حمل رجل الأعمال أحمد صالح العيسي الجهات المختصة مسؤولية التباطؤ في سحب سفينة النفط التي جنحت في ساحل المكلا. وقال العيسي رئيس شركة «عبر البحار» للخدمات البحرية إن الجهات المعنية هناك لا تملك المعدات اللازمة لسحب السفينة، وأن القاطرة البحرية المختصة بسحب السفن الجانحة أو ما يعرف ب«اللنش» التابع لميناء المكلا الذي وصل لسحب السفينة لم يتمكن من ذلك؛ لأنه ضعيف وأحد مولداته عاطلة وأن عدم قدرته على السحب بعد أن كان طاقم السفينة فك «المخطاف» جعل السفينة عرضة لأن تأخذها الريح إلى الساحل، وأضاف العيسي «نادينا كل الجهات ذات العلاقة ولم يستجب أحد، الميناء إمكاناتها بسيطة». وأكد العيسي في مؤتمر صحفي مصغّر عقده في منزله، مساء أمس السبت، أن سفينة شامبيون ون التابعة لشركة عبر البحار التي يملكها سليمة 100%، وأن البحارة والمعدات كلها سليمة، ولم تتعرض لأذى، والمولدات كلها شغالة وأن فرقاً تعمل على تفريغ حمولة السفينة من المازوت إلى وايتات لنقلها إلى خزانات تابعة لشركة النفط في المكلا.
وبدأت انعكاسات عجز السلطات المحلية وفرق الشؤون البحرية والبيئية من احتواء التسرّب المستمر للمازوت من السفينة «شامبيون 1» التي جنحت قبالة سواحل المكلا شرق اليمن منذ ظهيرة ال10 يوليو الجاري، ودفعت بها الأمواج إلى شاطئ المشراف، طلبت السلطة المحلية في حضرموت من موانئ جيبوتي وجدة وسلطنة عُمان المساعدة في إنقاد السفينة واحتوى تسرّب المازوت للحيلولة دون تفاقم الأضرار البيئية.
وحول التسرب الذي حدث من الباخرة بعد جنوحها قال العيسي إن كميات بسيطة تسربت من السفينة أثناء عملية التفريغ إلى الوايتات أو الناقلات المخصصة لنقل النفط، وأن كمية تقدّر بحوالي طن ونصف تسربت بعد أن قام مسلحون بإطلاق النار على السفينة وطاقمها «ما دفع البحارة الأجانب إلى ترك المضخات شغالة واختبأوا بداخل السفينة ما تسبب في ضخ كمية النفط إلى مياه الساحل، قبل أن يعودوا لعملهم ويوقفوا التسرب».
وكان وزير النقل الدكتور واعد باذيب قال في صفحته على «فيسبوك» إن «جهوداً جبارة لمكافحة تلوث الباخرة شامبيون في المكلا برغم الإمكانات المتواضعة»، مشيراً إلى أن «السفينة غير مرخص لها بشهادة ترخيص ملاحي من الهيئة العامة للشؤون البحرية، وهناك محضر مع وزارة النفط بذلك، والترخيص بنقل النفط من المصافي إلى الموانئ ليس من مهمّة وزارة النقل».
ولفت إلى أن «كل قيادة الهيئة العامة للشؤون البحرية موجودة منذ اليوم الأول في المكلا بكل إمكانياتها بالإضافة لمؤسسة موانئ البحر العربي بميناء المكلا، طلبنا مساعدة الشركات النفطية العاملة ببلادنا، وتعاون كبير من وزير النفط، لن ندخّر جهدا لمكافحة التلوث، ثقوا بذلك، يبقى أن نوضح أن مالك السفينة هو أحمد صالح العيسي».
العيسي: التسرب النفطي حدث عندما أطلق مسلحون النار على طاقم السفينة وهم يفرغون السفينة إلى وايتات فتركوا المضخة شغالة والأنابيب تصب في الساحل وحول ما إذا كانت السفينة ليست حاصلة على ترخيص أكد العيسي أن هذا الكلام «غير صحيح»، وأن السفينة مجددة ترخيصها إلى نهاية العام الحالي 2013.
يُذكر أن السفينة التي تنقل نفطاً لصالح شركة النفط اليمنية وجنحت في التاسع من الشهر الجاري كانت قادمة من عدن إلى ميناء المكلا وعلى متنها 4500 طن من مادة المازوت لتفريغها هناك بغرض استعمالها في تزويد محطة المكلا الكهربائية بالوقود.
وذكر العيسي أن الطاقم وبإمكانات بسيطة قد تمكّن حتى مساء أمس من تفريغ ألفي طن، ولو توفر لنش لسحب السفينة فإن تفريغ البقية سيتم خلال ساعات، مشيراً إلى أن جهوداً تبذل لمحاولة محاصرة الكمية المتسرِّبة من المازوت وتفكيكها فيما بعد للتخفيف من أثرها الذي قال إنه بسيط على البيئة البحرية.
