الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصدر أونلاين» في معقل حاشد بمديرية حوث يرصد أبرز الأحداث منذ سيطر الحوثيون عليها
نشر في المصدر يوم 11 - 03 - 2014

شهر ونيف هي الفترة التي قضتها مديرية حوث (130 كيلو متراً شمال غرب العاصمة صنعاء) تحت سلطة جديدة تختلف كلياً عما ألفته تلك المناطق وأبناؤها في السابق، على الأقل خلال النصف الثاني من القرن الماضي.

في ال2 من فبراير الماضي، أعلنت جماعة الحوثيين المسلحة سيطرتها على مدينة حوث وما جاورها، بعد معارك شرسة خاضتها مع مقاتلين من أبناء المنطقة راح ضحيتها العشرات، إن لم يكن المئات، من طرفي الحرب.

ولا تزال الجماعة وموالوها يحتفون بلحظات ذلك الإعلان إلى اليوم. لكن الأمور لم تنتهِ عند هذا الحد، فطموح الجماعة في إحكام السيطرة وتولي زمام كل الأمور في المديرية نجم عنها تداعيات سلبية خلال شهر من سيطرتها، كما أن تلك التداعيات قد تتفاقم أكثر في المُدة الزمنية المقبلة، خصوصاً وأن مسبباتها لا تزال في استمرار.

«المصدر أونلاين» زار المنطقة، للاطلاع عن كثب على ما يجري هناك، ورصدت أبرز الأحداث التي مرت بها مديرية حوث، أحد أهم المعاقل لأقوى قبائل اليمن وهي قبيلة حاشد.

قبل أن تدلف إلى مدينة حوث من مدخلها الجنوبي، عبر طريق ملتوية في منحنى جبلي مُطل على المدينة، يلزمك اجتياز نقطتين أمنيتين يقف إلى جوارها مسلحون حوثيون، وتبعد كل نقطة عن الأخرى مسافة اثنين كيلو متر تقريباً.

النقطتان تتواجدان في الخط الرئيسي الذي يمر من منطقة عجمر، وتُحيط بالمسلحين المتناوبين على الوقوف فيها أكياس ترابية وُضعت لتشكل مربعاً يتسع لشخصين في وسط الطريق الاسفلتي، ويتواجد على جانبي النقطتين خيام ومتارس لمسلحين آخرين.

عند وصولنا النقطة الأولى، كان شابان في مقتبل العُمر يسندان ظهريهما إلى عمود يحمل لافتات كُتب عليها الشعار الحوثي الذي تُعرفه الجماعة ب«الصرخة»، ومتجهين بطريقة عكسية تُتيح لهما مراقبة من يدخل المدينة ومن يودعها، وكانت أكوام من الحجارة عن يميننا، قيل إنها لبناء متارس جديدة في نفس المكان الذي وُضعت فيه، والذي يُشرف على كل جزء من أجزاء مديرية حوث.

بإمكانك أن ترى من المكان ذاته أرضاً مستوية تتجاوز مساحتها 250 كيلومتراً مربعاً، تلك هي غالبية أجزاء وعزل مديرية حوث بمحافظة عمران.

وستلحظ في الجهة اليُمنى مباني سكنية متقاربة فيما بينها، تلك هي عزلة «مدينة حوث» وسوق المديرية الرئيسية، أما الجهة اليسرى فهي عبارة عن مساحات زراعية شاسعة تتخللها بيوت وقرى صغيرة.

وسترى كذلك في الجزء الأيمن مبنى ضخماً هو المجمع الحكومي للمديرية، ينفصل قليلاً عن المدينة والسوق الشعبية. فيما تلمح في الجزء الأيسر بقعاً خضراء كان فيها منزل الشيخ الأحمر، وعلى مد بصرك تظهر مرتفعات جبلية غير آهلة بالسكان كانت ساحة لمعارك هي الأعنف في محافظة عمران. ومن تلك الجبال «قرن دبة» و«قرون قاسم» و«حواري» وغيرها.

