نحو الساعة العاشرة والنصف صباح يوم الخميس، كانت الزغاريد تتداخل بأغاني فرائحية، في إحدى القرى الفقيرة بمحافظة إب وسط اليمن، العروس كانت طفلة لا يتجاوز عمرها الثامنة أعوام. تقدم الوقت ببطئ، الحركة في المنزل على غير عادتها، وصخب زفة أيوب طارش أخل بتفكير الطفلة التي سيقترن زفافها برجل في الثلاثينيات من عمره.
تأخذ قضايا الزواج المبكر أبعاداً عميقة في اليمن، وهو بلد فقير شهد انتفاضة شعبية على حكم ديكتاتوري، وراج جدل واسع بين نشطاء حقوق الإنسان ورجال دين في مشروعية زواج القاصرات، لكن تعاضد النشاط الحقوقي بوسائل الإعلام أوقف كثيراً من محاولات تزويج صغيرات برجال يكبرهن بعقود.
في منطقة السحول في محافظة إب، منعت حملة أمنية انطلقت باتجاه منزل تسكنه أسرة فقيرة كانت تستكمل تجهيزات لتزويج الطفلة «افتخار عادل عبده أحمد» وهي طالبة في الصف الثالث الابتدائي التي قررت أسرتها تزويجها برجل في الثلاثينات من العمر يعمل في الأردن.
واستكملت أسرة الطفلة افتخار خلال الأسبوع الماضي التجهيز لحفل زفافها، لكن نشر قصتها التي كشفها الزميل ياسر عباد في صحيفة المصدر وموقع «المصدر أونلاين» أحبط العملية.
يقول بلال جبران وهو ناشط شارك في متابعة القضية ل«المصدر أونلاين» إنه أبلغ وعدد من زملائه الشرطة، بالحادثة، ولم تتجاوب مخفر الشرطة الذي ذهبوا إليه على الفور، لكن تهديده بنشر رفضهم التجاوب مع طلب وقف الزيجة في الصحف جعلهم يرتبكون ويجهزون حملة أمنية.
وأضاف «حين وصلنا إلى منزل الطفلة، ارتبكت والدة الطفلة، وأوصدت الباب أمام رجال الشرطة، بعد أن أطفئت المسجلة التي كانت تصدح بالموسيقى».
وهدد رجال الشرطة باقتحام المنزل إذا لم تسلم الأم طفلتها، ولم يكن الأب متواجداً في المنزل، وقال بلال إن الأب فر بعد أن أخبره أحد رجال القرية أن حملة أمنية قادمة إلى منزله.
وبعد دقائق فتحت الأم المنزل، وقالت للشرطة وهي مرتبكة إن والد الطفلة هددها بالطلاق والطرد من المنزل إذا رفضت تزويج ابنتها.
وبعد أن أخذت الشرطة الطفلة، سلمتها إلى خالها (مطيع علي صالح) ليرعاها، وبعد نحو ساعة ألقت القبض على والد الطفلة في طريق «صبل الكربة»، واحتجزته في مقر أمن المحافظة.