سيدشن البيان قوله «أيها اليمانيون، إن الظروف التي تمر بها بلدنا الحنونة ووطننا الحبيب ويمننا الشامخ بأبنائه حتمت علينا بعد التشاور والدراسة أن نمضي بالوطن ومسار التغيير إلى التمديد للبرلمان ورئيس الجمهورية وشؤون القبائل، تلافياً لمخاطر الحرب الأهلية التي ستحصل في حال ارتكبنا الحماقة وقررنا إقامة الانتخابات البرلمانية والرئاسية!». أخشى من خروج مؤتمر الحوار في النهاية ببيان يفتتحه ب«أيها اليمانيون» وبكافة لهجات المشاركين، سيقول هادي «أيها الشعب»، وحليفه الإصلاح سيبدأ البيان على طريقته «أيها الأخوة»، بيان الاشتراكي سيتحدث «أيها الرفاق»، فصائل الحراك المشاركة ستخاطب الجنوبيين: «أيها الشعب الجنوبي»، ستختلف اللهجات، والاتفاق على سرقة الديمقراطية واحد!
سيتضمن البيان أيضاً تأكيد المجتمعين والمتحاورين على أنهم لا يطمعون باستمرار ضخ ال100$، ولا ببقاء ممثليهم في البرلمان، ولا بإحداث الصفقات مع الرئيس هادي، وإنما نزولاً عند مصلحة الشعب بكافة قواه الحية والميتة والقادمين إليه ضيوفاً من أفريقيا، كان عليهم أن يتفقوا للخروج بهذا البيان لشعبنا العظيم وسرقة ديمقراطيته القادمة.
بيان مؤتمر الحوار الوطني، المتضمن إقرار التمديد للبرلمان وإن بتبديل اسمه ليصبح «المجلس الوطني»، حيث الاجتماعات ستظل تحت القبة ذاتها، ستكون كل حججه واهية لا علاقة لها بالمنطق، وبما يجب أن يكون عليه التغيير، سيقدم المشاركون في البرلمان والرئيس هادي حُججاً ظاهرها التغني بالحرص على الوطن من الانزلاق نحو الحرب الأهلية ونظراً لحساسية المرحلة، لكنها حُجج – للأسف- نابعة من حب البقاء والخوف من طموح جيل يتوق للديمقراطية والمواطنة والتغيير الحقيقي!
لا القضية الجنوبية ولا قضية صعدة والمشاكل الاقتصادية تستدعي منع اليمنيين من الوصول لأهم أهداف دولتهم عبر ممارسة الحق الأهم في الانتخاب والتعبير عن الرأي، يرفض انتخاب هذا الحزب أو يؤيده، كل ما سيخرج به السياسيون سيكون أهمه إقامة الصفقات بينهم وبين الرئيس هادي، ولتذهب طموحات الشعب إلى كنتونات الأحزاب والجماعات العنصرية المسلحة.
محاولة السطو على ممارسة الديمقراطية التي يجب أن تحصل تعني أن نتهيأ لجولات اقتتال قادمة، مهما كانت حُجج الأحزاب والمتحاورين منمّقة بعيون تذرف الدموع حرصاً على أبناء شعبنا وأمتنا!.. الحلول تأتي من عمق الشعب وبه، وعبر آلية الديمقراطية كأفضل آلية توصلت إليها أنظمة الحكم الحديث والمعاصر، وستجد أي جماعة مسلحة نفسها أمام هيجان شعب لم يعد قادراً على تحمل انتهازية الساسة وأزير رصاص المحاربين، ولم تعد نحالة جسمه قابلة للبقاء في الكهوف، وسيكون بمقدوره –مجتمعاً- إيقاف أي جماعة مسلّحة تريد تعكير معيشته وإجهاض ديمقراطيته التي حلم بها، وأي اتفاق على سرقة ممارسته للديمقراطية سيحول الشعب إلى جماعات متحاربة تحت ألوية المتنفذين وأصحاب الأفكار العنصرية التي تنهزم فقط أمام الديمقراطية.
النظام ومعه القوى الوطنية، كما يفترض أن تكون، لم يجرؤ على مخاطبة من يشاركهم في الحوار، ويستعد خارجه لحرب من أجل إعلان دولته المستقلة بعد أن أصبحت مكتملة الأركان، وهي تُشيع حُسينها.
ففي الوقت الذي نسعى لأن نصل إلى مرحلة نتنافس فيها على الحصول على أغلبية الشعب عبر الأصوات الانتخابية، تُصر هذه الجماعة على إثبات أن أي عملية ديمقراطية لا تعنيها، وإن كنا نريد أصواتاً انتخابية، فهي تريد من هذه الأصوات أن تكون مطلقة لأصوات الرصاص مع كل صرخة شعار، تريد محاربين ينصرون الله، هكذا تسمي نفسها (أنصار الله)، أي لا قيمة لديها للإنسان، فهي مستعدة لقتل كل البشر من أجل الله!.. الله لديها هو ذاك الذي قرر احتكار الحكم في سلالة آل البيت، ومن يريد الذهاب للديمقراطية (نظراً لسوء حظه أن خُلق من خارج هذه السلالة)، فقد أعلن خروجه عن الله، ويجب قتله مع الديمقراطية التي يريد الذهاب إليها!
في حال تم إقرار السطو على إقامة الانتخابات البرلمانية والرئاسية، سيشترك كل المتحاورين في إعلان نهاية الديمقراطية، وسيدفعون بالمشهد اليمني إلى المكان الذي تطمح الجماعات المسلّحة ومراكز القوة، وسندخل جولات لا متناهية من الاقتتال، هذه المرة ستكون الحروب القادمة تحت مظلمات لا علاقة لها بالإنسان، ستتزايد كتائب «أنصار الله» المقاتلة، وبأسماء مختلفة؛ أهمها: كتيبة «المهدي» وستوكل لها مهمّة قتل كل من يقترب من السرداب، يوجد هذا السرداب في كل منطقة يتواجد فيها «أنصار الله» طبعاً. سيتحارب المتحاربون طالما تقاعس المتنافسون الديمقراطيون الافتراضيون، وسيختطفون ديمقراطيتنا جميعاً.. هذا ما تؤكده المؤشرات على الأقل، هناك تقاعس واضح من قبل الأحزاب وكل المشاركين في الحوار عن حسم أهم القضايا المتعلقة بقانون الانتخابات والقائمة النسبية والسجل المدني وإعادة هيكلة اللجنة العليا للانتخابات، إنهم يقتلوننا ببطء وعبر إغراقنا في الهموم اليومية وبشكل ممنهج، وإذا كانت الثورة السورية ما تزال تودّع الشهداء من أجل الوصول إلى ممارسة الديمقراطية الحقيقية، فسنكون بإقرار التمديد قد ودعنا الديمقراطية لتبدأ الحرب القادمة!
بالتمديد للبرلمان والرئاسة سيُودع جيل الثورة الشبابية السلمية حُلمه بالديمقراطية، ليبدأ المحاربون بعملية إحصاء أعداد القتلى والمشردين والمعاقين، وبدلاً من أن نُدخل الكروت بأيدينا في صناديق الانتخابات، سيدفننا المتحاربون القادمون جُثثاً في صناديقنا الأبدية، حيث أول عملية فرز يبدأها مُنكر ونكير، كيف سمحت بموت الديمقراطية؟