يواصل ملتقى التشاور الوطني صباح غد الخميس أعماله التي بدأها أمس بمشاركة حوالي ثلاثة آلاف، من بينهم 1200 هم أعضاء الملتقى، وينتظر أن ينهي هذه الأعمال بإعلان "بيان صنعاء" الذي يتضمن نتائج الملتقى ورؤيته تجاه قضايا البلد. وكان الملتقى قد افتتح صباح اليوم، وألقيت فيه عدة كلمات، من قبل الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر رئيس اللجنة العليا للتشاور الوطني، والمهندس فيصل بن شملان الشخصية الوطنية المعروفة، وسلطان العتواني رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك، ومحمد سالم باسندوة الذي ألقى كلمة الشخصيات الوطنية، وعبد السلام العنسي القيادي المؤتمري المعروف. وألقى د. عبد الله عوبل أمين عام حزب التجمع الوحدوي اليمني كلمة الأحزاب السياسية، وجوهرة حمود الأمين المساعد للحزب الاشتراكي كلمة المرأة، والشيخ حمود هاشم الذارحي كلمة المشائخ والعلماء، والدكتور محمد الظاهري كلمة منظمات المجتمع المدني، فيما ألقى الزميل سمير جبران رئيس تحرير صحيفة "المصدر" كلمة الصحفيين. وفي كلمته التي حظيت بتصفيق كبير دعا الشيخ حميد بن عبدالله بن حسين الأحمر، السلطة إلى احترام الأسس التي قامت عليها دولة الوحدة، والتوقف عن كل الأشكال والممارسات التي تسيء وتشوه صورة الوحدة وتعمق مشاعر الظلم والقهر وتتيح الفرصة لأصحاب المشاريع الصغيرة. وأشار الأحمر ان المعارضة تلقت دعوة من السلطة للمشاركة في احتفالات الوحدة، وقال: إننا اليوم ونحن نحتفل بالذكرى ال19 لقيام الوحدة المباركة لا نحتاج إلى استعراضات عسكرية بل إلى عروض تنموية. وأضاف الأحمر: كل اليمنيين حريصون على الاحتفال بالوحدة لكن أعيدوا ألق الوحدة أعيدوا شركاء الوحدة .. نريد الاحتفال مع علي سالم البيض وعلي ناصر محمد وحيدر العطاس والفضلي والخبجي وكل أبناء اليمن. وتساءل: كيف سنحتفل بالعيد والأسر في ردفان والحبيلين والضالع وصعدة مشردة في الجبال وتعيش حالة من الحزن جراء المواجهات مع القوات المسلحة. وتابع قائلا: نريد أن نحتفل بوحدة وطن آمن ومستقر ومزدهر .. وطن خال من الظلم والقهر والحرمان.. نريد أن نحتفل بوطن يحترم الغير ويحترمه الغير لا أن يكون ساحة مفتوحة للاستقطابات الخارجية.. نريد وطن يتكامل مع جيرانه ويكون مصدر أمن ورخاء للجميع .. وطن يعلي من شأن أبنائه فيعلوا من شأنه، لا وطن يتقاتل فيه أبناء القبائل ويكون مصدر السلاح مخازن القوات المسلحة. وقال ان اليمن اليوم بحاجة لجهود جميع أبنائه للعمل بمصداقية وجد لإنهاء أزماته، مضيفاً: لم يعد هناك مجال للتسويف والمجاملة وسندفع الثمن باهظاً ما لم نعمل على تضميد جراح اليمن ونتعاون ونتكامل لإخراجه من الأزمات التي تكاد تعصف به. وزاد الأحمر: ان الوحدة التي يريدها اليمنيون هي الوحدة القائمة على السلم والرخاء والمواطنة المتساوية والشراكة الحقيقية في الثروة والسلطة والقرار.. الوحدة القائمة على وحدة النفوس قبل وحدة الشعارات. وإذ عبر رئيس اللجنة العليا للتشاور الوطني عن شكره وتقديره للبيانات الداعمة والمساندة للوحدة اليمنية من الدول الشقيقة والصديقة، قال ان الوحدة لن تحمى إلا من أبناءها ولو اجتمع العالم كله مؤيداً للوحدة، وأن التعبير عن الحرص على الوحدة لن يتأتى إلا بالصراحة وتحديد مكامن الخلل والعمل على إيقافه. ودعا الشيخ الأحمر المشاركون في ملتقى التشاور من مختلف الشرائح الاجتماعية والسياسية إلى تشخيص الحالة الوطنية تشخيصاً صادقاً وليس كما تراه السلطة وأصحاب