شن نواب ينتمون لكتلة المؤتمر الشعبي العام وآخرون موالون لهم، في جلسة يوم الأحد، هجوماً حاداً على مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن جمال بنعمر، على خلفية تصريحات له قالوا إنها تسيء إلى المؤسسة التشريعية (البرلمان) وإلى رئيسها يحيى الراعي. وجدد نواب مؤتمريون مطالبتهم السابقة بتغير مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن من مهمته واستبداله بآخر وسرعة مغادرته البلاد، فيما اتهمه أحدهم «بتنفيذ مؤامرة صهيونية وأجندة امريكية وتلقي الأموال من دولة قطر». حد تعبيره.
ويأتي هجوم، أمس الأحد، فيما لم تمر سوى أيام قليلة فقط على بيان أصدره حزب المؤتمر الشعبي لهجوم سابق شنه نواب في حزبه ضد بنعمر نهاية الأسبوع الماضي.
ووجه برلمانيون يتبعون المؤتمر الشعبي، الأربعاء الماضي، هجوماً لاذعاً ضد مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن، مطالبين الأممالمتحدة بإعفائه من مهامه في اليمن واستبداله "ولو بيهودي" وإرساله إلى سوريا وأفغانستان لحل المشاكل هناك بدلاً عن اليمن، متهمين إياه بالتدخل فيما لا يعنيه.
الراعي: لا يخو�'فكم بنعمر.. الكلاب تنبح والقافلة تسير.. وهو عيروح إلى المزبلة التي يتحدث عنها وأثارت مقابلة أجرتها الفضائية اليمنية (الرسمية) مع بنعمر غضب قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام موالية للرئيس السابق، حين اتهم إعلام النظام السابق بالوقوف وراء حملة تتول�'ى فبركة ونشر أخبار ترو�'ِج لإشاعات تهدف إلى إقناع اليمنيين بعدم جدوى التغيير وأن الحكم السابق كان أفضل. وبدأت تلك الهجمة العنيفة ضده صباح اليوم التالي من نشر الفضائية اليمنية أجزاء من تلك المقابلة مساء الثلاثاء الماضي.
وأمس، خص�'ص رئيس المجلس يحيى الراعي معظم الجلسة لانتقاد بنعمر ومهاجمته، وبعد أن افتتح نواب المؤتمر هجومهم اللاذع على المبعوث الأممي، ووقوف أعضاء في كتلة المشترك والمستقلين ضد الهجوم والدفاع عنه، علق رئيس المجلس يحيى الراعي على حديث النواب بقوله «لا يخو�'فكم بنعمر، الكلاب تنبح والقافلة تسير، وهو عيروح إلى المزبلة التي يتحدث عنها». في إشارة لما ذكره بنعمر عن مصير الفاسدين في اليمن.
ووصل الأمر بالنائب المؤتمري محمد صالح البرعي إلى اتهام بنعمر بالعمالة وتنفيذ «أجندات صهيونية». وقال «إن بنعمر يُنف�'ذ أجندة صهيونية وأمريكية»، مطالباً إياه بالرحيل قبل «أن يطرده اليمنيون».
فيما نقل موقع «المؤتمر نت» التابع لحزب المؤتمر على لسان النائب المؤتمري البرعي قوله إن على اليمنيين ألا�' ينتظروا خيراً من بنعمر الذي «لديه عُقدة من بلدان الربيع العربي» متهماً إياه بأنه يمثل مؤامرة صهيونية وينفذ أجندة أمريكية في بعض البلدان العربية، و«يتلقى أموالاً من قطر».
وكان النائب المؤتمري محمد نجيب، الذي افتتح سوق الهجوم على المبعوث الأممي، اتهم بنعمر بالانحياز لطرف معي�'ن، مرجعاً السبب إلى ما وصفها ب«التعبئة الخاطئة من قبل الحكومة».
ووصف النائب عبد الله الخلاقي تصريحات بنعمر ب«التدخل السافر» في شؤون اليمن، فيما اعتبر سنان العجي، وهو نائب مؤتمري، أن بنعمر أصبح جزءاً من المشكلة اليمنية، وأن تصريحاته هي مبرر لفشله الذريع، مطالباً بسرعة مغادرته اليمن.
نواب في المؤتمر: خرج عن الأعراف الدبلوماسية وتحول إلى جُزء رئيسي في المشكلة اليمنية ويجب عليه مغادرة اليمن والعجي هو الذي طالب الأممالمتحدة، في جلسة الأربعاء الماضي، بتغيير جمال بنعمر، متهماً إياه بالتدخل فيما لا يعنيه «وعلى الأممالمتحدة تبديله، ولو بيهودي أفضل منه».
وفي جلسة أمس طالب النائب المستقيل عبده بشر، وهو مؤتمري سابق، من حزب المؤتمر إرسال مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تتضم�'ن رغبة اليمنيين في تغيير بنعمر، لكن النائب المستقل ناصر عرمان رد عليه بالقول إنه «لا يوجد لدى المجلس استعداد لذلك».
