على الرغم من المخرجات الرائعة التي تمخض عنها مؤتمر الحوار الوطني وارتفاع منسوب الآمال والتطلعات لدى كافة اليمنيين عقب الاختتام الناجح للمؤتمر، إلا أن ترجمة النتائج إلى واقع ملموس يتطلب بالتأكيد مضاعفة الجهود وتعاون كافة شرائح المجتمع اليمني. من دون شك، هناك بعض القضايا والمظالم التي لم يتمكن المجتمعون في موفنبيك من التعامل معها نظراً لاستحواذ قضايا أكثر أهمية على حيز كبير من الجدول الزمني للمؤتمر، لكن هناك قناعة تامة لدى اليمنيين بأن الوقت قد حان للشروع في معالجة كافة قضاياهم وإيجاد حلول ملائمة لها بالتزامن مع تطبيق نتائج الحوار.
ومن القضايا التي أثيرت بشكل ملفت على أعقاب مؤتمر الحوار المطالبة بإجراء بعض التغييرات في تركيبة الأقاليم المعلن عنها حيث يعتقد الكثيرون أنه من غير المنصف، على سبيل المثال، أن تظل وصاب وعتمة في إطار محافظة ذمار للكثير من الأسباب الواقعية والمنطقية.
فنتيجة للصعوبات الجمة التي واجهت أبناء هذه المناطق والتي يأتي من ضمنها بعدها عن مدينة ذمار وعدم تمكن المواطنين من الحصول على الخدمات الأساسية بسهولة، فإنهم يعتقدون أن الكثير من مشكلاتهم ومعاناتهم سوف تتلاشى عند ضمهم إلى إقليم آخر.
ما لا يعرفه الكثيرون من مسؤولينا عن سلبيات التقسيم الإداري القديم أن الناس يضطرون لقطع أكثر من محافظة كي يصلوا إلى مركز محافظتهم من أجل تعميد شهادة أو إنهاء معاملة نظراً لعدم توفر الطرقات. وعلاوة على ذلك، تستنزف مثل هذه الرحلة الشاقة والمضنية الكثير من المال والوقت والجهد الذي لا يقوى على تحمله الكثيرون.
لطالما نسج كثير من أبناء الوطن أحلاماً وردية بعد ثورة الحادي عشر من فبراير وخلال اجتماعات مؤتمر الحوار الوطني بأنه سيتم معالجة مشاكل التقسيم الإداري القديم ووضع كل منطقة في إقليمها الملائم، لكن هذه الأحلام كما يبدو للكثيرين لا تزال بحاجة إلى مواصلة النضال السلمي.
ولم تعلن إلى الآن أي مبررات واضحة لتجاهل أعضاء مؤتمر الحوار الوطني واللجان المنبثقة عنه لإشكاليات التقسيم الإداري القديم لمحافظات الجمهورية الذي أنتج الكثير من المشاكل جراء تجاهل التضاريس الخاصة بكل منطقة والتجانس الاجتماعي والثقافي للسكان.
على أي حال، ما يزال أبناء هذه المناطق يعلقون آمالاً عريضة على تفهم رئيس الجمهورية لقضاياهم وحلها على غرار إعلان جزيرة سقطرى محافظة، ويشددون على أن وضعهم في الإقليم الملائم سوف يسهل بشكل كبير من حصولهم على الخدمات الأساسية ويرفع عن كاهلهم معاناة عقود من الزمن.
لقد تمكن مؤتمر الحوار بكل جدارة أن يحدد مواضع الخلل للكثير من المشاكل ويقدم معالجات رصينة ومقبولة للكثير من القضايا الكبيرة والمعقدة، رغم كل الصعوبات والعراقيل التي ما فتئت تنصبها بعض الجماعات والأحزاب التي تضررت من التغيير.
بالطبع، يقدر اليمنيون الجهود الكبيرة التي بذلتها القيادة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية وكل أعضاء مؤتمر الحوار من أجل التوصل إلى حلول مرضية للقضية الجنوبية وقضية صعدة وتحديد عدد الأقاليم والعدالة الانتقالية والجيش والأمن والحكم الرشيد والتنمية، وهناك تلهف واضح من قبل أبناء اليمن قاطبة لقطف ثمار ثورة الشباب السلمية ومشاهدة مخرجات الحوار تنعكس بشكل إيجابي وعاجل على مستقبلهم ومستقبل أجيالهم.