمحافظات تعزي رئيس الكتلة البرلمانية في وفاة والده    الثالث خلال أشهر.. وفاة مختطف لدى مليشيا الحوثي الإرهابية    هجوم حوثي مباغت ومقتل عدد من ''قوات درع الوطن'' عقب وصول تعزيزات ضخمة جنوبي اليمن    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    أقرب صورة للرئيس الإيراني ''إبراهيم رئيسي'' بعد مقتله .. وثقتها الكاميرات أثناء انتشال جثمانه    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    بعثة اليمن تصل السعودية استعدادا لمواجهة البحرين    انفراد.. "يمنات" ينشر النتائج التي توصلت إليها لجنة برلمانية في تحقيقها بشأن المبيدات    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ماذا يحدث في إيران بعد وفاة الرئيس ''إبراهيم رئيسي''؟    عودة خدمة الإنترنت والاتصالات في مناطق بوادي حضرموت بعد انقطاع دام ساعات    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    أول فيديو من موقع سقوط طائرة الرئيس الإيراني ووصول فريق الإنقاذ "شاهد"    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    تناقض حوثي مفضوح حول مصير قحطان    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنهاء الثغرات الأمنية في منظومة «امن الرئيس»
نشر في المصدر يوم 19 - 05 - 2013

بات من الواضح أن الأمن الشخصي للرئيس عبدربه منصور هادي -عقب اكتشاف عبوة ناسفة جرى زرعها على طريق موكبه- أضحى في وضع غير مطمئن على الإطلاق.

قبل يومين، تناقلت وسائل الإعلام نبأ مشئوماً آثار انزعاجاً واسعاً في الأوساط الشعبية والسياسية متسبباً في توليد متواليات القلق والتوجس على الرئيس ومستقبل البلاد وأمنها.

في التفاصيل، أشارت الأنباء إلى اكتشاف عبوة ناسفة تزن سبعة كيلو جرامات من مادة c4 شديدة الانفجار في أحد الأنفاق بشارع الستين وذلك قبل نحو ساعة من مرور الموكب الرئاسي إلى دار الرئاسة.

ووفق الأنباء التي بدت للوهلة الأولى متضاربة، فإن العبوة الناسفة التي جرى العثور عليها كانت مغطاة بزي عسكري متشح بألوان زيتيه ، وموصولة بشريحة هاتف نقال أعدت للتفجير فور عبور موكب الرئيس عبدربه منصور هادي من فوق ذلك النفق.

ثمة بواعث كثيرة على القلق في هذا النبأ المشئوم، لعل أبرزها وأعلاها شاناً أن c4 عبارة عن مادة يتم تصنيعها في منشات عسكرية نظراً لقدراتها التدميرية الهائلة، حيث تؤكد مصادر علمية عسكرية أن هذه المادة تستخدم لتدمير الدروع والآليات العسكرية.

ووفق ذات المصادر فان العبوة التي تزن اثنين كيلوجرام من مادة c4 شديدة الانفجار تعادل في مستوياتها التدميرية الدمار الذي يخلفه انفجار 10 كيلو جرامات من مادة (tnt) التي تصنف ضمن قائمة المواد شديدة الانفجار أيضاً.

حسب المصادر العلمية فإن مادة c4 تتكون من أربع مواد كيميائية ويتم تصنيعها لأغراض عسكرية ويصعب شراؤها من السوق السوداء، وهو ما يضع علامات استفهامية عديدة عن طبيعة الجهات الإجرامية الآثمة التي تقف وراء هذا الفعل الشنيع الذي ينبغي أن لا يمر مرور الكرام أبداً.

إجراءات غير كافية
خلال المرحلة السابقة، وتحديداً تلك التي تلت القرارات الرئاسية التاريخية بإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية، بدا الرئيس وهو في حالة انهماك شبه كلية بمتابعة نتائج أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتذليل الصعوبات والعراقيل التي تقف أمام خروجه بحلول جذرية للازمات التي تعيشها البلاد.

في غمار الانهماك الرئاسي بملف الحوار، كان واضحاً أن الرئيس لم يعد يلقي بالاً لأمنه الشخصي الذي مازال مستوى التهديدات فيه عالية.