في الباص الذي نقلنا من العاصمة صنعاء إلى مدينة حوث، همس أحد الركاب، عند مرورنا من النقطة الثانية، إلى من بجواره «هولا يقولوا الموت لأمريكا ويقتلونا احنا.. حسبنا الله ونعم الوكيل»، تحدث بهذا وهو يرفع قدمه اليمنى، التي يبدو أنها تعرضت لكُسر في إحدى جبهتي القتال بين الحوثيين والقبائل في منطقتي حوث ودنان، من خلال الشاش الطبي الملفوف عليها.

بعشرات الأمتار ربما من النقطة الثانية يصل المسافر «مثلث حوث»، يُخيرك المثلث بين أن تدخل المدينة عبر الخط الرئيسي الذي يصل عمران بمحافظة صعدة، وبين أن تنحني يساراً لتصل إلى الجزء الأيسر من المديرية عبر خط رئيسي يصل بقية مديريات عمران ببعضها وبمحافظة حجة، وهو خط دولي يصل اليمن بالمملكة العربية السعودية أيضاً.

لم تضع الحرب أوزارها بعد، الجميع هنا، من الحوثيين والقبائل، يحملون أسلحة الكلاشينكوف والرشاشة وذخائر احتياطية إضافة إلى بعض القنابل اليدوية.

في المقيل الذي استضافنا، كان هناك من يُعبر عن رفضه بقاء الحوثيين ويصفهم ب«المحتلين»، على اعتبار أن غالبيتهم من خارج المنطقة.

فيما يروي البعض من أبناء القبائل بطولات ل«مجاهد الفهد، وحمير الحاج»، وهما اثنان من قتلى المواجهات مع الحوثيين، يتحدث البعض الآخر عن «استحالة خضوعهم لجماعة الحوثيين والرضوخ لأوامر ممثليها في المديرية».

جماعة الحوثيين نفسها تشعر بأنها لم تُحكم سيطرتها على كل الأمور في مديرية حوث، مثل ما هو متاح لها في محافظة صعدة، ولذلك فهي تسعى جاهدة لاستكمال هذه المهمة؛ غير أن شراسة أبناء القبائل تشكل عائقاً كبيراً أمامها، قد يتسبب في صراعات ومواجهات تشمل كل عُزلة وقرية.

في مدينة حوث رصدنا أكثر من 15 طقماً أمنياً مليئاً بمسلحين حوثيين يرتدون جاكيتات للزي الرسمي لقوات الحرس الجمهوري سابقاً، يطوفون الطريق الاسفلتي وهم في وضع استعداد وترقب، يقفون للانتشار بين الفينة والأخرى.

شعارات الجماعة تكاد تقتصر على نقاطهم المسلحة والمؤسسات الحكومية وبعض المساجد ومنازل بعض الموالين لها الذين يقطنون مركز المدينة، إضافة إلى شعارات ولافتة خضراء رُفعت على منزل واحد فقط من منازل القبائل، صاحبه يُدعى حمود الغريبي، وهو قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

نقاط الحوثيين تطوق المدينة من جميع الجهات، يستحدثون نقاطاً جديدة في الشوارع الفرعية، حيث نصبوا نقطة جديدة، الخميس الماضي، في المدخل الفرعي لمنطقة الخمري، وهو ما اعتبره أحد أبناء المنطقة مخالفة لبنود الاتفاق الذي رعته لجنة وساطة رئاسية؛ تضمن السماح بالمرور في الخط الرئيسي دون غيره.

لا وجود للدولة هنا، أو لوحدات من الجيش والأمن. حين سألنا المرافق عن أفراد إدارة الأمن السابقين وأماكن تواجدهم، أشار إلى موقع يُسمى «بن حمزة»، كانت تتمركز فيه قوات من أمن المديرية، فأصبح موقعاً مسلحاً للحوثيين.

