تظل الهجمات التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة في الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001 هي الأكثر غموضاً في العالم إلى الآن في نظر الساسة والمتابعين والمحللين، فبعد مرور أكثر من اثني عشر عام لا يزال الغموض هو السائد وما تزال العديد من التساؤلات تبحث عن إجابات مقنعه حول مدبري ومنفذي هذه الهجمات، رغم توجيه أصابع الاتهام من قبل الإدارة الأمريكية لتنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن، فهل تلك الهجمات من صنع القاعدة وأين دور الأجهزة الأمنية المراقبة وأجهزة الإنذار والتصنت، وهل تم الهجوم باصطدام طائرات بالأبراج فقط أم كانت هناك متفجرات كبيرة ثم وضعها في الطوابق الأرضية والتي سببت انهيار المباني من أعلى إلى أسفل دون أن يكون هناك انهيار جانبي، فكيف تم وضع تلك المتفجرات بتلك الكميات، وهل يعقل لجماعة أو تنظيم من خارج البلاد أن ترتب لمثل هذه الأعمال وما حكاية أكثر من أربعة آلاف عامل من اليهود لم يكونوا موجودين أثناء تلك الهجمات. فكل تلك الوقائع جعلت من الشارع العربي الذي تحمل تبعات هذه الهجمات يشير بأصابع ليس الاتهام إلى اللوبي الصهيو أمريكي خصوصاً بعد أن وظف هذه الأحداث في تنفيذ مخططات استطاع من خلالها إسقاط بعض الأنظمة العربية والإسلامية بعد أن أرسل رسائل للشعب الأمريكي بأن الإرهابيين غزوهم إلى عقر دارهم. بالمقابل تظل أحداث تفجير جامع دار الرئاسة في بلادنا هي الأكثر غموضاً في البلاد في نظر كثيرين، فبعد أكثر من عامين لا يزال الغموض هو السائد ولا تزال هناك العديد من التساؤلات تبحث عن إجابات مقنعة كما هو الحال في أحداث سبتمبر حول المدبرين والمخططين لتلك الهجمات ومن يقف وراءهم ولمصلحة من وأين دور الأجهزة الأمنية العسكرية، وكيف تم الاستهداف: هل عبر صواريخ كما تحكيه رواية النظام الرسمية إبان الحادث وأي نوع من الصواريخ هذه التي تحدث أضرار في الحواجز والبنايات التي تدخل منها ولا تحدث أضرار بها عند خروجها وإذا كانت كذلك فما علاقة الصاروخ بالرتب المبعثرة والمرمية على الأرض؟ هذه الرواية مسنودة بصور متلفزة، لكن قبل مرور عامين تغيرت تلك الرواية وأصبحوا يتحدثون عن هجمات بعبوات ومتفجرات وضعت داخل الجامع فكيف تم وضع تلك المتفجرات وكيف تم إدخالها أصلاً إلى المكان، وأين كاميرات المراقبة وكيف تم اختراق تلك المنطقة وحولها طوق أمني مشدد ولا يجرؤ أحد على الاقتراب منها على بعد ثلاثة كيلو مترات، وما حكاية غياب قائد الحرس الرئاسي وقت وقوع تلك الحادثة حسب تلك الرواية ناهيك عن عدم حضور أي من افراد العائلة الحاكمة وقت الحادثة، ولم يكن أي منهم من ضمن الضحايا جرحى كانوا أو قتلى باستثناء الرجل السبعيني في العمر الذي أصيب بجروح وحروق في جسمه. ورغم هذا التشابه الكبير في المقامين والأبعاد فإن تفجيري (أمريكا ودار الرئاسة) إلى أن هناك ثم اختلاف بسيط متعلق بالتوظيف للحادثة فالأمريكان استطاعوا أن يوظفوا هذه الحادثة حسب ما كان مخطط لها وحققوا مكاسب سياسية واقتصادية واسقطوا العديد من الأنظمة وقادوا حرباً بشراكة دولية على الإرهاب، بينما أحداث جامع النهدين لم يتم توظيفها بالشكل المطلوب وبدا ذلك واضحاً في التخبط في توجيه أصابع الاتهام لأطراف عديدة فمنذ وقوع الحادثة والتصريحات المتناقضة تتوالى تباعاً إلى اليوم، فمنذ الوهلة الأولى للحادثة تم توجيه الاتهام للقاعدة ثم الأمريكان وضلوعهم في ذلك التفجير، ثم أولاد الأحمر على حد قولهم، وبعدها إلى شباب الثورة ثم خرج صالح بنفسه وبعد عودته من الرياض وهو يتكلم عن الحادثة بقوله بالحرف الواحد متسائلاً عن مرتكبي الحادثة: "الله يعلم من هم" وتم إغلاق ذلك إعلامياً برهة من الزمن إلى أن جاءت الذكرى الثانية للحادثة في أول جمعة رجب، كان قد صرح به صالح حول الحادثة بقوله "إن من فجر جامع النهدين هم أنفسهم الذين قتلوا الشباب في 18 مارس" على حد قوله، ويعني بها جمعة الكرامة، فقلنا صح الله لسانه طالما هم الذين قتلوا الشباب في جمعة الكرامة فالأمور تبدو واضحة للعيان خصوصاً بعد قرار محكمة استئناف الأمانة بالتوجيه إلى النيابة العامة بالتحقيق مع صالح وأركان نظامه في مجزرة جمعة الكرامة، فبعد هذا القرار توالت التصريحات والاتهامات إلى أن وصل بهم الحال إلى توجيه الاتهام إلى الرئيس هادي بالوقوف وراء تفجير جامع الرئاسة كما جاء على لسان القيادي المؤتمري ياسر العواضي والذي تناقلته العديد من وسائل الإعلام، ولم يمضِ أكثر من أسبوع على هذه الاتهامات حتى تم نشر حلقات أخرى عبر صحيفة "اليمن اليوم" كشفت عن وجوه جديدة وراء تلك الحادثة أبرزهم اللواء علي محسن الشيخ حميد الأحمر والشيخ حاشد واللواء محمد علي محسن ولا ندري هل تكون تلك الاتهامات هي الأخيرة أم أن الأيام القادمة ستكشف لنا عن مفاجآت لمتهمين جدد، وما يدرينا أن يكون الاتهام موجهاً في قادم الأيام إلى زعامات عربية وأجنبية وبذلك يكون القائمون على هذا الملف (النظام السابق) قد دخلوا موسوعة غينيس للأرقام بتوجيه التهم على أكبر عدد ممكن من المتهمين.