ورغم أن الرئيس في مراحل سلفت حاول ببعض الإجراءات تعزيز أمنه الشخصي عبر تشكيله لألوية الحماية الرئاسية وقيامه بتدريب قوات نوعية ضمن ألوية الحرس الرئاسي الخاص بموازاة التأمين النسبي لجهاز الأمن القومي عبر تعيين الدكتور علي حسن الأحمدي كرئيس للجهاز، إلا أن تلك الإجراءات وفق وقائع شتى لا تبدو كافية للوصول إلى غاية التأمين الكامل لحياة الرئيس، إذ ثمة ثغرات بائنة في منظومة الأمن والاستخبارات مازالت تشكل تهديداً مباشراً لحياة الرئيس.

امن الرئيس بين واقعين
في اليمن، ثمة واقعين جرى تخليقهما، واقع ما قبل قرارات الهيكلة التاريخية، وواقع ما بعد صدور هذه القرارات.

قبل صدور القرارات، لم يكن هنالك وجود حقيقي لتهديدات فعليه تستهدف حياة رئيس الجمهورية، حيث كانت مراكز القوى داخل الجيش والمخابرات في حالة ترقب للخطوات الرئاسية الداعمة لخيارات التغيير والمحققة لتطلعات الشعب اليمني في إيجاد دولة مدنية حديثة.

اذكر هنا أنني شخصياً كتبت مقالاً أشرت فيه إلى أن الحديث آنذاك عن وجود تهديدات فعلية تطال حياة الرئيس هو ضرب من المبالغة لغايات وأهداف تتطلع إلى تقييد حركة الرئيس، وقلت في المقال ذاته أن اي استهداف للرئيس من جانب اي مؤسسة سيادية في الجيش أو المخابرات يعد بمثابة انتحار لتلك المؤسسات وقياداتها.

غير أن واقع ما بعد صدور القرارات التاريخية أدى لتغييرات جذرية حولت تلك التهديدات من محض مبالغات بأهداف وأجندة واضحة، إلى تهديدات حقيقية لاعتبارات عديدة.

لقد تسبب رئيس الجمهورية بقراراته الشجاعة والتاريخية في تخليق واقع جديد كلياً، حيث استطاع بهذه القرارات أن يحقق جانباً هاماً من تطلعات التغيير التي ظل يصبوا إليها كل ابناء الوطن.

شخصياً كنت أتوقع من الرئيس عقب تلك القرارات إيلاء أمنه الشخصي اهتماماً بالغاً وعناية خاصة بصورة تؤدي لتقليص مستوى المخاطر الأمنية على حياته بموازاة الحيلولة دون تمكن أي قوى في الداخل او الخارج من إنفاذ أي مخططات إجرامية تتغيا إنهاء حياته.

ورغم أن رئيس الجمهورية حاول بقراراته التكميلية أن يحفظ للقوى المتضررة من عملية التغيير هامشاً من المصالح والامتيازات عبر إعادة تعيين كثير من القيادات التي طالتها يد الإقصاء من مناصب سيادية حساسة، إلا أن عملية الإرضاء هذه لا تبدو بحسابات التاريخ ومقاييس الواقع الجديد كافية لوأد أي نوايا لتنفيذ عمليات انتقامية تستهدف أمنه الشخصي وحياته.

مخططات الفوضى الخلاقة
لنكن صرحاء اكثر، ثمة قوى عديدة ترى في إسقاط الرئيس هادي ما يحقق رغبتها في تثبيط عجلة التغيير وإيقاف دورانها المتسارع بموازاة تمرير مخططات الفوضى الخلاقة التي يمكن أن تسمح لهذه القوى باستعادة زمام الأمور وإعادة البلاد الى خنادق التمترس ومربعات الحرب الأهلية التي طوتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

لا يبدو أن فعل المواجهة في التعاطي مع هذه القوى وتحجيم مستوى قدراتها يعد تكتيكاً كافياً لدرء أي اتجاه يتغيا استهداف الرئيس شخصياً.

إذ ليس من المعقول او المقبول أن يكتفي الرئيس بذلك التكتيك أو حتى بتعزيز قدرات جهاز الحماية الرئاسية الخاص به (دائرته الأمنية الأولى) وذلك دون السعي لإنهاء الثغرات الموجودة في الأجهزة الأمنية وبالأخص تلك التي تملك قدرات عالية وإمكانات تتيح لها القدرة على إحداث اختراقات لا مرئية في الدائرة الأمنية الأولى.