في اليوم الأول لدخولهم «حوث».. سبعة قتلى وجرحى من المسافرين بينهم امرأة وطفلان
بلغت حصيلة القتلى من المسافرين، في اليوم الأول لإعلان جماعة الحوثيين دحرها مقاتلي القبائل، 5 قتلى بينهم امرأة وإصابة طفلين بالحادثين.

وقالت مصادر محلية ل«المصدر أونلاين» إن الحوثيين أطلقوا قذيفة على سيارة «صالون» كانت تُقل 4 من بائعي القات - من بيت العيزري بمديرية شهارة- أثناء مرورهم من مثلث حوث، أدى ذلك إلى مقتلهم جميعاً.

وعقب الحادث بساعات، أطلق مسلحو الحوثي وابلاً من الرصاص على باص أجرة يُقل ركاباً من محافظة حجة، أسفر عن مقتل امرأة وإصابة نجليها.

وقال محمد سعد الدريني إن الحوثيين صوبوا أسلحتهم نحو الباص وأطلقوا النار عشوائياً ما أدى إلى مقتل والدته بعد إصابتها بثلاث طلقات في العمود الفقري، وإصابة شقيقته (12 عاماً) برصاصة اخترقت ساقها وشظايا في الظهر، فيما أصيب شقيقه (13 عاماً) برصاصة في الحوض.

وطالب الدريني في حديثه ل«المصدر أونلاين» الدولة بالقبض على المتهمين، ومعاقبتهم جراء جريمتهم «النكراء» - حسب وصفه.

وقال الدريني إن المتهم الأول والأخير في الحادثة هو جماعة الحوثي؛ باعتبار مسلحيها وحدهم من يتواجدون في مكان الحادث.

واحتجزت جماعة الحوثيين قتلى بيت العيزري مشترطة على أهاليهم الإدلاء بتصريح لقناة «المسيرة» التابعة لهم، يتهمون فيه مقاتلي القبائل، لكنهم رفضوا ذلك؛ واعتبروه «ابتزازاً رخيصاً من الحوثيين»، حسب تصريحات أدلوا بها لوسائل إعلام مختلفة.

حادثة محطة البترول.. مقتل يحيى البروشي وإصابة اثنين آخرين
عقب سيطرة الحوثيين على المدينة بأسبوع فقط، قتل يحيى البروشي وجرح اثنان آخران هما يحيى مسلم وسرحان مسلم، جراء إطلاق الحوثيين النار عليهم؛ بمبرر «تنظيمهم السيارات» في إحدى محطات البترول بالمديرية.

وقال شهود عيان إنهم أطلقوا النار على البروشي وأردوه قتيلاً جوار محطة «عواش» للمواد البترولية في وقت لم يكن يحمل فيه حتى سلاحه الشخصي.

وتسبب ذلك في إصابة يحيى مسلم برصاصتين في يده وقدمه، فيما اخترقت رصاصة أخرى جمجمة سرحان مسلم الذي لا يزال في العناية المركزة بأحد مستشفيات العاصمة.

وقال عادل مسلم إن الحوثيين أطلقوا النار على شقيقه سرحان عمداً ودون أي سبب، مطالباً بإنصاف أخيه بالقبض على الجُناة ومحاسبتهم.

وروى عادل ل«المصدر أونلاين» تفاصيل الحادثة، وقال إن الناس اعتادوا على تنظيم أنفسهم، ولم تحدث أية مشاكل من قبل، لكن الحوثيين يريدون إخضاع الناس لرغباتهم وسيطرتهم. مضيفاً: «وهذا مستحيل».

وتملأ جدران منازل ومحال تجارية في مديرية حوث صوراً ليحيى البروشي الذي قُتل جوار محطة البترول، وأخرى لقتيل في نقطة للحوثيين يُدعى بدر العرجلي.

