لا يختلف اثنان على أن الهجوم الانتحاري على وزارة الدفاع يحمل بصمات القاعدة، وهو عمل إرهابي واحترافي بامتياز، ويشبه عمليات تنظيم القاعدة في كل من أبين وشبوة وحضرموت، فليس تنظيم القاعدة وافدا جديدا إلى اليمن كما أنها ليست المرة الأولى التي ينفذ فيها اعتداءاته على المؤسسة العسكرية، وقد سبق أن استهدف قيادات ومقار عسكرية في الجنوب، ولكن التطور الخطير أنه وصل إلى قلب العاصمة، واستهدف الهجوم أعلى سلطة عسكرية. وهو الأمر الذي يدلل بما لا يدع مجالاً للشك عن حجم التواطؤ الرسمي مع الإرهاب، إذ لم يكن لتنظيم القاعدة أن يقوم بهذه الاختراقات لولا تعاون وتواطؤ رسمي.
ويأتي هذا الهجوم بعد تهديدات علنية لتنظيم القاعدة بالانتقام من السلطات اليمنية التي فتحت أجوائها للطائرات الأمريكية لقصف مواقع القاعدة، وتقاعست عن وضع خطة وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب.
وفي الوقت الذي دفعت فيه السعودية بعناصر القاعدة إلى اليمن، - بعد أن عملت لعقود على توفير بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف في اليمن- أفرجت السلطات اليمنية عن أخطر عناصر القاعدة المعتقلين في سجون الأمن السياسي، ضمنهم ناصر الوحيشي أمير التنظيم.
وعمل النظام السابق على استغلال القاعدة لتحقيق مكاسب سياسية في الجنوب، بل قدم الدعم المالي والعسكري لمجموعات مسلحة قريبة من القاعدة.
توالت خلالها الإعلانات عن التشكيلات الإرهابية في الشمال والجنوب، وظهرت بشكل علاني في أبين وشبوة وحضرموت والبيضاء وإب، إلا أن هذه الحالة الإرهابية المعلنة ظهرت وكأنها ممارسات اعتيادية بل حظيت بغطاء سياسي وإعلامي من خلال التكتم الذي اعتمدته الأجهزة الرسمية على نتائج التحقيقات، في محاولة لطمس ودفن كل جرائم الاغتيالات والتفجيرات المؤلمة، ولم نسمع حتى اليوم ومنذ ثلاثة أعوام عن اعتراف من تم ضبطهم، وكلما أعلن عن التوصل إلى خيط من خيوط الجرائم الإرهابية، عمدت الأجهزة الأمنية على إخفائه.
وحين تبلورت معطيات كثيرة وخطيرة لدى الجهات الأمنية تم اغتيال العشرات من القيادات الأمنية والعسكرية، بطريقة غامضة، أظهرت حجم التواطؤ الرسمي المخيف مع القاعدة، حيث لم يتم التحقيق الجدي بتلك الحوادث ولم تستكمل أي إجراءات بشأن تلك المعطيات المغيبة في أدراج المؤسسات الأمنية.
أخيراً هذه الجريمة الإرهابية التي استهدفت وزارة الدفاع، نتيجة لعدم جدية السلطات في حربها على الإرهاب، ونتيجة لهذا الوجود المدعوم والمتنامي للقاعدة في اليمن، في ظل تغاضي وتواطؤ الأجهزة الرسمية.