أكد باحثون يمنيون -شاركوا في ندوة نظمها مركز الجزيرة للدراسات مساء الاثنين- على ضرورة تأسيس دولة حقيقية في البلاد والاتجاه نحو الحكم الرشيد، مشيرين إلى أن الثورة اليمنية وبعد ثلاث سنوات من عمرها لا تزال تواجه تحديات كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي. وانعقدت الندوة بالعاصمة القطرية الدوحة تحت عنوان "الثورة اليمنية بعد ثلاث سنوات: التحديات الراهنة وآفاق المستقبل"، وتحدث المشاركون فيها عن أبرز ما حققته الثورة وما الذي ينبغي لها أن تسعى له في المستقبل، وعن ضرورة تمكين الشباب للقيام بالدور الأبرز في المرحلة القادمة.
وقال الأكاديمي صالح الحازبي -في ورقته المقدمة للندوة- إن اليمنيين يبحثون عن الدولة المدنية التي تُنهي كل أخطاء المراحل الماضية، مشيراً إلى أن المرحلة القادمة ستكون مليئة بالصعوبات ومنها كتابة الدستور الجديد، والتصدي للجماعات المسلحة كجماعة الحوثي وتنظيم القاعدة "التي ينبغي على الدولة أن تنزع السلاح منها".
ونوّه إلى أن المسألة الاقتصادية تمثل تحدياً كبيراً أمام دول الربيع العربي، وأن الشعوب في تلك الدول لديها قدرة على الصبر والتحمل على أمل التغيير في المستقبل القريب، ولكن إن طال عليها الأمر فإنها ستمل وتعود للمطالبة بالتغيير مرة أخرى.
خطوات جادة واعتبر الحازبي أن هناك خطوات جادة للوصول إلى الحكم الرشيد من خلال تقسيم البلاد إلى ستة أقاليم، مشيراً إلى وجود عامل إيجابي يساند التسوية والتغيير يتمثل في أن القوى الدولية والإقليمية لا تريد الفشل لليمن نتيجة موقعها المتميز بين دول العالم.
من جانبه أشار الباحث والناشط السياسي جمال المليكي إلى أن المشهد السياسي اليمني ينقسم إلى قسمين، الأول يتمثل في قوى تتوافق مصلحتها مع وجود دولة وتساند التغيير، والثاني يتمثل بقوى تتعارض مصلحتها مع وجود الدولة والنظام وتسعى لعرقلة أي تغيير، ولذلك عمدت إلى إحداث تطورات نوعية في العمليات -التي وصفها بالإجرامية- منذ بدء الحوار الوطني وزادت من وتيرة ذلك مع انتهائه.
وأشاد المليكي بتجربة أحزاب اللقاء المشترك، وعدَّها تجربة فريدة في الوطن العربي، إلا أنه اعتبر أن الاختبار الحقيقي لتلك الأحزاب يتمثل في مدى توافقها في المرحلة القادمة، وهل سيجمعها الأمل والحلم مثلما جمعها الألم والظلم؟
وذكر المليكي أن من بين التحديات التي تواجه اليمن حالياً الإستراتيجية المزدوجة لجماعة الحوثي التي تحاور في صنعاء وتفرض سيطرتها عسكرياً على الأرض في صعدة ومناطق أخرى، وكذا محاولة النظام السابق المتمثل بالرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الذي يسعى للانتقام وزعزعة التغيير، بالإضافة إلى تنظيم القاعدة ووجوده الواضح والتنسيق بينه وبين صالح.
وقال الباحث اليمني إن من مميزات الحوار الذي جرى في اليمن أنه ناقش مشكلات البلاد كلها بشكل جدي وواضح ودون قيود، وأهمها ما يخص القضية الجنوبية.
كما اتهم المملكة السعودية ودولة الإمارات بالسعي لتكرار ما قامتا به بمصر في اليمن، مضيفاً أنهما لا تريدان لليمن أن يقف على رجليه وقفة صحيحة.
اقتلاع صالح أما الناشط الإعلامي محمد الحميري فقد أكد في ورقته أن الثورة الشبابية في اليمن اقتلعت علي صالح، وقطعت الطريق أمام مشروع التوريث، وفككت الدولة العميقة المتمثلة بالأجهزة الأمنية والعسكرية والجناح القبلي المشارك في صنع القرار، إلا أنها أخفقت عندما منحت الحصانة لصالح ولم تتحرر من الوصاية السعودية والأميركية.
وأشار إلى أن هناك تحديات تقف في طريق الثورة منها مشروع الحكم العائلي، ومشروع الحكم الطائفي، والمشروع المناطقي، والوصاية الدولية، وعجز الدولة عن القيام بواجبها وفرض هيبتها وبسط نفوذها على كل أراضيها، ونزع أسلحة المليشيات المسلحة.
وكان قد تخلل الندوة عدد من المداخلات من الحاضرين تحدثت عن البعد الإقليمي للوضع في اليمن، وأن دول الخليج هي اللاعب الأبرز فيه لكن بإستراتيجية غير واضحة، وأن تلك الدول تدفع ثمن إهمالها لليمن وعدم ضمه إلى مجلس التعاون الخليجي.
وخلصت النقاشات إلى ضرورة قيام الدولة بواجبها وفرض هيبتها في البلاد، وضرورة إشراك الشباب في المرحلة القادمة، وكذا ضرورة قيام الأحزاب بواجبها وامتلاك الرؤى السياسية الواضحة.