وهو ما يجعل الرئيس أمام تحد يستوجب منه القيام بإجراءات عاجلة وفورية ولا تحتمل التأجيل فيما يتعلق بالملف الامني.

إنهاء الثغرات في منظومة امن الرئيس
لحسابات خاصة ربما، كان الرئيس يحبذ تأجيل البت في ملف أجهزة الاستخبارات إلى مراحل أخرى، حيث كان الجيش والقوات المسلحة هو الهاجس الأكبر بالنسبة إليه نظراً لكونه اي الجيش قادر على صنع التحولات وإسقاط الأنظمة والحكومات بموازاة إعاقة أو تعطيل الفعل السياسي.

ولأن ملف الجيش يبدو محسوماً إلى حد كبير، فإن حسابات التأجيل فيما يتعلق بملف أجهزة الاستخبارات لا تبدو فعلاً حكيماً من جانب الرئيس لاسيما عقب المحاولة الإجرامية الآثمة التي استهدفت موكبه الرئاسي.

وبما أن هيكلة اكبر منظومتين أمنيتين في البلاد - جهاز الأمن القومي وجهاز الأمن السياسي- غدت خطوة ضرورية لإنهاء الثغرات الحاصلة في منظومة امن الرئيس، فإن رئيس الجمهورية لا يبدو في هذا الملف تحديداً ملزماً بأي توافقات سياسية مسبقة لإنفاذ عملية هيكلة الجهازين وتطهيرهما من القيادات والعناصر المشكوك في ولائها الخالص للوطن وقيادته المنتخبة.

ارتباط المخابرات بالأمن الشخصي للرئيس
ليس هنالك ثمة شك في أن الجهازين مرتبطان على نحو مباشر بالأمن الشخصي للرئيس هادي، وبما أن بقائهما بواقعهما الراهن وبتشعباتهما وإعمالهما وأنشطتهما السرية يعني بقاء الثغرات الأمنية التي يمكن أن تتسبب لا قدر الله في إنهاء حياة الرئيس، فإن الرئيس يبدو بحاجة أكثر من أي وقت مضى لهيكلتهما دونما حاجة لأي توافقات في الداخل أو الخارج على اعتبار أن فعل الهيكلة مرتبط ارتباطاً كلياً وموضوعياً بتأمين نفسه وتحقيق الاستقرار للبلاد.

في الواقع، لا يبدو أن المسألة ترتبط بتأمين حياة الرئيس فقط، إذ ثمة أبعاد أخرى تجعل مسألة الهيكلة حتمية وغير قابلة للخضوع لطائلة التأجيل.

بوسعنا النظر إلى تلك الأبعاد من منطلق السيناريوهات المرعبة التي يمكن أن تتخلق بفعل الواقع الذي سينشأ عن نجاح أي عملية إجرامية (لا قدر الله) في اغتيال الرئيس هادي، فأي محاولة إجرامية لاغتيال الرئيس ستكون لها تداعيات كارثية على الوطن بشكل عام، إذ لن تقتصر على الرئيس ومسيرة التغيير المظفرة فحسب، بل ستطال عموم الوطن.

تدابير رئاسية وقائية
حتى لو افترضنا جدلاً أن القوى المتضررة من مسيرة التغيير التي أحدثها الرئيس، قد أبرمت تفاهمات خلف الكواليس للتخلص من الرئيس ووضعت سيناريوهات لمرحلة ما بعد هادي بهدف لملمة الأمور وعدم السماح بانزلاق البلاد إلى أتون حرب أهلية، فإن تفاهمات إجرامية من هذا النوع – في حال وجودها فعلاً- تقتضي من رئيس الجمهورية الشروع الفوري في اتخاذ حزمة من التدابير الوقائية التي تحقق أعلى مستويات الضمان لأمنه الشخصي.

على أن مثل هذه التفاهمات في حال وجودها لا يمكن أن تحقق لأربابها ضمانات حقيقية لاستقرار النظام في مرحلة ما بعد الرئيس هادي.