المشاريع الصغيرة، وتحديد من العابث والمخطئ وتحديد الأسباب الحقيقية للأزمات التي تعتمل في الوطن ووضع الحلول المناسبة لها. من جانبه حذر المهندس فيصل بن شملان من مشاكل كثيرة قال إنها تنتظر اليمن إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن. وقال في كلمته: إننا أمام مرحلة خطيرة إما أن نحتفظ بيمن واحد واعد يكون درعا وعونا للبلاد العربية والإسلامية وإما أن نتفرق تفرق أيدي سبأ، وبالتالي نفقد أهم وأغلى ما لدينا. ودعا بن شملان الذي بدى بصحة متعبة أعضاء الملتقى التشاوري إلى التضحية الحقيقية لإعادة الوحدة وصيانتها وذلك من خلال النزول للناس. وقال: إذا فقدنا أحلامنا وآمالنا بالوحدة لم تعد لنا حياة، لذلك أريدكم أولاً وأرجوا أن تتذكروا أننا دخلنا الوحدة كشركاء وليس بضم الفرع للأصل. وأضاف : مضت علينا 15 عاماً على الأقل منذ حرب 94م، ضاعت فيها كل الأحلام والآمال وطوينا جراحنا على أمل أن مقومات الوحدة التي قامت على أساس الشراكة ستكون هي موضع التنفيذ بعد الحرب". واختتم بن شملان كلمته بالقول: لقد حرصت قبل المجيء إلى هنا أن استشف رأي الناس في المحافظات الجنوبية فوجدت شعوراً طاغياً بأن هذه الشراكة قد فُضَت ولم تعد"، واستدرك "ولكن يجب ألا نيأس لأن معنى هذا أننا حكمنا على أنفسنا بالموت وهذا لا يجوز". ودعا الأعضاء إلى التمعن في الأسباب الحقيقية لمشاكل الجنوب وصعدة. مؤكداً بأن حكم الفرد لم يترك فرصة لليمنيين لإحداث أي تغيير.
الدكتور محمد الظاهري أمين عام نقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء، دعا في كلمته التي ألقاها باسم منظمات المجتمع المدني، إلى محاكمة من "حولوا الوطن إلى ارصده في البنوك والى فلل وسيارات فارهة". وقال الظاهري: لقد تجاوز الفاسدون حدودهم وتدثر اللصوص بعباءة الشرفاء ولبس المذنبون لباس الأبرياء وارتدى الجاهلون ثياب العلماء"، مضيفاً : الوطن اليمني الديمقراطي الواحد الموحد هو الباقي وأنتم الزائلون، وسندافع عن وطننا جميعاً ونحيا فيه ونحافظ عليه بحدقات عيوننا. وعبر رئيس قسم العلوم السياسية السابق عن خشيته من أن تتحول الوحدة اليمنية إلى "صنم" معبود، كما كانت تفعل العرب، تصنع لها معبوداً من التمر وإذا جاعت أكلته. واتهم الظاهري السلطة بالعبث بمكونات المجتمع اليمني، وقال ان الوطن اليمني يعاني من أزمة سياسية ومجتمعية شاملة ومركبة على مستوى النظام الحزبي والنظام السياسي بل على مستوى العلاقة بين المجتمع والدولة لافتقار التوجه الرسمي لمصداقية الأخذ بجوهر قيم النموذج الديمقراطي والسعي لتشويهه والتحايل عليه. وأضاف ان من أهم تجليات أزمة النظام السياسي اليمني حضور انتخابات ومبادرات لا تؤتي أكلها وخطاب سياسي بمنأى عن المصداقية والفعل السياسي، وكذا الانفعال بالخارج والتأثر به في مقابل غياب إرادة الفعل والتأثير تجاهه، وترشيح الفردية والشخصانية في مقابل كراهية المؤسسية. وإذا قال ان أحزاب المعارضة انتقلت من القبول بالوضع الراهن إلى السعي لتغييره، قال انه يتوجب علينا الآن محاسبة ومحاكمة الذين حولوا الوطن إلى أرصده في البنوك والى فلل شامخة وسيارات فارهة.
من جهته ألقى الزميل سمير جبران رئيس التحرير كلمة الصحفيين، استعرض فيها الانتهاكات التي تعرضت لها الصحافة خلال الأسابيع الأخيرة، والمتمثلة بإيقاف ومصادرة الصحف، وإنشاء محكمة خاصة بالصحفيين، وقال: كنا نتوقع أن يتم إنشاء محكمة خاصة بناهبي الأراضي والفاسدين لا لمحاكمة الصحف والصحفيين.