وأشار العيسي إلى أن الجهتين الوحيدتين اللتين تمتلكان «لنشات» قادرة على سحب السفينة هما ميناءا بلحاف الغازية والضبة النفطية، لكنهما تعاملتا مع الموضوع بسلبية؛ كون الأمر لا يعنيهما، وأن القاطرات البحرية (اللنشات) لديهما مستأجرة لجهات أخرى، مردفاً «وللأسف لم تتلقى هاتان الجهتان توجيهات جادة بالتعاون».
وانتقد العيسي الإعلام، وقال إنه يعمل على «تضخيم المشكلة»، وقال إن أغراضاً سياسية دخلت في الموضوع ومحاولات لابتزاز شركته من قبل أطراف أخرى. وتابع: «نحن لم نقف موقف المتفرج، ومن أول لحظة بلغنا رئيس الجمهورية ورئاسة الوزراء ووزير النفط والموانئ ومحافظ حضرموت، وعلى الرغم أن محافظ حضرموت حاول يتعاون معنا لكن ليس عندهم إمكانات».
وشركة «عبر البحار» التي تتبع مجموعة العيسي التجارية تملك عشرين باخرةً مخصصةً لنقل المواد النفطية بين الموانئ اليمنية.
وكانت الحكومة اليمنية أكدت انها تُولي اهتماماً بالغا وتتابع أولا بأول كل الجهود المبذولة لاحتواء الآثار البيئية والصحية الناجمة عن حادثة جنوح الباخرة، موضحاً أن رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة «وجّه منذ اليوم الأول وزارتي الداخلية والنقل باتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها احتواء عملية تسرب المازوت إلى البحر».
ويتوقع باحثون تسبب تسرب المازوت بموت الأسماك وتدمير مراعي الأسماك القريبة من موقع التلوث.
من جانبه، أكد مهندس جمال علي العماري، المتخصص في استخراج ومعالجة النفط في أعالي البحار، أن قرار سحب السفينة بعد جنوحها «كان قراراً غير موفق وهذا ما أجج الكارثة»، منوها إلى أنه من الأولى «التعامل معها في نفس الموقع القريب من الشاطئ»، كون جر السفينة وسع الثقوب في قاعها مما زاد من معدل تسريب المادة البترولية المشحونة واستحالة التفريغ باستخدام الوسائل البرية.
وأضاف العماري: «في أحسن الظروف لن يتعدى استرجاع المواد المتسربة إلى البحر ب10 إلى 15٪، وذلك لعوامل كثيرة؛ منها: كلما تأخرت عمليات المقاومة تفرش المواد المتسربة على أكبر مساحة على سطح البحر، ممّا يتعذر تجميعها، وخاصة عند اضطراب البحر أو اشتداد الرياح أو دخول الليل، وفي هذه الظروف يستحيل القيام بعملية المقاومة».
أسباب كارثة «شامبيون 1» بعد تعرّض جنوب بحر المكلا لهزات ارضية جنحت سفينة «شامبيون 1» على بُعد كيلومترات من ميناء المكلا؛ نتيجة تعرّضها لعطل فني في دفة القيادة وبقيت تصارع الأمواج العاتية بسبب رياح «الشمال»، وتوقفت قرب بحر المشراف، حيث بلغ ارتفاع الموجة ستة أمتار على الأقل لأول مرّة، طبقاً لتصريح مسؤول محلى في هيئة الأرصاد.
يُشار إلى أن باخرة «شامبيون» قادمة من عدن ويقودها قبطان منيماري مع طاقم من البحارة (هنود، ويمنيين)، ويعود تاريخ صناعتها إلى 1975، يملكها رجل الأعمال اليمني أحمد العيسي، كانت متوقفة منذ عشرة أيام قبل جنوحها داخل ميناء المكلا لإصلاح عطل أصاب أحد محركاتها قرب الميناء.
يومها أوضحت لجنة فنية من ميناء المكلا أن الباخرة غير صالحة للإبحار بسبب تعرّضها المستمر لأعطال فنية في المحركات والأجهزة الفنية من بينها منظومة المرساة الخاصة بالباخرة والمحركات الكهربائية، مشيرة إلى تعرضها في وقت سابق لدخول المياه في غرفة المحركات.
وبحسب موقع maritime connector، فإن السفينة مصنعة سنة 1980 في اليابان لنقل زيوت الأكل، وهي ترفع علم سيراليون، ومديرها شركة overseas shipping & stevedoring بالحديدة، وتغيّر اسم السفينة عدّة مرات إلى أن انتهت بالاسم الحالي champion 1.