جل المؤشرات تشير إلى أن الوطن سيلج إلى آتون دوامة من الفوضى والاستقرار، وهذه عملية تعني احد أمرين، فإما وضع البلاد على حافة الانفجار الشامل وانهيار النظام الحاكم بصورة تتسبب في ظهور واقع الدويلات وأمراء الحروب، وإما إثقال كاهل الوطن بأزمات كبيرة ستكون لها تداعيات بالغة الخطورة على مستقبل البلاد وستؤدي بالتقادم الزمني إلى نتائج قريبة إلى حد كبير من تلك التي ستتخلق بفعل انفجار الأوضاع وانهيار نظام الدولة.

سيناريوهات مرعبة لما بعد الرئيس
استناداً إلى حقائق التاريخ، بوسعنا القول أن تطبيق سيناريوهات الفوضى الخلاقة في واقعنا الراهن يمكن أن يتسبب في إعادة انبعاث مراكز القوى التي طالتها يد التحجيم عقب إجراءات الرئيس، حيث أن هذه القوى ستعود لممارسة سيناريوهات العبث بالبلاد بمجرد الإعلان (لا قدر الله) عن مصرع الرئيس هادي.

حيث ستتمكن هذه القوى من استعادة جانب واسع من تركتها المسلوبة بفعل قرارات التغيير، وهو ما قد يمكنها بعد فواصل من الحروب والأزمات والحرائق من فرض تسوية جديدة بغطاء أممي تعيد رسم ملامح الخارطة على نحو يحقق لهذه القوى التمتع بإدارة حكومات شطرية في الشمال الذي يمكن أن يخضع لطائلة التجزئة بعد الانفصال الحتمي للجنوب الذي سيتمزق على الأرجح إلى دويلات عدة.

بوسع الخيال هنا أن يضع أسوأ الاحتمالات وأكثرها سوداوية، غير أن المؤكد في كل السيناريوهات المتوقعة يكمن في استحالة الحفاظ على كيان الدولة الواحدة إذا ما نجح لا قدر الله مخطط اغتيال الرئيس، إذ أن احتمالات التشظي ستبلغ حد الحضور الأعلى بموازاة انخفاض أو ربما انعدام أي فرصة لارتفاع أصوات العقلاء التي ستخضع لطائلة التغييب لصالح لغة القوة والرصاص.

لاشك بأن التفكير في هذه السيناريوهات المرعبة يفرض على رئيس الجمهورية أن يشرع فوراً في تأمين نفسه وتأمين البلاد، وهذه عملية في واقع الأمر لا يمكن أن تتحقق في ظل وجود الثغرات الأمنية الراهنة في منظومتي الاستخبارات الوطنية بشقيها القومي والسياسي.

إدارة الدولة من الخفاء
خلال مراحل سابقة وتحديداً عقب المحاولة الإجرامية الآثمة لاغتيال اللواء الركن محمد ناصر احمد وزير الدفاع كان الرئيس يدرك حجم المخاطر المترتبة على بقاء الواقع الراهن في جهازي الأمن القومي والأمن السياسي، وهو ما دفعه لإجراء تغييرات محدودة لم تفلح في جعل هاتين المؤسستين مرتبطتين بشخصه.

وجود صورة الرئيس هادي في مكاتب القيادات العليا للجهازين لا يعني بتاتاً أن كل مراكز النفوذ داخل المنظومتين تؤيدان الرئيس هادي وتدعمان قراراته ومسيرته في التغيير وبناء الدولة المدنية الحديثة، وهذه الأخيرة "الدولة المدنية" تعد هاجساً مؤرقاً لتلك القيادات التي اعتادت أن تدير البلاد من الخفاء دون أن تطالها يد المساءلة أو المحاسبة.

تأمين البلاد مرتبط بتأمين الرئيس
ليس ضرباً من المبالغة القول أن الرئيس عبدربه منصور هادي يشكل صماماً لأمن الوطن، هذه حقيقة لا يختلف عليها اي من الذين عاشوا ويلات الحرب الأخيرة التي شهدتها أحياء وشوارع العاصمة صنعاء.

ولأن الرئيس هو صمام أمان الوطن، فإن مسألة تأمين حياته ليست فعلاً شخصياً او نزعة خاصة بقدر ما هي ضرورة لتأمين مستقبل البلاد وضمان نجاح الحوار الوطني، وهو أمر يستوجب القيام بإجراءات عديدة لإنهاء الثغرات الموجودة في المنظومة الأمنية.

