من المؤسف أن تدلنا جميع المؤشرات على أن الرئيس هادي يسعى لتمديد فترة رئاسته عامين إضافيين، وأنها لم تكن أمراً واقعاً بحكم الحالة التي تمر بها البلد كما يحلو للبعض ربطها بذلك، بل الأدهى والأمر أن نلحظ بين الحين والآخر تدخل نجله بشكل فج في شئون الدولة وهذا يطعن في وطنيته التي بدأ الشعب اليمني يشهد له بها.. لذا إن أراد أن يُبقي هذا الإنطباع لدى جموع الشعب وإنقاذ الوطن من التشظي والإنقسام فأمامه أمرين مهمين من وجهة نظري عليه الإسراع بهما كونهما يستهدفان طرفي النسيج الوطني: القوى السياسية بجميع توجهاتها الساعية للحكم. والشعب الذي هو مصدر السلطات.
فعلى هادي.. أولاً: الإعلان وبشكل ليس في مواربة أنه لن يقبل التمديد ولن يترشح لأي منصب قيادي في الدولة. وهذا يستهدف الطرف الأول من نسيج الوطن ويطمئنه ويجعله في حتمية المنافسة وعليه ستعكف تلك القوى على صياغة مشاريع وبرامج لتعرضها على الشعب وتتنافس بها أمامه.. ونتخلص من الحشد والحشد المضاد.
ثانياً: تدشين حملة وطنية يقودها هو يمر خلالها على جميع محافظات الجمهورية لتهيئة الشعب على مرحلة استحقاقية قادمة، وحثه على المشاركة الفاعلة فيها للوصول إلى رئيس من أجل اليمن لايمن من أجل رئيس.
وهنا يكون قد التحم بالناس وبث روح الأمل والثقة فيهم بأن أصواتهم هذه المرة ستحدث الفرق والتغيير الذي يأملونه...
فأنا ضد التمديد لهادي لكن مع تمديد المرحلة الإنتقالية بما فيها حكومة الوفاق.. لأن من استطاع عرقلة المرحلة الانتقالية في الفترة الماضية قادر على أن يفعل الكثير والكثير وستكون الفرص مواتية له والطرق أكثر يسراً وسهولةً لعرقلة المرحلة القادمة، وستكون حججهم قوية كمعارضة التمديد 'مثلاً' وهذه الحجة ستكون كفيلة بالتحام بعض قوى الثورة والأطراف المتضررة من الثورة والتغيير -أطرافاً أو جماعات- بفلول النظام السابق وستنشط الدولة العميقة بزعامة المسخ المخلوع بشكل صارخ وأكثر مما هي عليه الآن وعندها قد تنهار الدولة أو في أحسن الأحوال سنفقد القنوات للتخاطب فينا بيننا وسيوصد باب الحوار من اجل الوصول لتوافق وطني، وستنعدم منا أدوات التداول السلمي للسلطة ولن يستقيم قسطاط التشارك العادل للثروة، وهو ما ضحى من أجله شهداء الحراك الجنوبي السلمي وشهداء ثورة الشباب السلمية..
ناهيك عن أنهم (قوى راجعين تاني) قد دَرَسوا هادي ومن حوله جيداً وأدركوا أنه لايملك عمل أكثر مما قد عمله، وهذه نقطة ضعف لهادي لن يستطيع تجاوزها، إضافة إلى العامل الخارجي الذي سيستميت في دعم الثورة المضادة من أجل أن لايلمس المواطن البسيط التغيير الذي انتظره طويلاً وستنطفئ شمعة الأمل المتقدة في قلبه والتي صنعتها ثورة الشباب اليمني السلمية بدماء شهدائها وأنين جرحاها ونتيجة لذلك قد نعود لِلٌحَوٌرِ بعد الكَوٌر.
أدرك أن من جانب العاطفة الوطنية والحسابات السياسية المترنحة قد يتكون لأحدنا تبريراً للتمديد، ولن يعدم الأعذار لكنه وبلاشك سينسى حينها أنه يطعن في خاصرة الربيع اليمني وينحر ما تبقى من مشاعل التغيير إلى الأفضل.
وهنا أقتبس مقولة الرئيس علي ناصر محمد «التغيير لتفادي التشطير». ختاماً نرفع أكف الضراعة للإلاه بأن يحمي اليمن من كيد الكائدين وعبث العابثين.