يتعافى الاقتصاد اليمني من الاضطرابات السياسية التي صاحبت الإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح من الحكم عام 2011. استقرت العملة اليمنية وتراجع معدل التضخم واستأنف بعض رجال الأعمال أنشطة الاستثمار.
لكن البعض في اليمن يقول إن الستار يوشك أن يُسدل للمرة الأخيرة على دور العرض السينمائي في البلاد. وتغلق دور السينما في صنعاءوعدن أبوابها واحدة تلو الأخرى مع التناقص المطرد في عدد الرواد واستمرار بواعث القلق بخصوص الوضع الأمني.
ويقول خبراء إن منافسة قنوات التلفزيون الفضائية التي تعرض الأفلام بدون توقف على مدار ساعات اليوم لها تأثير سلبي جدا على نظرة الجمهور إلى السينما كوسيلة للترفيه.
وأكد شاب من سكان صنعاء، يدعى محمد حمزة، أن مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت وقنوات التلفزيون باتت لها الأفضلية عند جمهور السينما في اليمن.
وقال حمزة "دخول الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي وغيرها من التقنيات، ووجود الاقمار الصناعية أدى إلى عزوف الناس عن هذه الأماكن (دور السينما) باعتبار أن الرسالة التي كانت تنقلها السينما محددة تتطلب منك الذهاب وتكريس جهودك للوصول إليه. أصبح الآن متاح في اليد بالبيت مع الأصدقاء تستطيع أن تشاهد ما تريد."
وقال منصور أغبري رئيس المؤسسة العامة للمسرح والسينما في صنعاء إن قلة اهتمام الحكومة وقلة التمويل هما المسؤولان عن اختفاء دور العرض.
وأضاف "أصبح العمل في هذا المجال هكذا، مجرد أن تأتي مواعيد الاحتفالات الوطنية والطبل والتصفيق وتذهب ملايين إلى الهواء. هل تعرف أننا في الجنوب والشمال كدولتين والآن دولة الوحدة لا نملك مسرح؟ خشبة مسرح؟ لا يوجد مسرح واحد في بلادنا. وهذا شيء مخزي ومهين."
وذكر الناقد السينمائي والكاتب الصحفي اليمني علي سالم أن رواد السينما يعتبرون الأفلام نوعا من الترفيه لا عملا فنيا.
وقال "الثمانينيات والسبعينيات أعوام الذروة كانت نوع من الشغف أكثر منه ثقافة أو وعي. لكن كان بالإمكان أن تؤسس تلك الحقبة لثقافة سينمائية إن استمرت."
لكن المخرج التلفزيون ابراهيم الأبيض أصر على أن الأمل ما زال قائما في ازدهار الفن في اليمن.
وقال "لو كان هناك إدارة لتطورت كل المجالات كسينما أو مسرح أو أي مجال فني آخر بشكل عام. نتوقع خلال الأعوام القادمة وجود يمن جديد يحمل كل الآمال والأحلام لكل الشباب."
ويعود تاريخ دور السينما في اليمن إلى مطلع القرن الماضي، حيث تأسست أول دار للسنيما في عدن. ومن أصل 49 دار عرض سينمائي في اليمن، لا توجد في الخدمة الآن سوى بعض الدور التي تحولت من عرض الافلام السينمائية إلى عرض أفلام الاسطوانات المدمجة "دي في دي" أو إلى عرض مباريات كرة القدم العالمية.
ومنذ 2003 ظلت دار السينما الأهلية بحي شعوب بالعاصمة صنعاء صامدة بعض الوقت، وتخصصت بعرض الأفلام الهندية، وقد تأسست هذه الدار بعد أشهر من افتتاح دار سينما بلقيس عام 1962.
وعرفت المؤسسة العامة اليمنية للسينما بعد الوحدة باسم "المؤسسة العامة للسينما والمسرح".
وكان نشاط المؤسسة قد اختل وتعرض لحالة تعثر كبير في نهاية عقد السبعينات، بما في ذلك نشاط استيراد الأفلام الجديدة وتأجيرها لدور العرض، ونتيجة لتعثر نشاط المؤسسة عجزت ادارات دور العرض في المحافظات الشمالية عن مواجهة هذه المشكلة، التي زاد من خطورتها غياب علاقة ادارات هذه الدور بالفن السابع من جهة، والانتشار الكبير للأجهزة المتصلة بالأقمار الصناعية والقنوات الفضائية، وكذا مقاهي الانترنت ومحلات بيع الأقراص المدمجة، والتي استقطبت نسبة كبيرة من جمهور دور العرض السينمائي، اضافة إلى ان دور العرض أخذت بتكرار عرض مخزونها من الأفلام القديمة فتراجع روادها وضعفت ايراداتها، ما أدى إلى إغلاق معظمها، ومن ثم باتت بعض دور السينما المملوكة للدولة مثل سينما "أروى" وسينما "سبأ" في عدن عرضة للسيطرة عليها من قبل نافذين.