أدهشها ذلك الذي رأته.. تساءلت هل ما زال هناك مثل هذا الظلم؟ جعلت تشرح لنا بحماس عن اوضاعهم وبكلمات يملؤها الألم على حالهم، علامات الدهشة والمفاجأة التي ارتسمت على وجهها لا تُنسى، قالت بصوت متهدج حزين: إنهم يمنعونهم من الالتحاق بالمدرسة بحجة أنهم «أخدام سود»!!!. هكذا كان حال صديقتي التي تعمل لدى منظمة مجتمع مدني وبعد أن طُلب منها النزول للاشراف على عمل مخيمات لفئة المهمشين ضمن مشروع من مشاريعهم، عادت لتروي لنا تفاصيل المعاناة التي يعيشها هؤلاء، استماتت تشرح لنا كيف انهم لا يستحقون ما يلاقونه من اهانه وتهميش وسوء معاملة..
يا صديقتي أتساءل في وطنٍ لا يؤَمّن الرغيف لجائع، ولا الكسوة لعريان، ولا الأمن لملتاع أو خائف؟؟ وطنُ مثقل بالهموم والجراحات، هزيل تتقاذفه الايدي وتنهشه ايدي سماسرة الموت وعصابات الفساد كيف له أن يلتفت لهؤلاء ومعاناتهم التي ولدت معهم لا لشيء سوى لأنهم ولدوا ببشرة داكنة!!
يبدو ان الناس هنا تستهويهم التصنيفات صنعوا فروقا وتصنيفات ليقسموا انفسهم الى طبقات متباينة!! السيد والمزين والجزار والخادم ووو.
يُرضعون ابناءهم العنصرية ويعززونها في نفوسهم ليكبروا وقد ترسخ في اذهانهم مفاهيم التمييز والفكر المتعصب العنصري لفئة بذاتها، ألم يقل رسول السلام اننا متساوون كأسنان المشط؟! وأن لا فضل ولا افضلية لشخص او سلالة أو عرق (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى..).. أتُراهم يؤمنون بدينٍ آخر غير الذي نعرف؟
عبثاً هو الجدال أو الحديث مع من تشبعوا بالعنصرية والفكر المغلوط، فهذا يفخر بأنه من أسرة كذا وهذا يزعم أنه أعلى مرتبة من بقية الناس لأنه من آل البيت ويبرر القتل والتكفير للآخرين واستباحة الأعراض والدماء بدعوى انه السيد!!
انه السيد الذي يستحق وحده هو وسلالته العيش دون الآخرين لأنهم مطهرين!! وعلى النقيض من ذلك يُستعبد ذلك الملون ويُسلب حقه في الحياة والعيش بكرامة، يُعامل بانتقاص ودونية لينمو معه ذلك الشعور ويحمله حتى الموت.
هكذا هو حال الانسان في وطنٍ يعبث فيه الجهل، ويمارس فيه التجهيل، ويقتل فيه الحلم!!