قد أبدو قاسياً بدرجة كبيرة إذ أعمم العبارة على أبناء اليمن، أبناء الحكمة والإيمان، فالأغلب في هذه البلاد بلا ذاكرة حقيقية. وإن كان لليمني الأصيل من ذاكرة فهي محاطة بأسوار عالية من النسيان. إننا شعب يتوارث فيروسات النسيان ويتم تطعيمه بلقاح الكذب القاتل منذ الطفولة الباكرة.. ذاكرة الشعب في تعداد المفقودين والشهداء الذين غيبوا مع أصدقاء مخلصين لليمن منذ زمن بعيد، ولقد حاول العابثون بحياتنا وكرامتنا مسخ ذاكرة الوطن والمواطن، وكان لهم ما أرادوا فاستنسخوها وفصلوها بالمقاسات والأحجام المطلوبة.. بالله عليكم كم هي الوعود التي سمعها الشعب بالرخاء والرفاهية والشعور بالأمن والأمان! إنها لا تعد ولا تحصى! كل واحد من المسؤولين في اليمن فتح جيبه وصب على آذاننا وعوداً من أصغر مسؤول إلى رأس الدولة، وهكذا راوغونا بالكذب والمغالطات المستمرة، ما دام حزب الحاكم قائماً في اليمن يسود ويقود الجميع إلى نفق ليس مظلماً ولكن إلى نفق متعفن ومليء بالعقارب والحيات والوحوش المفترسة.
الحاكم استغفل المواطن ومارس بإتقان لعبة اكذب واكذب حتى يصدق الناس ما تقول، ونسي أو تناسى أن حبل الكذب قصير.. كان الحكم فيما مضى يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ من الشعب كما يروغ الثعلب.. لكنه اليوم غيّر تكتيكاته واستغنى عن أسلوبه القديم، بعد أن نفدت أسلحته وصارت معروفة عند الداخل والخارج.. أسلوب اليوم من نوع آخر: الترهيب والإرهاب القادم: إما أنا أو صومال.. أفغانستان.. عراق آخر. حتى يبقى جاثماً على الكرسي يستبعد الناس ويهلك الحرث والنسل، لسان حاله: أنا أو الطوفان من بعدي. الحزب الحاكم أطلق آلاف الوعود التي لم ترَ النور ولم يحاسبه أحد عليها، ومع ذلك لا زال يمارس وعوده المتضمنة إرهاب الناس وهو يعرف أن الوطن قد مسخت ذاكرته.. وإلا ما معنى وعد الوعود الذي أطلقه الرئيس في البلاد بإنهاء الفقر والبطالة من اليمن الجديد.. وأخيراً خرج د. الإرياني ليضحك علينا بقوله بأن ذلك الوعد مجرد دعاية أو وعود انتخابية.. المهم والأهم مما سبق أنه مهما كذب الحاكم وبطانته علينا، وصادروا ذاكرة الناس، عليهم أن يتيقنوا بأنه مهما طال الليل واشتد سواده الحالك فبعده صبح وبعد الشدة فرج قريب.. وبعد المرض صحة وعافية. فمآلهم إلى زوال.. ولعل أسوأ الأيام التي يعيشها الوطن هي هذه الأيام التي أشبه ما تكون بذلك السواد الحالك في آخر الليل. والقادم هو جيل التغيير الذي سيحل فينا مهما طال ليل الظالمين.