نص الكلمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين الأخوة والأخوات قادة أحزاب اللقاء المشترك واللجنة العليا للتشاور الوطني المحترمون الأخوة والأخوات أعضاء ملتقى التشاور الوطني المحترمون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أهنئكم في البدء بانعقاد ملتقى التشاور الوطني الذي يأتي في ظل ظروف حرجة يعيشها الوطن بكل فئاته وعلى رأس هذه الفئات الصحفيون الذين يتعرضون هذه الأيام لانتهاكات جائرة ومضايقات هي الأفضع منذ قيام دولة الوحدة في الثاني والعشرين من مايو 90 . والتي كان من أبرز مرتكزاتها حرية الصحافة والرأي والتعبير .
أيها الأخوة والأخوات : تدركون أن الوطن يمر بأزمات متلاحقة استدعت أن تتوافد هذه النخبة من مختلف أرجاء اليمن ، وللأسف أنه بدلاً من أن تلجأ السلطات إلى تقديم سياسات لحل هذه الأزمات ، فإن أول ما تفكر فيه هو كيفية إخراس الصحافة التي تسلط الأضواء على هذه الأزمات وتنقل ما يحدث على أرض الواقع للرأي العام كما تقتضي المهنة ، ولذلك فإن الصحفي هو من يدفع الثمن الباهض من حريته وكرامته.
إن الصحافة في اليمن تعيش مرحلة عصيبة ، فقد أقدمت السلطات ممثلة بلجنة طوارئ تدير البلد بعيداً عن المؤسسات الدستورية ومن خلال وزارة الإعلام على مجزرة شنيعة بحقها، إذ قامت بممارسة القرصنة على الصحف عبر مصادرتها من داخل المطابع كما حدث لصحيفتي الأيام والمصدر ، ومنعت المطابع الحكومية والتجارية من طباعة 6 صحف مستقلة هي النداء والأهالي والشارع والديار والوطني والمصدر، فضلاً عن محاصرتها لمطابع صحيفة الأيام ومنع توزيعها منذ أكثر من أسبوعين ، ناهيكم عن إغلاق المواقع الإلكترونية وجرجرة أكثر من 30 صحافياً خلال أسبوع واحد إلى نيابة الصحافة ، بتهم تهدف إلى إرهاب وتخويف الصحفيين ، إذ تصل عقوبة بعضها إلى الإعدام. إضافة إلى محاكمات سابقة لعدد من الصحف.
ولم تكتف السلطة بذلك فحسب ، بل أنشأت على عجل محكمة استثنائية خاصة بالصحافة والصحفيين .. (لقد كنا نتوقع أن تقوم السلطة بإنشاء محاكم استثنائية خاصة لمحاكمة ناهبي الأراضي، لا لمحاكمة الصحفيين) .. وهذه الخطوة تنم عن سوء نية تبيتها السلطة لهذه الفئة في قادم الأيام ، وهو ما يحتم على الجميع الوقوف بحزم أمام هذه الإجراءات الخطيرة ، ويحتم عليكم التوقف عندها ملياً ، والعمل على استيعاب هذه القضية الهامة ضمن مشاورات الملتقى وقراراته بما يضمن الحفاظ على هذه الركيزة المحورية للديمقراطية. وباسم الأسرة الصحفية، خصوصاً الذين تعرضت صحفهم للانتهاكات، نعتب على أحزاب المعارضة، والقوى الأخرى، التي لم تبذل الجهد المفترض إزاء ما حدث.
أيها الأخوة والأخوات : إننا نعد هذه الإجراءات تراجعاً واضحاً عن التعهدات التي قامت على أساسها دولة الوحدة المقترنة بالتعددية والحريات الصحفية، لاسيما وهي تتم خارج إطار القانون ، وبالاستناد إلى قرارات ذات طابع سياسي من شأنها جر الأوضاع إلى مزيد من التأزم. إن ارتكاب السلطة لهذه المجزرة بحق الصحافة خطوة ارتدادية يمكن أن تليها – إذا ما سمح بتمريرها – خطوات تقضي على المرتكزات الأخرى للوحدة وفي مقدمتها التعددية السياسية.
أيها الأخوة والأخوات إن الوطن يمر بمنعطف خطير، ويعيش أزمات تشمل كل الفئات والمجالات ، ومن الواجب القول اليوم أنه لم يعد يجدي مع ذلك رسم استراتيجيات وتشكيل لجان ، بل لابد من اتخاذ خطوات عملية وعاجلة لفرملة بلد يتجه نحو الهاوية. وما لم يتم إزاحة نظام الاستبداد والفساد بأقرب وقت فإن الجميع سيندم بعد فوات الأوان!
أيها الأخوة والأخوات : إن هذه الملتقى هو الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلد ووحدته وديمقراطيته من خاطفيه، والكثير يعلق آمال كبيرة عليه خصوصاً وأنه لم يعد هناك الكثير من الوقت ..
نتمنى أن يكون هذا الملتقى عند مستوى تلك الآمال والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته