في ظل شعور شباب الثورة بالإحباط من مآلات الثورة السلمية في ظل التسوية السياسية، تمثل الإرادة الوطنية الصلبة لشباب الثورة القوة الدافعة لاستمرار العمل الثوري بشتى الوسائل الممكنة، ويظهر التفاعل والحضور الإيجابي للفعل الشبابي الصادق من خلال الفعاليات الثورية وتحديدا الخاصة بالوفاء لشهداء الثورة الذين قدموا أرواحهم فداء لمشروع الثورة، وأبرزها محرقة ساحة الحرية. تقول ذكرى محرقة 29 مايو 2011 بأن بقاء القتلة بعيدا عن المحاكمات جراء ما ارتكبوا من جرائم قتل وقمع ضد شباب الثورة، لا يعني عدم افلاتهم من عدالة الأرض او عدالة السماء، باعتبار حرص الثوار على إحياء ذكرى المجازر والمذابح التي تعرض الثوار في ساحات الثورة عام 2011، وآخرها الذكرى الثانية لمحرقة ساحة الحرية في تعز، تجسيدا بسيطا لإرادة شعب يواصل درب الثورة السلمية، ويتمسك بمطلب محاكمة القتلة الذين حصنتهم المبادرة بطريقة مخالفة للقوانين المحلية والدولية والانسانية، وهذا ما يجعل من أمر محاكمتهم مسألة وقت.
تعد محرقة ساحة الحرية في تعز بعد مجزرة جمعة الكرامة بصنعاء الضربة القاصمة لنظام القتل، وبداية نهاية عهد قمع إرادة الشعب بقوة السلاح، كما كان لإرادة وصمود شباب الثورة في ساحات الحرية والتغيير، كمنطلق لمسيرات الثورة السلمية، نتائجها المثمرة في تخليص البلد من سرطان نظام متوحش والإطاحة برموزه، وبمواصلة تلك الفعاليات ولو بشكل مختلف في ظل الواقع الجديد بعد عامين من الثورة، بإمكان شباب الثورة ومؤيدي التغيير الجذري في البلاد الوصول الى تحقيق أهداف الثورة.
لا يخفى على أحد ما ترتب على الثورة من أعباء ضرر نتيجة دخول البلد في التسوية السياسية، ومع ذلك، يظل الإيمان باستمرار النضال السلمي الذي تتسع ميادنها وتتعدد قضاياها يوما اثر آخر، المجال الواسع لاختبار ارادة الباحثيين عن الحرية والتغيير باعتبار الثورة فعلا مستمرا مهما واجهت الثورة من تحديات، أبرزها إفلات القتلة من العقاب، ولعل شعور شباب تعز وبقية محافظات البلاد بهذا الشأن، يدفعهم لرفض مهزلة الحصانة، لهذا يرفع شباب تعز شعار: لن يحكمنا من أحرقنا!
بالفعل لن يحكمنا من أحرقنا و قتلنا ومن أفسد البلاد ونهب ثرواتنا، ويتحتم على شباب تعز وبقية شباب الثورة في أرجاء اليمن تبني هذه الشعارات النبيلة، واعتقد أن رفض شباب تعز إيقاف فعاليتهم الثورية على الاختلاف في بعض تفاصيلها بينهم، يؤكد شباب تعز بأن فعل الثورة لم ينتهِ بمجرد التوقيع على المبادرة الخليجية وانتخاب الرئيس عبدربه هادي خلفا للسفاح صالح، او دخول جميع الاطراف في مؤتمر حوار.
تكمن إرادة الأجيال وعظمة الشعوب في مواجهة التحديات، ومنها تحدي الثورة، وهذا ما يظهرها شباب الثورة السلمية رغم ما يتعرضون لها من ضربات ممنهجة وخذلان سياسي غير مسبوق من كل اتجاه، ولعل إدراكها بعظمة تحدي تخليص اليمن من النظام البوليسي المتوحش لا تنتهي بإزاحة رأس الأفعى علي صالح وأركان نظامة من مناصبهم، بل بتخليص البلد من شرورهم وقنابلهم الموقوته التي تتواصل انفجارتها في جسد البلد حتى يومنا ومنها أعمال التخريب الممنهجة والفوضى المخيفة الذي يعم اغلب محافظات البلد.
لهذا وغيره، تظل تعز ساحة التحدي الأولى بين إرادة الماضي، وإرادة المستقبل، ومفتاح النصر على الماضي بكل شرورهم المعلنة وغير المعلنة، ولأنها حالة وسط بين مفترقي وطن في مهب التفتت، يؤكد مهتمون وباحثون بأن تعز بوابة العبور الى المستقبل كون فعل العمل الوطني نابعا من إرادة تعز، وهذه المكانة الوطنية المتفق عليها لدى اليمنيين تستلزم من شباب تعز ونخبها ومعهم نخب وشباب اليمن مواصلة فعل الثورة في دروب النضال السلمي.