بوسع الرئيس أن يشرع في تأمين حياته عبر إجراءات عاجلة وأخرى على المدى المنظور، فأما الإجراءات العاجلة فيمكن تلخيصها في تعزيز جهاز الحماية الرئاسية، بموازاة التعزيز الكامل والمطلق لسلطة الدكتور علي حسن الأحمدي في جهاز الامن القومي عبر قرارات جمهورية بإقصاء ما تبقى من الضباط الكبار الذين عينهم علي عبدالله صالح وعمار محمد عبدالله صالح كالعميد احمد درهم وكيل قطاع الأمن الداخلي في الجهاز والعميد جلال الرويشان وكيل قطاع المعلومات وتعيين وكيلين جديدين ليسا على علاقة بارتباطات وولاءات قديمة ويخلو سجلهما من عمليات انتهاك وتعذيب.

من الإجراءات العاجلة أيضاً يمكن للرئيس أن يصدر قرارات تعيين لرؤساء جدد في كل الدوائر التخصصية داخل جهاز الامن القومي بصورة تكفل وضع يد الرئيس على كل الأجهزة الاستخباراتية الحساسة التي يمتلكها الجهاز على أن تكون تحت إشرافه المباشر.

دمج الجهازين في وزارة للأمن الداخلي
وبما أن جهاز الأمن السياسي يعاني من اختراقات عديدة، فإن ذلك يتطلب صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادة جديدة للجهاز وللمفاصل الحساسة المرتبطة بأمن الرئيس.

على أن يتم الشروع عقب تنفيذ هذه المرحلة في إجراءات إعادة هيكلة الجهازين، بصورة تفضي إلى بناء جهاز مخابرات وطني مع الاستفادة من خبرات أصدقاء اليمن في هذا الاتجاه.

وبما أن اللجنة الرئاسية التي جرى تشكيلها لإعادة هيكلة جهازي الاستخبارات لم تتمكن حتى الآن من انجاز أعمالها فإن القرارات التمهيدية العاجلة يمكن أن تتسبب في تسهيل قدرة اللجنة على استكمال مشروع دمج الجهازين واعادة هيكلتهما إما عبر إنشاء وزارة للأمن الداخلي كما هو حاصل في الولايات المتحدة الأميركية، وإما عبر دمجهما في جهاز استخباري واحد يرتبط برئيس الجمهورية، على أن يتم منح البرلمان ووزارة الداخلية سلطة الاطلاع على كل أعمال وأنشطة المخابرات بموازاة تمكين الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من مراجعة كافة الموازنات الفلكية المتضخمة المعتمدة ضمن الموازنة العامة للدولة للجهازين بصورة تمنح القيادة السياسية والمؤسسات الرقابية كالبرلمان والهيئة العليا لمكافحة الفساد القدرة على معرفة حقيقة العبث اللامحدود بأموال الوطن الذي يتم في الجهازين دون حسيب او رقيب.

هيئة للإشراف على المخابرات
لاشك أن تمكين الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من مراقبة العبث المالي في جهازي الأمن القومي والسياسي سوف يمنح رئيس الجمهورية مصدراً محايداً للمعلومات الموثقة عن حقيقة ما يدور في جهازي الاستخبارات بموازاة الحد من قدرة ما تبقى من الضباط المواليين للقيادة السابقة للجهازين على القيام بأي أنشطة سرية دون علم الرئيس ووزارة الداخلية وأجهزة الرقابة، ويمكن لرئيس الجمهورية استحداث هيئة عليا تتولى السلطة الكاملة للإشراف المباشر على كل الأنشطة الاستخباراتية في البلاد على طريقة مكتب الاستخبارات الوطنية الذي تم إنشاؤه في الولايات المتحدة الأميركية لإدارة أجهزة المخابرات الأميركية التي قالت صحيفة الواشنطن بوست في تحقيق موسع لها بعنوان "أميركا في غاية السرية" بأنها تبلغ نحو (17) جهازاً استخباراتياً حيث كان الهدف من هذا المكتب إنهاء التعارض في أعمال وأنشطة المخابرات المتعددة وإدارتها ومراقبة أعمالها وأنشطتها السرية التي عادة ما تتم دون علم القيادات العليا في البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.