في خطاب تسليم السلطة لنجله، تحدث الشيخ حمد بن خليفة عن الشباب بثقة عالية واحترام كبير. قطر الآن تحت قيادة شابة، فالأمير الجديد يبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاماً، ويملك طموحاً كبيراً في جعل بلاده أكثر تقدماً مما هي عليه في الوقت الحالي. كان مشهداً مؤثراً، ويبعث على الارتياح ما حدث في الدولة الصغيرة التي ساهمت في جعل المشهد العربي أكثر حيوية من ذي قبل، لنتذكر كيف أدى ظهور قناة الجزيرة إلى ثورة إعلامية كبرى في العالم العربي وإلى حراك سياسي غير مسبوق. مؤيدو الأنظمة السابقة بدوا مصدومين من هذه الخطوة، فبدأوا يلجأون للسخرية، لا يرون في قطر إلا دولة صغيرة. في مصر مثلاً، تصاحب السخرية نبرة استعلاء واضحة، والحق يقال إن هذه النبرة المريضة ليست من إبداعات المذيع الطارئ باسم يوسف وإنما من إبداعات نظام مبارك، فقد ظلت قطر هدفاً للإعلام المصري الذي يفتقر في عمومه للنزاهة والاحترام، إذ تم الترويج لرغبة القطريين في مزاحمة الدور المصري في المنطقة، فيما الحقيقة أن النظام المصري كان قد استقال من لعب أي دور في المنطقة.
حسناً، لسنا في معرض محاكمة هذا المنطق الأعوج لولا أنه تم استنساخه في اليمن، هل يجب أن نكون أغبياء ونصدق أن تطور الأمم مقرون بعدد سكانها مثلاً. ثمة دول صغيرة جداً لكنها تؤدي دوراً مؤثراً في السياسة الدولية. قبل عدة سنوات وفي ملحق «قراءات» الذي كان يصدر عن مركز البحوث والمعلومات بوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، كان أحد ملفات المحلق هو عن الدول الصغيرة الفاعلة، وكانت قطر واحدة من هذه الدول التي رأينا في هيئة تحرير الملحق أنها دولة مؤثرة فعلاً.
في الفترة الأخيرة، انضم المعارضون للتيارات الإسلامية وخصوصاً لجماعة الإخوان المسلمين إلى قائمة كارهي قطر، ليست مشكلة، لكن قليلاً من الإنصاف.
بطبيعة الحال ليست كل سياسات قطر صائبة، وليس كل خياراتها السياسية مثالية، لكني أدافع عن حق أي دولة في النهوض مهما كانت صغيرة أو فقيرة.
إن ما يثر السخرية حقاً ليس كون قطر دولة صغيرة وصغيرة جداً، وإنما أن تتصرف دول كبيرة كما تتصرف العشائر الكبيرة التي تحصي عدد أفرادها استعداداً لنهب ما تجده في طريقها، هذا في الوقت الذي تسعى دولة مثل قطر تركيبتها السكانية عشائرية لأن تصبح جزءاً من العالم المتقدم.