ذريعة «تأمين الطريق» وإطلاق الرصاص على بدر العرجلي
تتخبط جماعة الحوثيين في تقديم مبرراتها للحرب التي شنتها على مديرية حوث، فتارة تقول إن الهدف فتح الطريق التي كانت تتعرض لقطاعات قبلية، وتارة أخرى تتحدث عن رغبتها في تحرير الناس من الظلم. لكن حادثة مقتل بدر العرجلي على أيدي مسلحين حوثيين أثناء مروره من نقطة «عجمر» دحضت كل تلك المبررات وأسقطت أي مبرر آخر قد تتقدم به.

يقول شيخ مسن ل«المصدر أونلاين»: ما فعلوه ببدر العرجلي جريمة كبيرة لم يفعلها أحد من قبل.

وخلال لقائنا ناصر العرجلي، في العاصمة صنعاء، بدأ بعرض فيديو مصور من هاتفه المحمول لجثة شقيقه بدر، الذي قُتل قبل أسبوعين تقريباً، كان ناصر يتحدث إلي وهو يستعرض الفيديو: «شوف الرصاص اللي في صدره، ويداته (يداه). أكثر من 10 طلقات في أرجله ومثلها في رأسه، كلها جاءت من الخلف.. غدروه غدر».

كان منظر الرصاص في جثة بدر بشعاً للغاية، لا يخلو عضوٌ من أعضاء جسده من رصاصة على الأقل، أطلقوا عليه النار دون رحمة. يسأل ناصر عن وسائل الإعلام التي تغاضت عن الجريمة ولم تتحدث عنها، ويستفسر عما إذا كان هذا هو تأمين الطريق الذي يقول الحوثيون أنهم جاءوا لأجله؟

وكشف ناصر في حديثه ل«المصدر أونلاين» عن لقاءات جمعته بالحوثيين بعد أن سيطروا على حوث وقال: «إن الحوثيين وعدوه بالأمان وعدم المساس به». ويستدرك بالقول: «لكنِي نصحته حين اتصل بي، وقلت له لا تأمنهم، هؤلاء بايغدروبك».

وعن سر انعدام التقطعات القبلية عقب سيطرة الحوثيين على المديرية، قال شيخ قبلي إن قطاع الطرق انضموا لجماعة الحوثيين.

وأضاف الشيخ، الذي طلب عدم ذكر اسمه: «المتقطعون كانوا عملاء للحوثي من قبل، وهم من أدخلوه البلاد، وتواطأوا معه».

مؤسسات ومساجد تحت وصاية الحوثيين
انقض مسلحو جماعة الحوثي فور دخولهم المديرية على مقار المؤسسات الحكومية وسيطروا عليها بالكامل، فيما يبذلون جهوداً جبارة لإخضاع المساجد لإدارتهم بعد أن اتخذوا من بعضها أماكن ليبيت فيها بعض مقاتليهم.

يقبع المجمع الحكومي في المديرية تحت سيطرتهم، وهو مبنى ضخم حديث البناء والتصميم، حولوا مقر المحكمة الابتدائية في المديرية إلى سجن يُزج به من يخالفهم ويقف في طريقهم، فيما أصبحت مبانٍ لوحدات صحية أماكن ملائمة لمبيت المسلحين ومضغ القات فيها، ومنها وحدتان صحيتان في منطقتي «ذو عيد، وذو عناش».

مقر التجمع اليمني للإصلاح في مدينة حوث تحت حراسة مسلحين حوثيين، بعد أن اقتحموه ونهبوا محتوياته، كما أن مقر فرع جامعة الإيمان بالمديرية لا يقل وضعه سُوءاً عن أوضاع بقية المباني والمؤسسات.

عمد الحوثيون إلى تغيير أئمة وخطباء المساجد، علاوة على احتلالهم وإقامتهم في الملحقات الخاصة بها. حيث احتلوا هنجراً يتبع جامع "الصومعة" في المدينة، واستبدلوا الإمام والخطيب بأئمة منهم، وفي هذا المسجد يتوجب على من يحضر صلاة الجمعة الخضوع لعملية تفتيش قبل الدخول.

