كل الأحداث المفصلية والكونية لها علامات ونُذُر ومؤشرات تدل على قرب وقوعها.. ويوم القيامة الأعظم من بين كل هذه الأحداث له علامات معروفة في المصادر الإسلامية.. وهي علامات صغرى وكبرى بدأت كما جاء في الأثر ببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم. الانقلابات العسكرية في العالم العربي لها أيضاً علامات؛ فمنها مثلاً أن يعمل قائد أو قادة الانقلاب على الترويج بأن هناك مؤامرة انقلابية ضد "الزعيم الضرورة" أو خطراً يتهدد النظام الحاكم من غزو إسرائيلي محتمل، ويرسلون تحذيرات بحسب الزمان والمكان.. ويكون ذلك حجة لهم لتهيئة المسرح لتنفيذ الانقلاب، وإخراج قوات الجيش إلى الشوارع والميادين لمواجهة المؤامرة! ويومها يكتشف "الزعيم الضرورة" أن الانقلابيين الحقيقيين هم الذين حذروه! كما حدث في تونس عام 1987 عندما انقلب زين العابدين بن علي على زعميه الحبيب بورقيبه بعد أن أثار الدنيا عن مخطط انقلابي ضده.. ويكتشف قادة النظام أن اليهود الوحيدين هم قادة جيشه! ذلك كان أيام زمان؛ لكن مع تطور الاتصالات ووسائل الإعلام الجديد، صار الانقلابيون والمتآمرون لا يخططون سراً، ولا يتحدثون في الغرف المغلقة عن الانقلاب الذي يعدون له.. بل يحرصون على نشر تفاصيل مخططاتهم على الملأ مع تحذير صغير بأنها مخططات آخرين.. وكما هو ملحوظ فهو الأمر الذي يحدث بانتظام في اليمن منذ ثورة فبراير 2011 التي غيرت تاريخ اليمن. ولعل القراء يذكرون أن إعلام المخلوع كان يتنبأ عادة بوقوع المذابح والمجازر والجرائم التي تحدث ضد المعتصمين قبل وقوعها، ويعلم بأسماء منفذيها وكيف خططوا لها.. وكلهم للغرابة من أعداء الزعيم! آخر هذه التوقعات ما نشره إعلاميو البامبرز في إعلام مؤتمر المخلوع عن مخطط إصلاحي ليس لتفجير برج كهرباء أو قطع أسلاكها على الطريقة المؤتمرية الشهيرة؛ ولكن عن طريق تدمير محطة كهرباء مأرب الغازية وإحراقها نهائياً! كما نشروا تفاصيل عن مخطط جهنمي جديد اكشفوه لكنه خاص هذه المرة بالقاعدة وأشباهها.. وهو مخطط كبير ومتشعب ولا يعلم تفاصيله كما يفترض إلا واضعوه وكاتبوه على الكمبيوتر! أما كيف عرف أتباع المخلوع بتفاصيل المخططين، وحصلوا على نسخة ورقية وإلكترونية لهما فهذه آية من آيات أو علامات الانقلابات في عصر العولمة.. فالعادة أو الأغلب أن يحدث تسرب لمعلومات غامضة عن تحركات مشبوهة أو مخطط ما أو انقلاب دون تفاصيل.. لكن مطابخ المخلوع لا تعرف التواضع وتتسابق لفضح نفسها بأنها تعلم ما لا يعلمه أحد حتى المتآمرون أنفسهم! وقالك: الإصلاحيون.. فاشلون! هذه العلامة تذكرنا بملفات طويلة جداً نشرتها صحيفة مخلوعية (نسبة للمخلوع الذي يمولها مما نهب من خزينة الشعب، ونسبة للمخاليع الذين يعملون فيها) وفيها ما وصف بأنه مخطط إصلاحي لإثارة الفوضى على هامش حادثة التفجير الذي حدث في مسجد الرئاسة المخلوعة! وبصرف النظر عن الصحة؛ فإن الذي يقرأ تلك الحلقات بتفاصيلها الإدارية والفنية، واللوجستية، والتسليحية والعسكرية، لا يملك إلا أن يضرب تعظيم سلام للإصلاحيين المتهمين بإعداد ذلك المخطط الذي لا تقدر عليه إلا أجهزة دول.. وليس أي دول.. بل دول عظمى وليس دول بردقان وقات مبودر! ومع كل ذلك يدير المخلوع حملة إعلامية شرسة يشارك فيها أغبياء محورها أن الإصلاحيين فاشلون.. وحق خطب ومحاضرات.. وخريجي كتاتيب! طيب بالله عليكم يا بتوع المخلوع... لو كان الذين دبروا حادثة مسجد الرئاسة من آل البيت العفاشي لديهم كفاءة في الحد الأدنى المطلوبة لطقم مكلف بإحضار صاحب عربية خيار؛ فهل كانوا يفشلون في التخطيط السليم للمؤامرة فبدلاً من ان تنطلق الصواريخ إلى مقر الفرقة الأولى ترتد كما قيل إلى المكان الذي يجلس فيه الزعيم آمناً أن الرجل الذي أرسله وساطة وفي جيبه الشريحة الملعونة قد ذهب لإنجاز مهمته.. وهو لا يدري أنه اضطر للبقاء داخل القصر لأداء صلاة الجمعة متبركاً بالزعيم؟ لم تنفع الدراسة في سانت هيرست ولا التسوق في بيكادللي وشوارع لندن أن تمنح المسؤولين عن حماية الزعيم شيئاً من نباهة تمكنهم من التكهن بالحادث والبلاد في ذروة توتر وثورة أو أزمة كما يحبون أن يقال؛ كما يحدث عندما يتشاطرون في كشف المؤامرات المزعومة للإصلاحيين ضد الكهرباء والصرف الصحي؟ أين الفتاكة والنباهة والنجاح إن لم يظهر في قلب قصر الرئاسة وحماية الزعيم الضرورة؟ وبصرف النظر عن الصحة والتلفيقات الواضحة فيما نشر؛ فالتفاصيل التي نشرت كانت نسخة أصلية كما يبدو، والجداول مضبوطة، وملونة، ومصححة لغويا.. أما كيف حصل عليها مؤتمر المخلوع فهذه هي الآية الحقيقية والإنجاز العبقري والغبي في الوقت نفسه.. وهو غباء لأن الحريص على مصداقية التحقيقات ونظر القضية أمام القضاء حتى أمام المحاكم الدولية كما يزعمون ويهددون عند تخديرة ما؛ الحريص لا يرتكب هذه الغلطة ويفضح نفسه وأدلته، وينشرها في صحافته وهو خصم وطرف في القضية؛ بدلاً من أن يحتفظ بها للوقت المناسب.. فأكبر حمار لن يقبل بمثل هذه الأدلة بعد أن تنشرها الصحف.. وليس أي صحف بل صحف مخلوعية بنت مخلوع! هذا طبعاً إن أخذنا الأمر على أنه حركة غبية.. فهناك احتمال أن النشر كان متعمداً بغباء أيضا لإحداث شوشرة فقط بعد أن يئسوا من أن يصدقهم أحد في محكمة أو جلسة حكم قبلي! علامة انقلابية أخرى! من علامات الانقلابات أن النظام الناتج عنها يقوم بتوحيد خطبة الجمعة في المساجد.. وفي المساجد فقط كما يحدث في مصر عندما أصدرت وزارة الأوقاف المصرية قراراً بتوحيد خطبة الجمعة تزامناً مع حملة الاستيلاء على المساجد الأهلية وضمها بالقوة إلى رعاية الحكومة! وكما هو ثابت فإن هذا الضم لا يشمل أبداً الكنائس بطوائفها الثلاثة، ومن باب أولى لا يشمل معابد اليهود.. وبالضرورة لا تفرض الحكومة المصرية خطبة أو موعظة وحدة للنصارى ولا لليهود! المهم؛ الكاتب المصري الساخر محمد حلمي سخر في زاويته اليومية الظريفة المعنونة "صباحك عسل" في صحيفة "المصريون" من مهزلة توحيد خطبة الجمعة في كل مساجد مصر، ومن تأميم المساجد في مصر وفرض خطباء أزهريين عليها؛ وهم من النوع الذي يجعل البعض يفضل اعتناق المذهب الإثنى عشري وأمثاله من مذاهب الرافضة التي لا تفرض صلاة جمعة على أتباعها حتى يظهر الإمام من السرداب أو تقوم لهم دولة! ولأنها من علامات الانقلابات العسكرية والمؤامرات؛ فقد وجدنا أنه من المناسب أن نتيح فرصة للقارىء الكريم أن يقرأ ما كتبه الرجل عن علامات من علامات.. الساعة الانقلابية: صباحك عسل.. بقلم: محمد حلمي: توحيد الخطبة بين ثقب الأوزون والحشيش.. قرار وزارة الأوقاف توحيد خطبة الجمعة جانبه الصواب.. ذلك أنه لا يستقيم مع منطق اختلاف الأوضاع والظروف وتنوع المشاكل من محافظة إلى أخرى، ومن مدينة إلى أخرى، ومن قرية إلى أخرى؛ بل ومن حي إلى حي آخر مجاور.. الأمر الذى يفرض على الخطيب الحديث في مشكلة المكان الذى يلقى فيه خطبة الجمعة.
على سبيل المثال؛ لو أن الوزارة قررت توحيد الخطبة حول "ثقب الأوزون" في الوقت الذى تعانى فيه بلدة ما من انتشار تجارة وتعاطى المخدرات بين شباب ورجال البلدة، فهل يتحدث الخطيب عن ثقب الأوزون ويترك الحشيش ينهش عقول الشباب ويدمر البلدة! على أي حال ومن واقع خبرتي واحتكاكي بخطباء الأوقاف، الذين ضبطت أحدهم على مقهى مشبوه يلعب الدومينو على قارعة الطريق، ويغرس مبسم الشيشة في فمه طول الوقت، بلا حياء يناسب إماماً وخطيباً بالأوقاف.. لا أستبعد على مثل هذا الإمام (طالما جاء ذكر الحشيش) أن تصله تعليمات بأن الخطبة الموحدة عن احتمال قيام الحكومة بالسير على خُطَى بعض الدول الأوروبية، وتوزع الحشيش بالحصة على البطاقات.. مع مراعاة توجيه الشكر للحكومة الرشيدة! فيقف ذلك الإمام على المنبر ليقول: "نشكر الحكومة التي جعلت الحشيش مزاجاً.. للمنسجمين عماداً.. وجعلت له المعسل التفاح خَيْرَ قُوت.. والنارُ من حولِهِ كالياقوت... أما فَحْم: فقد قال السيد جمعة.. وقد سالت على جِبَّتِه الدمعة: من حشَّش وحدَهُ فليس مِنَّا.. ومن حشَّش جماعه دخل البرلمان وفى يده اليمنى جوزة من فضة.. وفى اليسرى ماشة من ذهب.. وسبحان من وهب... أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي أنا لوحدي يا شعب ما يستاهلش.. ثم يغنى بالمرة: وتسلم الأيادي!".