وفي السياق، نسب موقع «المؤتمر نت» للنائب المستقل عبدالسلام زابية اتهامه لبنعمر بأنه تحول إلى طرف سياسي وليس من حقه الحديث عن نظام سابق أو فاسدين؛ كون ذلك شأناً يمنياً خالصاً. وبحسب الموقع أيضا طالب النائب عبده بشر بسرعة تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد، معتبراً أن مؤتمر الحوار انتهت مشروعيته.
ووسط ذلك الهجوم المتواصل دافع النائب علي العنسي، من كتلة الإصلاح البرلمانية، عن المبعوث الأممي، معتبرا «إن بنعمر يؤدي واجبه على أكمل وجه»، مضيفاً: «المجلس بريء من هجوم كتلة المؤتمر، ولا يليق ببعض النواب ذكر بعض الألفاظ».
من جهتهم، طالب كل من النواب: عزام صلاح وزيد الشامي وناصر عرمان، باتخاذ أسلوب آخر غير جلسات البرلمان، للرد والمساجلات السياسية، والتخاطب بخصوص بنعمر عبر القنوات الدبلوماسية.
وقال الشامي (إصلاح) إن أي تدخل خارجي لليمن هو ناتج عن ضعف وعدم تفاهم بين القوى السياسية في البلد لحل خلافاتها، معتبراً ما يجري من سجال يُصعَب الأمور ويُعقدها ولا يحلها، حسب قوله.
فيما خاطب عرمان النواب قائلاً «يجب أن نعلم بأننا ممثلون للشعب، وما يحدث خارج البرلمان لا يعنينا».
النائب العنسي: المجلس بريء من هجوم كتلة المؤتمر ولا يليق ببعض النواب ذكر بعض الألفاظ ومن اللافت أن تجدد هذا الهجوم المؤتمري، أمس الأحد، ضد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جاء بعد أيام قليلة فقط من نشر تصريحات لمصدر مسؤول في حزب المؤتمر حاول فيها تهدئة المبعوث الأممي، الذي كال له مديحاً وافراً وأغرقه بأوصاف كثيرة منها الحيادية والنضال والحرية والعروبية، نافياً أن تحدث بينه وبين المؤتمر أي خلافات.
وجاءت تصريحات المصدر المؤتمري المسؤول، المنشورة الجمعة الماضية على موقع الحزب، في سياق رده على ما تضم�'نه البيان الصادر عن مؤتمر الحوار الوطني وما تناقلته وسائل الإعلام الأسبوع الماضي من مهاجمة أعضاء في حزبه للمبعوث الأممي في جلسة الأربعاء الماضي.
وضمن مديحه وصف المصدر بنعمر بأنه محايد ولا يمكن أن يكون خصماً لأحد، معتبراً إياه «واحد من دعاة حرية الإعلام، وهو كمسؤول دولي، وسيط محايد، لا يمكن أن يكون خصماً لطرف أو أن يعطي لمبدأ الخصومة مكاناً في حياته ومهامه، لحرصه على نجاح مهمته في تجاوز اليمن لمحنته أكثر من التفاته إلى ما يقال هنا أو هناك»، فيما اعتبر بيان مؤتمر الحوار الوطني بهذا الخصوص بأنه محاولة للاصطياد في الماء العكر.
واتهم المصدر من يقفون خلف البيان (أعضاء مؤتمر الحوار) بأنهم يحاولون دق إسفين بين المؤتمر الشعبي العام والسيد جمال بنعمر «غير مدركين أن الاختلاف بين الممثل الأممي والمؤتمر أمر لا يمكن حدوثه»، مشيرا إلى اعتزاز حزبه منذ اللحظات الأولى بوساطة المبعوث جمال بنعمر «وعمل على تسهيل مهمته وتعاون معه بشكل مطلق، ولا زال يعمل بنفس الموقف، وأن ما ينشر هنا أو هناك لا يؤثر على المهام الأممية للمبعوث الأممي ولا على علاقته الحميمة بالزعيم علي عبد الله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام ولا حزب المؤتمر».
واختتم المصدر المؤتمري بتحذيره من «أن أي محاولة من ضعفاء النفوس لإفساد العلاقة بين المؤتمر الشعبي العام والمبعوث الدولي ما هي إلا كهباء منثور، وأن الساعين لذلك لن يجدوا بغيتهم مهما حاولوا؛ لأنهم لا يدركون حجم الثقة المتبادلة بين بنعمر والمؤتمر».
غير أن تجدد هجوم أمس الأحد بطريقة أعنف من سابقتها يشير - بحسب متابعين - إلى أن المؤتمر يُمارس التضليل والسخرية من خلال توزيع الأدوار بين الهجوم والشتم تارة والتهدئة عبر المديح ومحاولة مسح ما سبق تارة أخرى.
واعتبر هؤلاء أن تسبيق تصريحات المصدر المسؤول بالحديث عن إيمان بنعمر بحُرية الإعلام والتلميح بوجود خلافات داخلية وفق مبدأ حرية النقد من شأنها أن تكشفت وتؤك�'د أن ذلك لم يكن سوى تمهيدٍ لهذه الهجمة العنيفة الأخيرة على أساس أنها تأتي في سياق حُرية التعبير وإدارة الخلافات الداخلية.