وفرضوا أئمة وخطباء لمسجدي «المثلث، وبيت العنسي» واحتلوا منزلاً ملحقاً بالأول، وملحقات تتبع الثاني مكونة من مصلى للنساء ومنزل لإمام المسجد وغرف للتدريس، وحولوها مقرات لمسلحيهم الوافدين من خارج المنطقة.

عندما أدينا صلاة الجمعة في مسجد صغير بمنطقة «ذو عناش»، كان غالبية المصلين يحملون أسلحة عليها شعارات الحوثيين، كما أن الجدران الداخلية والخارجية للمسجد مطلية بشعاراتهم أيضاً.

وتعرض صادق المعطري، أحد أبناء المنطقة، للسجن من قبل مسلحي الحوثيين مطلع الشهر الماضي حين حاول طمس شعاراتهم من الجدران الداخلية للمسجد.

وألقى خطبة الجمعة التي حضرناها شاب لا يتجاوز عُمره ال18، يحمل جعبة تلف صدره وأجزاء من ظهره، وتمتلئ بالذخائر وما يقارب 4 قنابل يدوية.

وتحدث الخطيب عن «المسيرة القرآنية» و«مصير الظالمين» و«حب آل البيت»، وعن أشياء أخرى مفهومة وغير مفهومة، وأنهى خطبته بترديد «الصرخة» ثلاث مرات؛ رددها بعده المسلحون الحوثيون.

وفي منطقة «ذو قص»، أفاد شهود من أبناء المنطقة بأن المسلحين الحوثيين يقتحمون بالقوة مسجد القرية كل جمعة ويفرضون خطيباً خاصاً بهم.

وقال الشهود إن هناك دورية بيضاء عليها شعارات الحوثيين تُقل المسلحين والخطيب. وقال مواطن: «إن الحوثيين استحدثوا موقعاً على جبل العادي المُطل على القرية».

وأضاف - رافضاً الكشف عن هويته؛ خوفاً من تعرضه لمكروه من الحوثيين: «إن تواجد المسلحين يضايق الأهالي ويقف عائقاً أمام خروج عائلاتهم ونسائهم، باعتبار منازل المواطنين كلها تحت أعينهم».

مدير عام المديرية: حوث مُحتلة
اعتذر مدير عام مديرية حوث، عبدالغني البروشي، أكثر من مرة خلال الأسبوع الجاري عن إجراء مقابلة صحفية مع «المصدر أونلاين»، بسبب انشغالات وعدم وجود وقت لديه - حسب قوله.

وبعد الإصرار على معرفة رأيه حول الوضع الحالي في حوث، اكتفى بالقول: «حوث مُحتلة، وفيها ظلم واستبداد».

كما اعتذر ثلاثة من أعضاء المجلس المحلي في المديرية عن الإدلاء بأي تصريح، وانتقل غالبيتهم –حسب مصادر- إلى العاصمة صنعاء، عقب سيطرة الحوثيين على المديرية.

يحكم المديرية، حالياً، رجل يُكنى «أبو مالك»، يأتمر مسلحو الحوثيين بأمره، قيل إنه من مديرية «حرف سفيان»، لكن لم يتم التأكد من هويته.

الكل في مديرية حوث يعيش لحظات توتر تنبئ بانفجار الوضع بين الطرفين، خصوصاً وأن غالبية أبناء القبائل يرفضون أي وصاية عليهم؛ في وقت يُمارس مسلحو الحوثيين عكس ذلك.

وفي آخر إحصائية عن عدد القتلى بالمواجهات التي دارت بين الحوثيين والقبائل في منطقتي حوث ودنان، قال مصدر محلي إن 230 شخصاً إجمالي القتلى من القبائل، فيما تتكتم جماعة الحوثيين عن عدد وهوية ضحاياها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.